دعت لجنة العدالة (جمعية سويسرية مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان)، المسؤولين في الحكومة المصرية، إلى احترام حق السجناء في الرعاية الصحية.
وقالت لجنة العدالة، في بيان لها، اليوم الخميس، إنّ حق الدولة في عقاب المواطنين، ينحصر في حرمانهم من الحرية، وأي تجاوز لهذا يعتبر انتهاكاً لحقوقهم في الصحة والحياة. وأنس موسى، 24 عاماً، هو معتقل آخر تقع حياته وصحته تحت رحمة الدولة.
أُصيب أنس في عينه اليمنى أثناء مظاهرة، مما تسبب في مشكلة خطيرة بعينه، وكسْر في الفك، ثم تدهورت صحته وتعرضت حياته للخطر، بسبب أوضاع الاحتجاز غير الصحية، وتأخير إجراء العملية الثانية.
كما أصيب أنس موسى في عينه اليمنى، أثناء مظاهرة بالقرب من ميدان التحرير، يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 2013، استقرت الطلقة داخل العين، وتسببت في كسر بالفك. خضع أنس لجراحة في ديسمبر/كانون الأول 2013، كخطوة أولى في عملية العلاج، وكان من المقرر لجراحته الثانية أن تكون بعد 6 أشهر من الأولى، إلا أنه تم القبض عليه في 1 يونيو/حزيران 2014، ومحاكمته بتهمة التظاهر والانتماء إلى جماعة محظورة، وهو يقضي حالياً عقوبة 5 سنوات في الحبس.
ولم يتم السماح له بإجراء العملية الثانية التي يحتاج إليها، والاكتفاء فقط بزيارات خارجية إلى المستشفى، من 2014 وحتى يناير/كانون الثاني 2017، من دون علاج مناسب.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المنطقة المحيطة بالشريحة التي وضعها الأطباء تحت العين اليمنى بغرض التدعيم، أصيبت بالتعفن والالتهاب. وإذا لم يتم علاج هذا الالتهاب، سيصل إلى المخ، ويعرّض حياته للخطر.
وأكدت اللجنة أن أسرة أنس حصلت، في عام 2016، على تصريح من نيابة جنوب الزقازيق، لعلاج أنس في مستشفى غير حكومي متخصص، وذلك تبعاً لتوصيات الأطباء الذين فحصوه. تم نقله إلى المستشفى المتخصص في حالات الحوادث والطوارئ بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016، وكانت التحضيرات جارية للعملية التي سيخضع لها، عندما تم إخراجه فجأة من المستشفى بعد أقل من أسبوع، وإرساله إلى سجن برج العرب في الإسكندرية، لمدة شهرين، وحرمانه من زيارات أسرته.
وأضافت اللجنة "أُعيد أنس إلى سجن الزقازيق العام، في مارس/آذار 2017، لحضور امتحاناته. وحصلت أسرته، في 1 إبريل/نيسان 2017، على تصريح بنقله إلى مستشفى غير حكومي متخصص لعلاجه، ولكن بدلاً من علاجه تم إرساله، مرة أخرى، بعد فترة وجيزة، إلى سجن المنيا".
وأكدت اللجنة "وُضِعَ أنس في الحبس الانفرادي، بعدما تمت إعادته إلى سجن الزقازيق العام، بداية من مايو/أيار 2017، دون اعتبار لإصابته، وصحته المتدهورة، وبقي هناك لمدة شهر في زنزانة تمتلئ الحشرات، وذات تهوية سيئة، ولم يسمح له بالخروج منها، إلا في موعد الزيارة التي تتكرر مرتين في الشهر. تسبب حرمانه من العلاج، والأوضاع المتردية التي يعيش فيها، في بدئه إضرابا عن الطعام، استمر لمدة 3 أسابيع، وتوقف في 23 مايو/أيار، بعد توسلات عائلته".
"فقد أنس وعيه خلال فترة إضرابه عن الطعام، وأُخرج من زنزانته، وتم تركيب محاليل وريدية له، وإعادته إلى الزنزانة مرة أخرى، كما منعت إدارة السجن أسرته من إدخال أي أدوية له، خلال فترة الحبس الانفرادي، وادّعت أنها توفّر له هذه الأدوية، وأن أنس هو من يرفض تناولها. تسبب إضراب أنس عن الطعام، بالإضافة إلى الظروف الحبس المتردية التي يعاني منها، في سوء حالته الصحية المتدهورة من الأصل" بحسب اللجنة.
ورحبت لجنة العدالة، بالخطوة التي اتخذها مكتب النائب العام بالتحقيق في المسألة، تحت رقم 2049 في 23 مايو/أيار 2017، والحصول على تقارير المحتجز الطبية، والتي لم يُسمح لعائلته برؤيتها. وإن كان قد تم نقل أنس مرة أخرى، بتاريخ 28 مايو/أيار 2017، إلى سجن المنيا من دون سبب واضح، بدلاً من الاستجابة للمطالبات بعلاج المحتجز.
ويكفل الدستور المصري، حق الصحة لكل مواطن في المادة رقم 18. بالإضافة إلى أن المادة رقم 56 تؤكد أن السجن هو مكان إصلاح وإعادة تأهيل، وأنه يجب منع أي أعمال لا تتماشى مع كرامة الإنسان، أو تعرّض صحته إلى الخطر، وفي التعليق العام رقم 14 بشأن المادة رقم 12 المتعلقة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي صدّقت عليها مصر: "تلتزم الدولة باحترام حق الصحة، والامتناع عن أي إنكار أو تضييق في وصول الرعاية الصحية إلى جميع الأشخاص، بمن فيهم المسجونون أو المحتجزون".
وقالت لجنة العدالة "بغض النظر عما إذا كان الحرمان من الرعاية الصحية متعمّداً، أو نتيجة لنقص الكفاءة من سلطات الدولة، فإن السلطات ملزمة قانونياً، وأخلاقياً بالتوقف عن التدخّل، والسماح لأنس بالعلاج". واختتمت اللجنة بيانها بـ"ربما يملكون حق حبس أنس، لكنهم لا يملكون أي حق في تعريض حياته للخطر".