Skip to main content
لباس الدراويش.. حينما تعانق البساطة عوالم الوجد
العربي الجديد ــ الرباط
يدور الدراويش في حلقات الذكر


هي ليست مجرد ملابس عادية، ففي بساطتها يكمن تفردها واختلافها كأصحابها تماماً الذين يلقبون بـ "أهل الله" أو "المولويين" نسبة إلى مولانا جلال الدين الرومي، إذ لا أحد بوسعه أن يخفي انبهاره بزي الدراويش وهم يتهادون في رقصات تسافر بهم إلى عوالم ما ورائية صاغتها حركاتهم المتناسقة وقلبهم الذي زهد في الدنيا وتعلق بحب الله.

البساطة رمز للفناء

تتسم ملابس الدراويش بالاتساع والبساطة والاعتماد بالأساس على الصوف، ومنذ أقدم العصور كان رجال الدين والكهنة يرتدون ملابس خاصة ذات طراز معين (كهنوتية)، هذا بالإضافة إلى أن الاحتفالات الدينية لعبت دوراً كبيراً في انتشار تلك الملابس.

وزي الدراويش له شكل يميزه فهو يصنع من القطن أو الصوف وغالباً ما يقترن ذكره بالخرق والمرقعات والأشرطة الملونة، ويرمز هذا الزي إلى فناء النفس الإنسانية والتقرب إلى الله تذللاً، وأصحابه هم الدراويش أتباع الطريقة "المولوية" لمولانا جلال الدين الرومي.


وملابس الدراويش أو "البزةّ" وسيلة للتعبير عن النفس وانفعالاتها، لدرجة أنهم استمدوا من تلك الملابس وأسمائها وطرق ارتدائها شعاراً لهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر، سُميت طائفة الطيلسان (ضرب من الأكسية يوضع على الرأس والكتفين أو يلقى على الكتفين)، وطائفة "الرداء" وأخرى طائفة "المئزر" وأحياناً أخرى كان يتخذ الاسم من طريقة لبس العمامة كطريقة إرخاء "العذبة" وهي خصلة من الخيوط أو جزء من شال العمامة تتدلى من أعلى العمامة أو الطربوش، أو لف العمامة.

وتعد الجبة أو العباءة، الجلباب (الدراعة) القميص، التنورة (الجونلة)، السروال، الزنار (الحزام) وغطاء الرأس أهم أزياء الدراويش.

جبة مريد ترك الدنيا خلفه

يرتدي الدرويش جبة من القطن أو الصوف فضفاضة لونها أسود أو أزرق مفتوحة من الأمام ذات رقبة مستديرة بأكمام طويلة واسعة، تتدلى جوانبها الأمامية كالعباءة، لذا يجمع "المولوي" أطرافها على إحدى يديه ثم يمسك بأحد هذه الأطراف وينشره إلى الأمام عندما يبدأ الدوران.

التنورة أو الجونلة محور الرقصة

هي التنورة والشكل الساحر في رقصة الدراويش، حيث تبدو وكأنها تعزف ألحان ذلك الجسد "المجذوب" والتنورة هي الجزء السفلي من الزي تبدأ من الوسط، وتنتهي إلى أعلى القدمين وتسمى أيضاً "جونلة" SKIRT وقد دخل هذا اللفظ إلى اللغة العربية عن طريق اللغة الإيطالية، فهي كلمة إيطالية الأصل GONNZLLA بمعنى SKIRT، أي ما يحيط الجسم من الملابس من الخصر إلى القدمين.

أثناء دوران الدرويش في حلقة الذكر ترتفع التنورة على شكل مخروطي، وغالباً ما تقترن بالتنورة الأسمال والخرق والمرقعات والأشرطة الملونة، لرمزيتها عند الدرويش، فهي تعني لديه رمز التفويض، والقبول والتسليم كما أنها تعبير عن دخول "السالك" إلى طريق التصوف.

لباس الرأس أو "تاج" الأمان

يعتبر لباس الرأس القاسم المشترك الأعظم عند الرجال عامة والدراويش خاصة إذ يطلقون عليه "دستور الأمان"، وترتبط العمائم الصوفية بتقاليد خاصة تعارف عليها فيما بينهم، إذ يلقى طرف من العمامة يطلق عليه "العذبة" وجرى العرف أن ترمى إلى الخلف، وهذا يرمز إلى كون الصوفي ألقى ظهره ما دون الحق أما من وضع أمامه الحق وجعله نصب عينيه فليلق "العذبة" إلى الأمام ولم تكن العمائم ذات لون معين إذ كانت فرق الدراويش السنية غير مقيدة بلون خاص بالنسبة لعمائهم وكان الشائع لونان هما الأبيض والأخضر، أما دراويش الفرق الشيعية فكانت من اللون الأسود.

اقرأ أيضاً:ليلة "الحضرة"

أما اليوم فيستبدل أتباع الطرق المعاصرة العمامة بشيء أكبر وأضخم ليكسب المتصوف الوقار والهيبة والرهبة معاً، وهو أقرب في شكله إلى تيجان السلاطين في العصور الإسلامية السالفة، وبما أنه ليس تاجاً بالمعنى الحقيقي لكنهم مع ذلك يسمونه "التاج" تشبيهاً بأولئك السلاطين من جهة وتعبيراً عن وقارهم الذي يستمدونه من البسطاء والعامة من جهة أخرى.

ولا تخرج مكملات الزي عن نعال تسمى "الباي تابه"، والسبح الطويلة المختلفة الأنواع والألوان يلفها الدرويش حول رقبته، لتكتمل لوحته التي يبحث فيها عن التطهير والتحرر.

اقرأ أيضاً: التكية الصّوفية