Skip to main content
غنائم الحروب في لبنان: مناصب يحتلها أشباح
بلقيس عبد الرضا ــ بيروت
السياسيون وبعد انتهاء الحرب نصبوا "أزلامهم" في مؤسسات الدولة(الأناضول)
صحيح أن لبنان احتفل منذ أيام بذكرى الحرب الأهلية، وصحيح أيضاً أن ربع قرن مضى على انتهاء الحرب التي لم تدمر الحجر وحسب، بل البشر من قبل. الحديث عن الحرب الأهلية يقودنا إلى البحث عن النتائج التي أفضت إليها تلك الحرب بين مليشيات لبنانية متصارعة.

النتيجة الأبرز، أو ربما غنيمة الحرب كانت، تولّي قيادات المحاور المراكز والمناصب في الدولة اللبنانية. المؤسسات الحكومية، بجميع قطاعاتها، لا تخلو اليوم من مَن حالفه الحظ، وكان قائداً في إحدى المحاور المشتعلة.

السياسيون وبعد انتهاء الحرب، نصبوا "أزلامهم" في مؤسسات الدولة، البعض يعمل، والآخر يتقاضى راتباً نهاية الشهر دون معرفة مكان العمل أصلاً. هذه الغنائم التي أورثها السياسيون الى المليشيات انعكست بطريقة سلبية على الاقتصاد الوطني، وعلى الانتاجية بشكل رئيسي. في لبنان، وبالرغم من الشغور في الوظائف العامة، إلا أن نسبة المنتسبين الى المؤسسات بعد انتهاء الحرب تُعدّ بالمئات، أو ربما الآلاف.

بحسب الخبراء، فإن أكثر من 20 الى 25 % من الموازنة العامة تخصص فقط لتسديد رواتب ونفاقات الموظفين العموميين، وبالمقابل، نلاحظ أن التقارير المحلية والدولية، لا تتناول سوى تراجع أداء القطاع العام، بسبب الفساد، والمحسوبية. وهنا بيت القصيد، فإن المحسوبية والواسطة التي لعبت دوراً بارزاً في تعيين الموظفين، أفضت الى تراجع القطاع العام بشكل ملموس. اليوم وبعد انتهاء الحرب اللبنانية وتوزيع الغنائم بين السياسيين، لم تختف معالم الواسطة والمحسوبية عن الدخول لمعترك الوظيفة العامة. إدارات عديدة يشغلها موظفون غائبون، يتقاضون رواتب تصل إلى أكثر من الحد الأدنى بأضعاف تبعاً للسلم الوظيفي.

وبحسب خبراء الاقتصاد، فإن اكثر من ربع عدد الموظفين يتقاضون رواتب ولا يذهبون أصلاً إلى أعمالهم، فيما أكثر من ثلث الموظفين يعملون لساعات معدودة داخل القطاع العام، لا تصل إلى أكثر من 10 ساعات أسبوعياً كحد أقصى، وبالمقابل يتقاضون رواتب ومخصصات تثقل كاهل الخزينة العامة.

تظهر الأرقام ان عدد موظفي وأجراء وعمال القطاع العام في لبنان يفوق الـ 270 ألف موظف، لا يعمل كثر من 10% منهم بشكل فعال، فيما الباقون لا يتمتعون بأي خبرات وظيفية، ويحتل بند الأجور في الموازنة العامة أكبر نسبة مئوية تليه خدمة الدين العام مباشرة.
وبحسب الأرقام، تبلغ نسبة الإنفاق على المخصصات والرواتب لموظفي القطاع العام في لبنان 24.55 %من إجمالي الإنفاق العام في الموازنة الرسمية.

هذا ما أظهره مشروع الموازنة للعام 2014. ويحتل الإنفاق على الرواتب والأجور والتعويضات في القطاع العام، قسماً مهماً من موارد الدولة. وبالرغم من ذلك، فإن الإدارة العامة في لبنان تعد الأسوأ بين الدول العربية، بسبب غياب الكفاءات، واعتماد المحاصصة السياسية، وتكريس الطائفية لتولي الوظائف، ناهيك عن غياب الاهتمام بالكادر البشري، وتنمية الموارد، ما يجعل غياب الإنصاف بين الموظفين أمراً محتوماً، يؤدي بطبيعة الحال الى تراجع الانتاجية، وحدوث خلل في أداء الموظفين.

إقرأ أيضا: وزير التجارة التونسي الأحول:نواجه تحدّيات كبرى أهمها الإرهاب والتهريب