حيوانات تركيا في خطر
باسم دباغ ــ إسطنبول
يتظاهر دعماً لحقوق الحيوان (بولنت كيليتش/فرانس برس)

كثيرة هي الحيوانات الأليفة في شوارع مدينة إسطنبول وغيرها من المدن التركية الكبيرة. ورغم محاولات البلديات المختلفة تقديم الرعاية لهذه الحيوانات، سواء من خلال تلقيحها أو تأمين الرعاية الصحية لها، إلا أنّ البعض يسأل عن مصدر هذه الحيوانات، إذ يتحدّر بعضها من سلالات لا تعيش في تركيا ولا تستطيع العيش في تركيا بسبب طبيعتها المناخية.

الجمعيّات الحقوقيّة العاملة في مجال حقوق الحيوان تتحدث عن فجوة كبيرة في ما يتعلق بتطبيق القوانين التركية الخاصة بحماية الحيوانات. وتشير إلى أن استقدام الحيوانات الأليفة يعد تجارة رائجة للغاية، وعادة ما يتولّاها أبناء دول الاتحاد السوفييتي السابق، ودول أوروبا الشرقية كرومانيا وبلغاريا، أو حتى مواطني يوغسلافيا السابقة، الأمر الذي يشير إليه المستشار القانوني لاتحاد حقوق الحيوان في تركيا، أحمد كمال شينبولات.

يقول شينبولات إن "مواطني الدول الشيوعية السابقة، والتي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، يعتبرون الحيوانات الأليفة مصدر دخل إضافي لهم، خصوصاً حين يأتون إلى تركيا. هؤلاء يدخلون القطط والكلاب إلى تركيا من خلال استخدام حقائب أو أقفاص أو حتى أكياس، من دون أن يتنبه أحد إليهم، ومن دون تطبيق سلطات الجمارك التركية القانون التركي المتعلّق بإدخال الحيوانات إلى البلاد". يضيف أن "الخطورة لا تنحصر فقط بهذه الحيوانات، إذ إنها قد تشكّل خطراً على الحيوانات الموجودة في تركيا وعلى الإنسان، خصوصاً تلك التي تدخل البلاد من دون أية رقابة صحيّة. لكن للأسف، تحوّلت التجارة بهذه الحيوانات في تركيا خلال الأعوام الأخيرة إلى تجارة غير مشروعة تديرها شبكات".

ويشير شينبولات إلى أنّ المشكلة تتعلّق بالقانون التركي الخاص بالتهريب، والذي يعتمد في تصنيفاته الجزائيّة على التفريق في أمر أساسي، وهو ما إذا كانت عمليّة التهريب فردية أو ضمن شبكة "ورغم تحذيراتنا المتكرّرة لإدارة الجمارك التركية، تعامل كل محاولات تهريب الحيوانات المدللة على أنها محاولات تهريب فردية، وبالتالي لا يحجز المتهم أثناء المحاكمة، وتنحصر العقوبة في دفع غرامة مالية. وبما أنّ المتهم أجنبي ويمكث في تركيا لقترة قصيرة، فلا يكون هناك التزام بالإجراءات القانونية، أو أنه لا يكون موجوداً لأخذ إفادته مرة أخرى، وقد لا تحصل الدولة على قيمة الغرامات المالية".



يتراوح سعر الجرو الذي يدخل تركيا ما بين ٥٠٠ و١٥٠٠ دولار. وفي هذا السياق، يقول أحد أصحاب المتاجر التي تبيع الحيوانات الأليفة في إسطنبول، كمال جتين: "لا يزيد سعر الجرو في دول المنشأ عن ٣٠ دولاراً، إلّا أنه يصل إلى تركيا بطريقة غير شرعية، بعد حقنه بأدوية تفقده الوعي قبل الوصول إلى المعابر الجمركية كي لا يصدر صوتاً. بطبيعة الحال، ينفق عدد منها. لكن مهما كان عدد الجراء النافقة، فإنّ التجارة تبقى رابحة. يضيف: "بالنسبة لي، لم أعد أتعاون مع هؤلاء التجار لأسباب كثيرة، وصرت ألجأ إلى تزويج بعض الأنواع". يتابع: "بعدما عثرت على جرو أنثى من نوع روت فايلر في مركز لرعاية الكلاب التابع لإحدى البلديات، وحصلت عليها مجاناً، اعتنيت بها وتمكنت من تزويجها بكلب من الفصيلة نفسها، وأنجبت سبعة جراء، بعت خمسة منها بأسعار تتراوح ما بين ٣٠٠ و٥٠٠ دولار".

من جهتها، تؤكّد الناشطة في اتحاد حقوق الحياة للحيوانات "هاي كونفد"، يارن يالجنكايا، وجود مشكلة اجتماعيّة في التعامل مع الحيوانات المدلّلة، مشيرة إلى "ضرورة إدراك أن هذه الحيوانات هي أرواح وليست للتسلية، ولا يمكن إهداؤها أو التخلّص منها في وقت لاحق بحجج مختلفة وغريبة. في بعض الأحيان، يعزو أحدهم رمي كلبه في الشارع إلى مدى تحمّل زوجته". تضيف أنّ نحو ٦٠ في المائة من الحيوانات التي يلجأ أتراك إلى اقتنائها ينتهي بها الأمر في الطرقات ومراكز العناية التابعة للبلديات، حيث لا تحصل على العناية الكافية. وتلفت إلى أنّها لن تنسى اليوم الذي رأت فيه كلباً من نوع سانت برنارد، والذي يفترض أن يعيش في جبال الألب السويسريّة، في أحد شوارع مرمريس في فصل الصيف.

تشير يالجنكايا إلى أنّ استقدام وبيع الحيوانات يعدّ تجارة هامّة في تركيا في الوقت الحالي. وبطبيعة الحال، تتحمّل إدارة الجمارك نصيباً من المسؤولية، لكنّ الأمر يرتبط أيضاً بقلّة المعرفة من قبل المواطنين بهذه التجارة التي لا رحمة فيها. تضيف أنه "لا جدوى كبيرة لمحاولاتنا بسبب المستوى الذي وصلنا إليه. يجب على الدولة التحرّك لتعديل قوانين اقتناء الحيوانات ومنع هذه التجارة على غرار العديد من الدول الأوروبية، عدا عن دعم حملات التوعية". وتشير إلى أنّ مراكز العناية بهذه الحيوانات كثيرة، ويمكن للراغبين في اقتنائها التوجه إليها من دون أن يترتب عليهم أية كلفة مادية. لكنّ تكمن المشكلة في أن البعض يرى هذه الحيوانات قذرة ولا يجب التعامل معها، ويفضلون دفع الأموال للحصول على حيوانات تعد نظيفة بالنسبة إليهم.