Skip to main content
بغداد تُحكم قبضتها على نفط كركوك
أكثم سيف الدين ــ بغداد

سيطرت القوات العراقية، أمس، على حقول النفط والغاز في مدينة كركوك، فضلا عن شركة نفط الشمال ومقرات أخرى بلا قتال، بعد انسحاب قوات البشمركة الكردية منها بشكل طوعي، إثر تقدّم قوات مشتركة تابعة للحكومة العراقية إليها، ما أدى إلى توقف الصادرات النفطية في هذه الحقول.
وأعلنت وزارة النفط العراقية أن السلطات الكردية وافقت على تجنب القتال في حقول النفط بالمحافظة وتسليمها للسلطات الاتحادية. ووفقا لمصادر في الحكومة العراقية، فإن بغداد هدّدت القيادة الكردية بأن أي محاولة للإضرار بحقول النفط أو تعمّد إحداث معارك قربها يؤدي إلى حرائق بها يعني قطع بغداد تكاليف ذلك من موازنة الإقليم السنوية. 

وقال وزير عراقي بارز في بغداد، طلب عدم الإشارة إلى اسمه، لـ"العربي الجديد" إن أربيل تفهم جيدا معنى اشتعال أحد حقول النفط، فهو عوضا عن الأضرار البيئية يعني خسائر بمليارات الدولارات، خاصة أن شركات أجنبية تعمل في بعض الحقول، لافتا إلى أن الحقول باتت تحت سيطرة بغداد، ومن المرجح استئناف التصدير بعد عودة المهندسين والموظفين إلى مركز السيطرة وشركة نفط الشمال المسؤولة عن التصدير إلى وظائفهم، اليوم الثلاثاء، أو في خلال الأيام المقبلة بشكل طبيعي.
وأكد أن التصدير، سواء بالصهاريج أو أنابيب نفط جيهان، توقف، أمس، بسبب الأوضاع العسكرية والأمنية، وعدم تمكن موظفين من الوصول إلى الحقول والمنشئات النفطية، موضحاً أن التصدير عبر تركيا لن يتوقف، وتم إبلاغ الجانب التركي بذلك.
وقالت قائد عسكري في الفرقة التاسعة بالقوات العراقية، العقيد فيصل أحمد، لـ "العربي الجديد"، إن الحقول والمنشئات النفطية سالمة ولم يصبها أي ضرر، وحاليا تتواجد بها القوات العراقية، وستنسحب منها في وقت لاحق، لتحل مكانها شرطة حماية النفط. وأوضح أن العمل سيكون سلسا كما كان في حقول بابا كركر وباي حسن ونافانا جمبور ونانه وخباز وباقي الآبار النفطية الأخرى.
من جهته، أكد النائب عن التحالف الكردستاني، ريبوار طه، لـ "العربي الجديد"، أنّ "قوات البشمركة أخلت حقول النفط بلا قتال، لمنع حدوث كارثة".
وتعد كركوك خامس أكبر محافظة عراقية، ومن أهم المحافظات الشمالية بسبب ثروتها النفطية الهائلة، لاحتوائها على عدد من حقول النفط التي يمثل إنتاجها جزءا مهما من صادرات النفط العراقي.
وتقدر كمية النفط المخزون في حقول كركوك بأكثر من 10 مليارات برميل، بقدرة إنتاجية تزيد عن 500 ألف برميل يوميا.
وأول حقول النفط المكتشفة في كركوك هو حقل بابا كركر الذي شهد تدفقا تلقائيا للنفط عام 1927، واستخرج النفط منه بصورة منتظمة عام 1934، كما توجد في كركوك حقول نفطية أخرى مثل حقول باي حسن الجنوبية، وحقول هافانا، وحقول خباز، وحقول جمبور. وتتميز حقول نفط كركوك بالجودة والغزارة، ويعتبر نفطها من الأنواع الخفيفة القياسية، كما تحتوي هذه الحقول على غاز H2S الذي يتطلب المعالجة قبل التصدير.
وبعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 تعرضت حقول النفط في كركوك إلى أكثر من 120 ضربة تخريبية، ما أدى إلى تحمل الدولة العراقية خسائر كبيرة تقدر بمليارات الدولارات، وظلت حقول النفط في كركوك محل خلاف مستمر بين الحكومة العراقية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان حتى دخول تنظيم "داعش" إلى الموصل ومدن عراقية أخرى، منتصف عام 2014، إذ فرضت سلطات إقليم كردستان سلطتها على حقول النفط هناك، وبدأت تصدير النفط عن طريق تركيا من دون التنسيق مع الحكومة الاتحادية، وهو ما أفرز أزمة حادة بين بغداد وأربيل استمرت لغاية اللحظة.
وفي آخر إحصائية لشركة نفط الشمال صدرت في يوليو/تموز الماضي، فإن عمليات الإنتاج وضخ النفط من حقول كركوك وباي حسن وهافانا وصل إلى 300 ألف برميل يوميا عن طريق ميناء جيهان التركي، موضحة أنّ الإنتاج في الحقول الأخرى يتجاوز 200 ألف برميل يوميا.
لكن أطرافا حكومية عراقية تتهم إقليم كردستان بسرقة أموال النفط المصدر، وتؤكد أنّ الإنتاج يفوق الرقم المعلن بكثير، وتشير إلى تصدير نحو مليون برميل يوميا تذهب عائداتها إلى وزارة الموارد في الإقليم، وهو ما دعا الحكومة العراقية إلى إصدار قرار مؤخرا بملاحقة أموال الصادرات النفطية من الإقليم دون علم بغداد.
وتسعى الحكومة العراقية إلى زيادة الضغوط الاقتصادية على حكومة إقليم كردستان، للتراجع عن استفتاء الانفصال الذي أجري يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي. وتسببت ضغوط حكومة بغداد والدول المجاورة (إيران وتركيا) في خسائر باهظة للإقليم، وكانت وزارة النفط العراقية أعلنت، الثلاثاء الماضي، أنه ستتم إعادة فتح خط أنابيب نفط قديم يصل إلى تركيا متجاوزا الخط الذي تديره حكومة إقليم كردستان العراق، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمهيدية بهدف إيقاف تصدير النفط عبر خطوط النفط المارة بإقليم كردستان العراق، إلى ميناء جيهان التركي.