رئيس الوزراء الجزائري: سنشكل حكومة تكنوقراط وأدعو لإقامة دولة قانون جديدة
عثمان لحياني ــ الجزائر

أعلن رئيس الحكومة الجزائرية نور الدين بدوي، اليوم الخميس، عن بدء مشاورات لتشكيل حكومة تكنوقراط تضم كفاءات، سيتم الإعلان عنها بداية الأسبوع المقبل، وسط دعوات ملحّة للمعارضة للمشاركة فيها لـ"المساهمة في التوجه بالبلاد إلى جزائر جديدة عبر مرحلة انتقالية".

وقال بدوي في أول مؤتمر صحافي يعقده منذ تعيينه الأحد الماضي من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إنه بدأ المشاورات الأولية لـ"تشكيل حكومة تكنوقراط تضم كفاءات من الشباب الجزائري، ولن تتجاوز مهمتها السنة"، موضحا أن "مهمة حكومتي محددة بوقت أقل من سنة، وسيتم بعد تشكيل الحكومة الإعلان عن الهيئة التي ستشرف على ندوة الوفاق الوطني، وهي ندوة حرة وسيدة ستحدد المعالم الدستورية، وخطوات المرحلة الانتقالية".

وهذه هي المرة الأولى التي يقر فيها رئيس حكومة ومسؤول جزائري بحاجة البلاد إلى المرور عبر مرحلة انتقالية، بعد فترة كانت السلطة وقادة أحزاب الموالاة يهاجمون بحدة قوى المعارضة عند الحديث عن الحاجة إلى مرحلة انتقالية، بمبرر أن الجزائر ليست في أزمة ولا تحتاج لذلك.

ودعا رئيس الوزراء الجزائري الجديد إلى "حوار شامل لتجاوز الخلافات"، وحث المعارضة وقادة الحراك الشعبي على القبول به، مشيراً إلى أن "الأولوية حالياً تتمثل في تشكيل الحكومة، ثم وضع الآليات اللازمة للندوة الوطنية".

وأضاف: "أدعو كل الشركاء الموجودين في المعارضة للحوار والاستماع إلى بعضنا، وأبوابنا مفتوحة للجميع، لأن الوطن يتطلب منا العمل معا.. يجب أن نعمل معا وبتكاتف الجميع لحساسية الظرف في البلاد"، مشيرا إلى أنه يجب إنهاء حالة انعدام الثقة بين السلطة ومختلف الفئات الاجتماعية.

وتوجه بدوي إلى القوى السياسية والشعبية بقوله "أخاطب في كل واحد منا ضمير الجزائري المخلص المدرك لقيمة الأمن والطمأنينة، وأن نعمل يدا واحدة، لا هم يشغلنا غير هم الوطن، ولا هدف نرجو إلا جزائر قوية وآمنة، والمضي نحو مستقبل أرقى وفضاءات أرحب لتكريس دولة الحق والقانون".

وتأتي دعوة بدوي بعد يوم واحد من عقد أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر اجتماعاً موسعاً، ضم كوادر من الحراك الشعبي وناشطين مستقلين، هو الثالث من نوعه منذ بداية الحراك الشعبي في الجزائر في 22 فبراير/شباط الماضي، لإعلان موقف مشترك من خريطة الطريق التي طرحها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وبدء صياغة خطوات المرحلة الانتقالية. 

وتهرب رئيس الحكومة الجزائرية من الرد على سؤال حول عدم وجود أي أساس دستوري يسمح للرئيس بإرجاء الانتخابات، عدا حالة الحرب وتهديد السلامة الوطنية، وفقا للمادة 107 من الدستور، مشيرا إلى أن "بوتفليقة قدّر، وفقا لمسؤولياته السياسية والوضع الراهن، اتخاذ القرار الذي يهم مصلحة البلاد".

في سياق آخر، نفى بدوي إصداره كوزير للداخلية في الحكومة المقالة أية تعليمات للأجهزة الأمنية تخص مراقبة الناشطين وملاحقتهم، كما تعهد برفع القيود عن تنقل بعض الناشطين والأفراد.

وعبر المسؤول الجزائري عن اعتزازه بالطابع السلمي للمسيرات التي تشهدها الجزائر، وقال "الساحة الجزائرية تشهد حركية سياسية خاصة، سلمية وحضارية، للتعبير عن انشغالات مواطنينا وتطلعاتهم. حركية شهد لها العالم أجمع بالمستوى الراقي، كما شهد بحضارية ووعي المواطن الجزائري في التعبير عن مطالبه، وهو الأمر الذي نثمنه وتجاوب معه الرئيس بوتفليقة بتفهم كبير وفوري".

وقرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لفترة ولاية خامسة بعد احتجاجات حاشدة، وعيّن بدوي رئيسا للوزراء هذا الأسبوع بعد استقالة سلفه أحمد أويحيى.

وأكد المسؤول الجزائري أن تأجيل الانتخابات الرئاسية "جاء استجابة لرغبة الشعب"، مشيرا إلى أن الانتخابات المقبلة "ستخضع لإشراف لجنة مستقلة".

وتنسجم دعوة بدوي للحوار مع المواقف التي أعلنتها السلطات الجزائرية عقب عودة بوتفليقة من جنيف إثر رحلة علاج، إذ شددت في أكثر من مناسبة على استعدادها للحوار مع مختلف قوى المعارضة السياسية والشعبية في البلاد، ولإشراك الحراك الشعبي والمستقلين في الحكومة التي كلف بتشكيلها وزير الداخلية السابق.

وكانت قوى المعارضة قد اتفقت، في اجتماع أمس الأربعاء، على رفض المقترحات السياسية المتضمنة في الرسالة الأخيرة التي نشرت باسم الرئيس بوتفليقة، والتي تطرح تعهدات سياسية تتصل بإجراء تعديل حكومي شامل، وعقد مؤتمر وفاق وطني.

وعبّرت القوى السياسية المشاركة عن رفضها للخطوات التي يطرحها الرئيس بوتفليقة، باعتبارها خطوات توجد خارج الخط والدستور، وناقشت الخطوات الانتقالية البديلة والممكنة، بشأن اقتراح حكومة وحدة وطنية تقودها شخصية توافقية، وأفكارا أخرى تتصل بالمجلس التأسيسي وهيئة تأسيسية لصياغة الدستور ومؤتمر وفاق وطني.

وبذلك، تضيق الخيارات على الحكومة والسلطة في الوقت الحالي، بعد رفض المعارضة السياسية والحراك الشعبي والشخصيات المستقلة للخطوات التي تقترحها الحكومة، برغم محاولة السلطة استغلال أبرز شخصيتين دبلوماسيتين في الجزائر، هما المبعوث الأممي السابق الأخضر الإبراهيمي، ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، إضافة إلى دعوات لأكبر حشد شعبي ومظاهرات وصفت بـ"جمعة الرحيل".