Skip to main content
التلوّث يزيد الأمراض التنفسية في إيران
فرح الزمان شوقي ــ طهران
يحاول حماية نفسه من التلوث (فاطمة إبراهيم/ الأناضول)
تزداد نسب الأمراض التنفسيّة في إيران نتيجة التلوّث والتغيرات البيئية. وتشهد إيران شحاً في تساقط الأمطار، إلا أنها تسعى إلى إعداد خطط تظهر نتائجها على المدى الطويل

لطالما أدّت المشاكل البيئية التي تعاني منها إيران، لا سيما العاصمة طهران، بسبب موقعها الجغرافي أولاً والعوامل البشرية ثانياً، إلى تبعات أخرى أثّرت وما زالت على صحة المواطنين. ومع ارتفاع نسب التلوث في فصل الشتاء، وزيادة هبوب الرياح والأتربة خلال الفصول الأخرى، تزيد نسبة الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي، بحسب كليات طبية إيرانية.

ووفقاً للهيئة العلمية التابعة لجامعة إيران للطب البشري، فإنّ عدد الإصابات بالربو في طهران وحدها ارتفع مؤخراً بنسبة 14 في المائة، ويرتبط ذلك بالتلوّث أولاً. دراسات أخرى أشارت إلى أن 5 إلى 14 في المائة من الإيرانيين يصابون بالربو نتيجة عوامل مختلفة.

سعيد نقيبي هو أحد هؤلاء. يعاني من الحساسية الموسمية التي تزداد أعراضها خلال فصل الربيع. يقول إن الطقس في طهران أصبح أكثر جفافاً خلال السنوات الأخيرة، ما يزيد من معاناته. ويؤكّد أنّ هطول الأمطار بشكل أكثر غزارة خلال فصل الربيع هذا العام جعل الأمور أفضل نسبياً، لكن هذا لا يتحقق دائماً. ويشير نقيبي إلى أن العواصف الترابية التي بدأت طهران تعاني منها خلال السنوات الأخيرة أدت إلى زيادة المشاكل الصحية بشكل عام.




في هذا الإطار، يؤكّد الطبيب المتخصص بالحساسية والأمراض التنفسيّة، مسعود موحدي، صحّة التقارير الطبية التي تحدثت عنها كلية الطب في جامعة إيران، مستدلا أيضاً بعدد المراجعات والزيارات إلى المستشفيات والعيادات. ويذكر أنّ نسب الإصابة بالأمراض التنفسيّة والربو والحساسية زادت كثيراً خلال الآونة الأخيرة، منها ما يتعلّق بعوامل وراثية، إضافة إلى البيئة. هذه الأمراض لا تنحصر بعمر معين بل تصيب شرائح عمرية مختلفة، ويوضح أنها تزداد مع هبوب الرياح والعواصف الترابية. ويشرح أنه من الناحية الطبيّة، يتولى الطبيب تشخيص الحالة، وتحديد أسباب الحساسية أو المرض التنفسي، ويطلب من المريض الابتعاد عنها، وقد يصف له حقناً وأدوية.

هذه الحلول الطبية ليست جذرية بطبيعة الحال، وتزداد الأعراض سوءاً مع تفاقم المسببات. على سبيل المثال، يؤدي الجفاف في عدد من المحافظات الإيرانية إلى هبوب الرياح المحمّلة بالغبار، وتتحوّل إلى عواصف تؤدي إلى انعدام الرؤية أحياناً. وفي إبريل/ نيسان الماضي، أدى هبوب عواصف رملية في إقليم سيستان وبلوشستان الواقع جنوب شرق إيران، إلى إصابة 78 شخصاً بالاختناق، ناهيك عن تطور حال المصابين أساساً بالربو والحساسية.

وفي خوزستان الواقعة جنوب غرب البلاد أيضاً، وبحسب الإدارة التابعة لوزارة الصحة في تلك المنطقة، فإن عدد الأفراد المصابين بأمراض مزمنة كالالتهابات الرئوية والربو، ارتفع مؤخراً، نتيجة التلوث الناتج عن المنىشآت النفطية والغاز والبتروكيماويات والعواصف الرملية.



ونقلت وكالة "إيسنا" عن الإدارة تأكيدها أن هذه الأمراض قد تؤدي أحياناً إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين. كما أن التبعات لا تتوقف عند الأمراض الجسدية، بل تتعداها إلى مشاكل نفسية، منها التوتر والعصبية. وتلفت إلى أنها تجري في الوقت الراهن دراسات مخبرية على أنواع من التربة الموجودة في خوزستان لمعرفة ما إن كان فيها فيروسات وجراثيم تؤدي إلى مشاكل صحية. وأشارت إلى أن نسبة الإصابة بالربو في خوزستان وحدها تبلغ 16 في المائة، و9 في المائة في عموم البلاد.

من جهتها، بيّنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" في تقرير خاص أنّ 40 في المائة من المصابين بالحساسية الموسمية قد يصابون بالربو، بسبب وجود عوامل قد تنعكس سلباً على حالتهم. ويقول مدير اللجنة الوطنية المتخصصة بمكافحة العواصف الترابية، علي محمد طهماسبي، إن هناك عوامل داخلية وخارجية. فمسألة هبوب الرياح المحملة بالأتربة زادت كثيراً خلال السنوات الأخيرة بسبب الجفاف بشكل رئيسي. يضيف لـ "العربي الجديد" أن إيران موجودة في إقليم جاف، وترافق هذا مع قلّة معدلات هطول الأمطار خلال السنوات الأخيرة.

ويؤكد طهماسبي أن هذه اللجنة تتعاون مع وزارة الصحة في الوقت الراهن، وقد وضعت خططاً بعيدة المدى، إذ لا يمكن تحقيق نتائج في المدى القريب، باعتبار أن العوامل صعبة ومعقدة، وجزء منها يتعلّق بالبيئة والشروط المناخية والجوية. يضيف أن هذه الخطط تحتاج إلى تطبيق تدريجي، معتبراً أن من يتحمل المسؤولية ليست العوامل البيئية وحدها، بل عدم وجود إدارة وطريقة منظمة للتعامل مع كوارث من هذا القبيل. يضيف أن التعاون بين الجهات المعنية والتركيز على الحلول والبدء بتطبيقها قد يؤدي إلى التقليل من التبعات الصحية التي تنعكس على المواطنين.

وتعاني طهران من التلوّث معظم أيام العام، بسبب موقعها الجغرافي المنخفض نسبياً، إضافة إلى كونها محاطة بسلاسل جبلية، وعوادم ما يقارب أربعة ملايين مركبة، عدا عن الدراجات النارية. كما أنّ هبوب العواصف الرملية، خصوصاً في فصلي الربيع والصيف، يزيد من التلوث. وبعيداً عن العاصمة، تعاني مناطق كثيرة من الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى غياب التشجير أو تحويل مسار الأنهار.




في وقت سابق، قال رئيس مؤسسة الحفاظ على البيئة عيسى كلانتري، إنّه على الإيرانيين أن يدركوا أن مرحلة توفر المياه قد انتهت، وقد دخلت البلاد في مرحلة جديدة عنوانها شح المياه. أضاف أن العام الماضي كان من أكثر الأعوام شحاً منذ خمسين عاماً. أضاف أن عدد الإيرانيين البالغ 80 مليوناً إلى تزايد، تزامناً مع انخفاض نسبة هطول الأمطار بمعدل 20 في المائة، ما يعني أن الجفاف والتلوث والعواصف ستؤدي إلى تبعات سلبية.