عمال الشواطئ في مصر: الأزمة الاقتصادية تضرب الأعمال الموسمية

عمال الشواطئ في مصر: الأزمة الاقتصادية تضرب الأعمال الموسمية

18 مايو 2024
على أحد شواطئ الإسكندرية، 6 يوليو 2023 (فريد قطب/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مهن موسمية على شواطئ الإسكندرية تواجه تحديات بسبب الأوضاع الاقتصادية، مما يؤثر على دخل العاملين ويدفعهم للبحث عن فرص عمل بديلة.
- ارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية يضطر العاملين لتقليص نشاطاتهم أو تغيير السلع المعروضة، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية عليهم.
- العاملون يحاولون تقديم خدمات مميزة لجذب الزوار رغم التحديات، مع التأكيد على أهمية دعم هذه المهن لتجاوز الأزمة الاقتصادية والحفاظ على مصدر رزقهم.

مع حلول فصل الصيف يستعيد عدد من مهن الشواطئ نشاطه في محافظة الإسكندرية شمالي مصر، ويجد أصحاب عشرات الحرف الموسمية في ازدحام المصايف موسما للرزق ينقذهم من البطالة وتوفير لقمة العيش لأسرهم.

ومن موسم إلى موسم، ينتظر العديد من العاملين في هذه المهن بشغف وحماس توافُد المصطافين إلى شواطئ المدينة التي تمتد على ساحل البحر المتوسط من المعمورة شرقا إلى العجمي غربا، وذلك لتحسين أوضاعهم المعيشية. لكن الأمر بدا مختلفا هذا الموسم من جراء الأوضاع الاقتصادية شديدة الصعوبة التي انعكست على عمال الشواطئ في ظل غلاء المعيشة وظروفهم المأساوية التي تراوح بين الأجور المتدنية وقلة فرص العمل.

العشريني عادل محمود يقول إنه اعتاد على التعاون مع أصدقائه، لبيع التسالي والمأكولات الخفيفة مثل الذرة والتين الشوكي إلى جانب الفريسكا على كورنيش الإسكندرية، إلا أن هذا العام اكتفى ببيع بعض الأطعمة التي تُعدها والدته بسبب الغلاء وارتفاع أسعار مواد الخام وتراجع حركة البيع.

ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن الأزمة لا تطاول تجارته فقط، بل تمتد إلى العديد من أصحاب مهن الصيف، خاصة على الشواطئ، الذين ينتظرون أشهر الصيف لبيع سلعهم للإنفاق على أسرهم طوال العام، إذ اضطرت الغالبية إلى البحث عن فرص عمل أخرى بعد تقلص مبيعاتهم وأرباحهم، مشيراً إلى الهموم اليومية لعمال الشواطئ أو الباعة الجائلين بداية من انخفاض الأجور وعدم حصولهم على تأمين أو رعاية صحية.

ويتفق معه سعد السنهوري المتخصص في تجارة ملابس البحر على الشواطئ، الذي أكد أن تجارته وهي مورد رزقه الوحيد تأثرت بالأزمة الاقتصادية والتي ساهمت أيضا في زيادة الأعباء على غالبية العاملين في هذا المجال. ويشرح: "اعتدت في السنتين الأخيرتين بيع ملابس البحر بشكل دوري وكان العمل والإقبال معقولَين إلى حد ما، إلا أننا في الفترة الأخيرة نواجه تقلبات كبيرة وتراجعاً في حركة البيع وهو ما أثر كثيرا على احتياجاتنا الأساسية وبالكاد نغطي مصاريف البيت اليومية".

أزمة عمال الشواطئ

ويشير سعد إلى أنه يبحث عن فرص عمل أخرى ليستطيع تأمين قوت يومه له ولأسرته، بعدما لاحظ تراجعا في إقبال رواد الشواطئ على المنتجات التي يبيعها هذه الأيام بعد انخفاض القدرة الشرائية للكثير منهم. بدوره، يقول سرور عبد الشافي، الشاب الجامعي، أثناء بيعه عدداً من العوامات والمجسمات البلاستيك التي يلعب بها الأطفال على الشاطئ: "أعمل في الصيف لمساعدة أسرتي والإنفاق على دراستي، لذلك دائما ما تكون فترة الشتاء طويلة وصعبة بالنسبة لنا نحن العمال في مهن موسمية التي لم تعد ذات جدوى أو عائد كبير".

ويقول محمود سردينة، أحد مؤجري ألعاب المياه في شاطئ غرب الإسكندرية، لـ"العربي الجديد": "نحرص على تقديم جميع الخدمات المميزة للزوار، بداية من تأمين كراسي ومظلات الشاطئ، وتوفير الألعاب المائية والأنشطة الترفيهية بأسعار مناسبة، وتوفير المشروبات المنعشة والوجبات الخفيفة، مما يعزز متعة وراحة الزوار، ويزيد سعادتهم، وفي الوقت ذاته يخلق أبوابًا من الرزق لعمال الشواطئ. ويشير إلى قيامه وغيره من أصحاب الكافيهات المنتشرة على كورنيش المدينة بالاستعانة بعدد من العاطلين خاصة من الشباب وتوفير فرصة عمل لهم لتلبية الطلب المتصاعد خلال أشهر الصيف.

ويلفت إلى تراجع عدد المصطافين في السنوات الأخيرة، بسبب الأزمة الاقتصادية والغلاء الذي أثر على عادات المصريين في المصايف واستنزف ميزانية الأسر، وهو ما أصاب الجميع بأضرار فادحة. أما سارة حجاج التي تقوم بتقديم المشروبات والمثلجات لرواد أحد شواطئ شرق الإسكندرية، فتقول لـ"العربي الجديد"، إنها تمارس هذه المهنة الموسمية المؤقتة كل صيف للهروب من شبح البطالة والفقر المسيطر طوال العام بعدما اضطرت لعدم استكمال تعليمها وتركت المدرسة في المرحلة الإعدادية.

ولم تخف سارة مخاوفها من صعوبة المحافظة على مهنتها مع ارتفاع الأسعار، وبالتالي انخفاض الأرباح بشكل كبير بسبب اشتداد المنافسة رغم قلة الزبائن. ويرى الدكتور علاء الغرباوي، وكيل كلية التجارة في جامعة الإسكندرية، أن موسم الصيف فرصة ينتفع منها الكثير من العاطلين للحصول على مصادر دخل مؤقتة ليس في الاسكندرية فقط ولكن في غالبية الشواطئ والمدن الساحلية.

ويشير في حديثه لـ "العربي الجديد" إلى عدم وجود إحصائيات موثقة عن تعداد العمالة الموسمية داخل القطاع غير الرسمي والذي يستوعب أعداداً كبيرة من العاطلين أو الباحثين عن مصدر رزق ومنهم عمال الشواطئ وغيرهم ممن يجدون صعوبة في العثور على فرص عمل مستدامة خارج موسم الصيف، كما يصعُب عليهم البحث عن وظائف أخرى في الشتاء نتيجة حالة الكساد والركود الاقتصادي.

ويؤكد أن المهن الشاطئية أحد الحلول المؤقتة لمواجهة البطالة والفقر المسيطر على فئة كبيرة من السكان طوال العام، لكن في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية والغلاء الذي يعاني منه الجميع توجه غالبية الأسر المصرية نفقاتها بشكل عام إلى احتياجاتها الأساسية، الأمر الذي انعكس سلباً على المهن المتعلقة بالمصايف وتراجع حركة البيع والشراء على الشواطئ.

أما الخبير السياحي الدكتور سمير مصطفى فيقول إنه على الرغم من أن عمال الشواطئ قد يكونون جزءًا غير مرئي من صناعة السياحة، إلا أنهم يؤدون دورًا حاسمًا في تجربة الزوار ورفاهيتهم، حيث إن وجود عمال الشواطئ المحترفين والملتزمين يسهم في خلق بيئة مرحبة ومريحة للزوار. ويشدد في حديثه لـ "العربي الجديد" على أهمية دور عمال الشواطئ في تقديم الخدمات الضرورية للزوار مثل الحراسة وتأمين وتنظيف الشاطئ وإنقاذ المعرضين للغرق إلى جانب توفير غالبية احتياجات المصطافين.