وأمام الهجمات التي بات يشنها الانفصاليون الموالون لروسيا على طول خط الجبهة، والتي أوقعت 12 قتيلاً، بينهم خمسة مدنيين، في غضون 24 ساعة، وتحسباً لهجوم أعلنه الانفصاليون، بدأت السلطات الأوكرانية بإجلاء الأطفال من عدد من النقاط الساخنة في الشرق الأوكراني.
وتحت الضغط المتنامي للغربيين، وجه الرئيس الروسي، اتهامات للقوات الأوكرانية التي تخوض معارك في الشرق، والتي تتألف حسب تعبيره "في القسم الأكبر منها مما يسمى كتائب المتطوعين القوميين".
وأضاف بوتين من بطرسبورغ، بحسب ما نقل التلفزيون الروسي: "في الواقع، إنه ليس جيشاً إنما فرقة أجنبية تعمل لمصلحة الأطلسي، ولا تتضمن أهدافها الدفاع عن المصالح الوطنية لأوكرانيا، كما أن لديها هدفاً جيوسياسياً هو احتواء روسيا".
من جهته، وصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، التصريحات التي أدلى بها بوتين بأنّها "لا معنى لها".
وقال ستولتنبرغ، للصحافيين في ختام اجتماع استثنائي للمفوضية الأوروبية والحلف الأطلسي حول أوكرانيا، في بروكسل، إن "القول إن هناك فرقة أجنبية في أوكرانيا لا معنى له. لا توجد فرقة للحلف الأطلسي، القوات الأجنبية في أوكرانيا هي روسية".
وسيعقد مجلس الأمن الدولي أيضاً، اجتماعاً، مساء اليوم الإثنين، في حين يسعى الغربيون إلى تسريع ضغوطهم على روسيا، التي يعتبرونها بمثابة "العراب" للانفصاليين الموالين لها.
وعلى إثر مأساة ماريوبول، السبت، حيث قتل 30 شخصاً بصواريخ أطلقت، بحسب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، كان الوضع هادئاً، الاثنين، في هذه المدينة الساحلية الصناعية، التي تعد نصف مليون نسمة.
وشكلت عمليات القصف براجمات "غراد" على حي مأهول في ماريوبول، منعطفاً في النزاع المستمر منذ تسعة أشهر؛ وأسفر عن أكثر من خمسة آلاف قتيل. وأعلن المتمردون، في هذه الأثناء عن هجوم لا يزال يتأخر ميدانياً.
واستثنت المعارك حتى الآن ماريوبول آخر مدينة كبيرة في الشرق المتمرد، التي ما زالت تحت سيطرة القوات الموالية لكييف. ومن شأن السيطرة عليها فتح جسر بري بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في مارس/آذار الماضي.
وفي أعقاب قصف ماريوبول، انتقدت الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية ما وصفته بـ"التصعيد الخطير"، في النزاع. وهددت بفرض عقوبات جديدة على روسيا المتهمة بتسليح التمرد في شرق أوكرانيا، إلاّ أن موسكو تنفي ذلك.
وأوضح الجيش الأوكراني، أن "المتمردين أطلقوا النار 115 مرة في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة على مواقع الجيش الأوكراني وعلى بلدات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرق البلاد". وقضى سبعة جنود أوكران إضافة إلى خمسة مدنيين.
وأبلغ قائد شرطة منطقة دونيتسك، فياتشيسلاف ابروسكين، المتمردين بأن الشرطة ستقوم بإجلاء الأطفال من بلدتي ماريينكا وكراسنوغوريفكا (20 كيلومتراً شمال شرق دونيتسك)، حيث تكثفت عمليات القصف براجمات الصواريخ منذ بصعة أيام، إلى منطقة دنيبروبيتروفسك المجاورة.
وأعلن الحاكم المحلي لمنطقة لوغانسك، غينادي موسكال، في كييف أن "حوالى مائة طفل ما زالوا في قرية ترويتسكي بمنطقة بوباسنا (60 كيلومتراً شرق لوغانسك)".
كذلك ما زال الوضع متوتراً حول مدينة ديبالتسيف الاستراتيجية في منطقة دونيتسك حيث يقوم "المتمردون بعملية لصد القوات الأوكرانية"، كما أعلن إدوارد باسورين المسؤول في "جمهورية دونيتسك" المعلنة من جانب واحد.في هذا السياق، أكّد المتحدث الأوكراني، ليونيد ماتيوخين، أن "المعارك جارية وأن المتمردين يهاجمون المواقع الأوكرانية بالدبابات والمدفعية".
وينص اتفاق الهدنة الموقَّع على وقف التصعيد العسكري ضد الحي، والسماح بدخول المساعدات، ودخول وخروج المدنيين من وإلى الوعر، إضافة إلى خروج مقاتلين من المعارضة السورية هناك، مقابل إفراج النظام عن معتقلين في سجونه والكشف عن مصير مفقودين.
وقالت مصادر مطلعة إن النظام "يماطل في بند الإفراج عن المعتقلين والكشف عن المفقودين، حيث اقترح على اللجنة تطبيق تجربة خروج المقاتلين من الهامة والمعضمية وقدسيا، وداريا، بدون الإفراج عن أي معتقل".
وقال النّاشط جلال التلاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّ لجنة التفاوض عن الحي "رفضت مقترح النظام، وأصرّت على التمسك باتفاق الوعر، وأبدت رغبتها في استكماله، مع التشديد على عدم التنازل مطلقاً عن بند إطلاق سراح المعتقلين، باعتباره أهم بنود الاتفاق وجوهره".
وأبرز التلاوي أنّ "النظام يقول بصراحة: عليكم أن تختاروا بين الخروج من الوعر دون إخراج المعتقلين، أو الموت داخل الحصار".
وتحاصر قوات النظام حي الوعر منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونصف، وأُجبرت اللجنة المعارضة في الحي على توقيع اتفاق هدنة مع النظام برعاية الأمم المتحدة.
وأكّد التلاوي أنّ النظام طرح فكرة تطبيق "اتفاق داريا" في الاجتماع، بعدما أعاد قطع الطرق المؤدية إلى الحي، وأوقف دخول المساعدات منذ 15 يوماً، موضحاً أن خطوة النظام جاءت قبل الاجتماع مع لجنة الحي، بهدف الضغط عليها للتنازل عن مطالبها بشأن ملف المعتقلين، وهي تحديد مصير 7500 من المعتقلين والمختفين قسراً في سجون مخابرات النظام.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن النظام كشف سابقاً عن مصير 1800 معتقل من أهالي مدينة حمص، بينهم معتقلون قضوا تحت التعذيب في سجونه، بينما يرفض الكشف عن مصير باقي المعتقلين.
وكان النظام قد هجّر دفعتين من الحي خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي وفقاً للاتفاق، دون الإفراج عن أي معتقل من سجونه، بينما يرفض الكشف عن مصير بقية المفقودين.
وضمت الدفعتان 450 شخصاً، بينهم مقاتلون تابعون للمعارضة السورية المسلحة، وكان من المفترض أن يطلق نظام الأسد معتقلين لديه من مدينة حمص، ويقوم بالكشف عن مصير مفقودين، وفقاً لنص الاتفاق.
ونقل الناشط ذاته عن مصادر أن هناك توتراً ضمن أعضاء لجنة النظام، وتحديداً بين محافظ حمص، طلال البرازي، وقادة من القصر الجمهوري في دمشق، بشأن بنود الاتفاق.
ووفقاً للمعلومات المُسربة، فإن عدداً من الضباط التابعين للنظام يرغبون في اقتحام حي الوعر بعملية عسكرية، وعدم السماح بالإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المفقودين، بينما توجّه محافظ حمص للقاء رئيس النظام، بشار الأسد، في مسعى لإتمام اتفاق الهدنة، وذلك لتحقيق نصر إعلامي، بحسب ما نقلته المصادر.
كاتب وباحث سوري
كاتب وباحث سوري، من مؤلفاته "أقلمة المفاهيم: تحولات المفهوم في ارتحاله"، "الامبراطورية الجديدة: تغاير المفاهيم واختلاف الحقوق".