بين الحلم والجنون..لماذا لم يهرب بييلسا من تدريب مارسيليا!؟

بين الحلم والجنون..لماذا لم يهرب بييلسا من تدريب مارسيليا!؟

16 يوليو 2015
+ الخط -

"في مرة من المرات، خسرنا بالخمسة وأنا أدرب النيو أولد بويز، عدت إلى بيتي وأغلقت باب غرفتي وعانيت من حزن دفين، جاءت إلي زوجتي، وحاولت أن تقلل من الأمر، وسألتني، ماذا ستفعل؟ هل ستغير من أسلوبك بعد أن انتقدوك كثيراً؟ قلت، وعيني تهزم دموعها، سأظل محافظاً على فلسفتي وسأهاجم ولن أتراجع". يتحدث مارسيلو بييلسا في حوار قديم عن أفكاره، ويستعيد تمسكه الشديد بها، أثناء تدريبه الفريق الأرجنتيني الذي وصل الى القمة تحت قيادته بعد ذلك.


تجربة غريبة
لم يفز بييلسا ببطولات عديدة مثل غيره من المدربين، لكنه صنع لنفسه مدرسة كروية رفيعة المقام، وأسس أسلوباً تدريبياً جديداً خاصاً بالكرة الهجومية، واللعب العمودي إلى الأمام، مع استراتيجية الضغط العالي في كل أركان الملعب، إنها الفلسفة التي سار عليها بعد ذلك عدد غير قليل من "الكوتشات"، ليؤثر "اللوكو" الأرجنتيني في كل من جاء بعده، وتسير كرة القدم، حتى يومنا هذا، وفق رؤية بييلسا، الرجل الذي يعيش تجربة غريبة نوعاً ما مع مارسيليا هذا الموسم.

أنهى مارسيليا الموسم الماضي في المركز الرابع، بفارق نقطتين فقط عن موناكو، ثالث الترتيب المتأهل لعصبة دوري الأبطال. وعلى الرغم من غياب الدعم الإداري والمالي طوال العام، إلا أن بييلسا حاول مع مجموعته صناعة مفاجأة مدوية، وتصدر فريق الجنوب البطولة الفرنسية خلال الدور الأول، لكن تراجع المستوى وعدم وجود بدائل تساعد المدرب، أمور جعلت المتصدر يتراجع كثيراً، حتى ابتعد في النهاية عن المنافسة.

ويبدو أن الأمور تزداد صعوبة خلال الصيف الحالي، الإدارة تفرط في نجوم الفريق، أندريا أيو، جينياك، ديمتري باييت، جيرمي موريل، وإمبولا. كل هؤلاء تركوا مارسيليا وذهبوا إلى فرق أخرى، لتصبح التشكيلة الأساسية خالية من أي نجم قادر على صناعة الفارق. ويبقى السؤال مطروحاً في مختلف وسائل الإعلام، ما السبب وراء استمرار بييلسا إذن!؟


خيارات مستحيلة
رفض بييلسا عروض عديدة للتدريب هذا الصيف، ويستهام في إنجلترا، نابولي إيطاليا، بالإضافة إلى العرض الخرافي من المنتخب السعودي، وفضّل الرجل إما العودة إلى تشيلي/ الأرجنتين، أو الاستمرار في مارسيليا لموسم آخر، والسر يعود إلى الحملة الجماهيرية الضخمة داخل مدرجات الفيلودروم، #BielsaNoSeVa بييلسا لا ترحل.

القلب يقول بييلسا يجب أن يبقى، لكن العقل يختلف تماماً مع هذه المشاعر، لأن المنطق يقول، "بييلسا فشل في الوصول إلى دوري الأبطال، بوجود بعض الأسماء الخبيرة في التشكيلة. ومع رحيلهم، كيف ستكون الأمور مستقبلاً، في ظل توحش قوة باريس سان جيرمان، وعودة ليون إلى الواجهة، وتطور مستوى موناكو؟"

الأرجنتيني بين خيارين أحلاهما مر، الأول هو الاستمرار لفترة قادمة، والثاني هو الرحيل عن المكان الذي أحبه منذ الوهلة الأولى. وقرار بييلسا، حتى الآن، هو السعي نحو الخيار الثالث، الوقوف في صف الجماهير، مع مواصلة الضغط على إدارة مارسيليا من أجل تعاقدات جديدة، وهذا ما ظهر بوضوح بعد عودة الكبير إلى التدريبات، لكن دون توقيع عقد جديد، أي يستطيع بييلسا الرحيل، إذا شعر بأي خيانة من المديرين في مارسيليا.


مارسيليا الجديد
حضر بييلسا إلى التدريبات، خلال الأيام الماضية، ونال تحية خاصة من الجماهير العريضة التي حضرت خصيصاً من أجله، لكنه لم يوقع على أي عقود جديدة مع الإدارة، وفقاً لما أكدته صحيفة "ليكيب" في عدد سابق هذا الأسبوع. صحيح هناك اتفاق مبدئي بين الطرفين على الاستمرار لموسم آخر، لكن يستطيع الرجل فض هذا الاتفاق من طرف واحد، وترك النادي إذا لم ير بعينه أي تحسن حقيقي على صعيد دعم الفريق.

خطة بييلسا بدأت في جني ثمارها أخيراً، بعد تعاقد النادي الجنوبي مع لاعبين جدد، البداية كانت مع الهولندي العربي كريم رقيق، المدافع الذي تألق مع أيندهوفن، واشترى مارسيليا عقده من ناديه الأصلي مانشستر سيتي. رقيق مدافع مميز، وقدم موسماً رائعاً في هولندا. كريم ليس الوحيد، فهناك صفقة أخرى قادمة من الملاعب الإيطالية، الأرجنتيني فاكوندو رونكاليا مدافع فيورنتينا، وعلى الرغم من خشونته المبالغ فيها، إلا أنه يجيد اللعب في مركزي المدافع والظهير، ليطابق إلى حد كبير أفكار ومرونة مدرب فريقه الجديد.

مع تطور خط الدفاع، جاء الدور على منطقة الوسط، بالتعاقد مع جورجيوس نكودو لاعب نانت، اللاعب الذي سيكون بديلاً رائعاً لإمبولا في منطقة الارتكاز، ويمتاز بمستوى ثابت مع قدرات بدنية وفنية جيدة. ليبقى فقط خط الهجوم من يحتاج إلى عمل مضاعف، لتعويض رحيل كلٍ من جينياك، باييت، وأندريا أيو.


التجربة الحالمة
ظهرت تقاير إخبارية تفيد بوجود مفاوضات حقيقة بين مارسيليا واللاعب إدواردو فارجاس، أحد نجوم كوبا أميركا 2015، واللاعب الذي يعرفه بييلسا جيداً من خلال تجربته القديمة مع منتخب تشيلي. وفي حالة التعاقد مع هذا اللاعب المميز، سيكون هناك هامش للتغيير، في ظل إتمام صفقة الجناح أوكامبوس. لكن سيظل الخط الهجومي في حاجة إلى لاعب آخر، نسخة تمتاز بقوة ونجاعة تهديفية تساعد البلجيكي ميتشي باتشواي، في تعويض غياب الهدافين، جينياك وأيو.

اقترب أحد المشجعين المتعصبين لمارسيليا من بييلسا أثناء التدريبات الأخيرة، وطلب منه مواصلة الحلم المجنون، ليرد عليه المدرب بابتسامة عريضة دون كلام. تصرفٌ جعل المقربين من الأرجنتيني يدركون سريعاً أن اللوكو معجب كثيراً بالأجواء المارسيلية، إنهم يشبهونه في الجنون والحلم، ربما لا يمتلكون مقومات الفريق البطل بعد، لكنهم متسلحون بالخيال الطامح لهزيمة الجبروت في يوم ما.

يقول بييلسا لمساعده، بابلو كيروجا، "أي فريق آخر سيفوز بالدوري في ظل هذه المقومات، سيحتفل بطريقة عادية لأن العقل يقول ذلك. لكن إن فزنا نحن بالبطولة، بهذه الميزانية وهؤلاء اللاعبين الصغار، سنغيّر قوانين اللعبة، وسنقلب المنطق على أصحابه، وهذا ما أطمح إليه، وأرغب في تحقيقه، الاستمتاع بالعمل مع هذه المجموعة الشابة، دون أي احترام لحسابات الربح أو الخسارة!".

المساهمون