العقول المغربية المهاجرة .. قصة نجاح

العقول المغربية المهاجرة .. قصة نجاح

11 مايو 2014
يشكل الطلبة المغاربة نسبة مهمة في أوروبا (GETTY)
+ الخط -

انطبعت صورة نمطية في أذهان الكثيرين عن علاقة الشباب المغاربي مع أوروبا، بأنها رحلة قوارب موت إلى الضفة الشمالية من البحر المتوسط، تنتهي بالغرق أو الضياع في ازدحام شوارع المدن الصاخبة.. غير أن هذه الصورة السلبية ما تلبث أن تتبدد بمعرفة قصص عشرات المغاربة الذين حققوا نجاحات علمية ومهنية كبيرة انعكس أثر بعضها على العالم.

وقد بزغ نجم عدد من الشباب المغربي في ميادين البحث العلمي والتكنولوجيا الحديثة في بلدان أوروبية وأميركية، أشادت بهم مختلف وسائل الإعلام الدولية، ما جعل منهم أدمغة مغربية مهاجرة بمثابة سفراء لبلدهم، غير أنهم يطمحون للعودة إلى البلاد للمساهمة في تنميته وازدهاره.

إنها قصص ناجحة عديدة لمن استطاعوا أن يجدوا لهم موطئ قدم في مؤسسات بحثية وعلمية مرموقة في الغرب، منهم من تألقوا في وكالات الفضاء بالولايات المتحدة الأميركية واليابان، وآخرون توصلوا إلى اكتشافات علمية طموحة.

 

تألق في الخارج

كمال الودغيري، أحد الأدمغة المغربية الشابة المتألقة خارج البلاد، حيث وصل إلى درجة أنّ يُعتمد كمهندس اتصالات رئيسي داخل وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، وساهم في هبوط المركبتين سبيريت وأوبورتيونيتي على المريخ، كما شارك في عملية إنزال مختبر علوم المريخ.

كمال الودغيري


هذا النجاح لم يكن حكراً على الشباب الذكور، بل نالت من ثماره أيضا شابة مغربية تدعى أسماء بوجيبار انضمت، قبل أيام خلت، بفرقة الباحثين بوكالة "ناسا"، وهي التي حصلت على دكتوراه بفرنسا حول التوازن الكيميائي بين الغلاف والنواة.

وأما رشيد عمروس فهو شاب قدم من جامعة مدينة الجديدة، غرب المغرب، ليبصم على مسار مهني لافت في وكالة الفضاء اليابانية (JAXA)، حيث ساهم في إطلاق مركبة فضائية تدعى "إيبسيلون"، في كاكوشيما جنوب اليابان.


رشيد عمروس


أما علاّل بوتاجنكوت فهو عالم مغربي الأصل عرفت جامعة نيويورك قدره العلمي المرموق، فطلبت منه إجراء بحوث علمية خاصة بها في مجال علاج مرض "ألزهايمر"، وهو ما توجه علال بالمساهمة في اكتشاف أول لقاح لهذا الداء الخطير.

 

مساهمات لا تقدر بثمن

العالم المغربي الشاب في وكالة الفضاء اليابانية، الدكتور رشيد عمروس، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن "الشباب المغربي يحمل من التفوق والآمال أكثر مما يحمله من عوامل الإحباط والآلام"، مشيرا إلى نبوغ العديد منهم في بلدان أجنبية.

وأوضح عمروس بأنّ العديد من الباحثين المغاربة تمكنوا من الوصول لمناصب هامة في مراكز بحثية وعلمية مرموقة في العالم بفضل مجهوداتهم، وحسّ المسؤولية الذي يتسمون به، متابعاً بأنّ مشاريعهم التي بحوزتهم يمكن أن تشكل قيمة مضافة للبحث العلمي في المملكة المغربية.

من جهته، أفاد أحمد بشار، الباحث المبرز في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، بأنّ الأدمغة المغربية خارج البلاد، تقدم مساهمة قيمة لا تقدر بثمن في تنمية بلدان الاستضافة التي تستقبل وتعتني بهؤلاء الباحثين والعلماء الشباب.

وأشار بشار إلى المفارقة التي تنتج عندما ينفق البلد الأصلي تكلفة باهظة لتدريس وإعداد الشاب، والذي ينطلق متفوقاً في مجالات البحوث والعلوم قبل أن تتلقفه بلدان أجنبية أخرى لتعتني به مادياً ومعنوياً، ويساهم في تنميتها وتطورها الاقتصادي.

هجرة الكفاءات

هذا التألق لعدد من الشباب المغربي في مراكز ومؤسسات بحثية وأكاديمية عالمية، يأتي في سياق نقاش قديم جديد يتعلق بموضوع هجرة الأدمغة المغربية إلى أميركا الشمالية وأوروبا، ومدى انعكاسات هذه الظاهرة على واقع ومستقبل البحث العلمي بالمغرب.

وبالرغم من غياب إحصائيات محيّنة حول عدد الكفاءات المهاجرة، فإن أرقاما إحصائية رسمية سابقة تفيد بأنّ هجرة الأدمغة المغربية وصلت نسبة 18.5 في المائة، ليحتل المغرب بذلك المرتبة الثالثة عالمياً في مجال "تصدير" الأدمغة، بعد مالطا وتايوان.

ويشكل الطلبة المغاربة نسبة مهمة ضمن عدد الطلبة الأجانب في بلدان أوربية عديدة، من بينها فرنسا مثلاً التي يتصدر فيها المغاربة قائمة الطلبة الأجانب، متبوعين بالصينيين والجزائريين ثم التونسيين، وذلك وفق دراسة أنجزتها مؤسسة "كامبيس فرانس" العام الماضي.

ويعزو مراقبون نزيف هجرة الأدمغة المغربية إلى الخارج إلى عاملين رئيسيين، الأول ضعف العناية التي توليها الدولة لهذه الطاقات في مجالات العلوم والإعلام والرياضية والفنون، والثاني الحفاوة المعنوية والمادية الكبيرة التي يحظون بها في بلدان الاستقبال.

دلالات

المساهمون