استخدام القوة ضد المهاجرين.. دعوات تتصاعد في أوروبا

استخدام القوة ضد المهاجرين.. دعوات تتصاعد في أوروبا

08 فبراير 2016
تظاهرة لحركة بيغيدا في درسدن الألمانية (GETTY)
+ الخط -

تظهر "ستينا" رذاذ الفلفل وتقول "ماذا يعنيك كيف حصلت عليه؟ حصلت عليه بطريقة أو بأخرى. الأمر لا يتعلق بما جرى في كولونيا، أنا مؤمنة بأن المجتمعات المتحضرة هشة جدا، ويجب أن تتسلح للدفاع عن نفسك مع وجود كل تلك التهديدات التي تطالعها في الإعلام وتقرأ عنها في الصحف".

وتشير الشابة الألمانية، لـ"العربي الجديد"، "في ألمانيا باتت الدعوات صريحة للتسلح في وجه هذا التدفق غير المتحضر للمهاجرين، خاصة مع وجود اختلاف ثقافي كبير بيننا وبينهم. إنهم خطرون كما تصفهم وسائل الإعلام".

ثمة نقاش جدّي لم يعد خفيا ولا يتردد أصحابه في التعبير عنه، مفاده أن "أوروبا ذاهبة نحو صدام داخلي مع المهاجرين"، هكذا يقول كثيرون، حتى أمثال الدنماركي لارس هيداغوورد، المعروف عنه التحريض ضد العرب والمسلمين، والمحمي أمنيا أكثر من وزراء تراهم على درّاجاتهم الهوائية.

الخطير في النقاش الذي كان في السابق من "المحظورات"، أن تكشف عنه توجهات تمتد من دول الشمال إلى ألمانيا. في الشمال تتشكل مليشيات تضم خليطا من الفاشيين والنازيين الجدد ومواطنين عاديين يرون أن "غزواً منظماً عبر الهجرة يجري لبلادهم".

ساسة دول الشمال، لا يخفون الرغبة في تشريع حمل المواطنين السلاح للدفاع عن أنفسهم، سبق التدفق الكبير للاجئين دعوات من شبيبة "تحالف الليبراليين" في كوبنهاغن، وبعيد هجوم كوبنهاغن في فبراير/شباط من العام الماضي، بات النقاش طبيعيا ومتكررا، حتى إن رئيسة برلمان كوبنهاغن، بيا كيرسغوورد، وبعيد حادثة كولونيا، اقترحت "توزيع بخاخات رذاذ الفلفل على المواطنين من مكاتب الخدمات الشعبية".

لا يخفي اليمينيون المتطرفون في السويد والنرويج ولعهم بالسلاح، على طريقة مرتكب مذبحة أوسلو، أندرس بريفيك، لكن الأمر صار أكثر جدية مما كان يظن بعض الساسة والمعلقين في مجتمعات مسالمة، شرطتها في الأساس لا تستخدم مسدسات، وتطلق النار فيما ندر.

في منطقة قريبة من معسكر لاجئين في الدنمارك، ترتفع أصوات البعض بالكتابة للسياسيين عن ضرورة تشريع حمل السلاح، أمر يراه مراقبون خطيرا ويؤسس لما بعده.

اقرأ أيضا:اليمين الاسكندنافي يحرّض ضد "زحف اللاجئين"

ورغم أن الدعوات في دول الشمال لإطلاق النار على من يحاول اختراق الحدود، إما تطلق في الغرف المغلقة أو عبر منتديات ضيقة، إلا أن شيئا من التجييش يجري لتمرير نموذج ما من التسليح.

وبينما بدأت دعوة فراوك بيتري، زعيمة الحزب الشعبوي اليميني، لإطلاق النار على اللاجئين والمهاجرين مرفوضة، لكنها عادت بقوة بسبب تغير ملحوظ في الرأي العام الألماني، حيث يطالب الحزب بأن تمنح الشرطة صلاحيات إطلاق النار على "الداخلين إلى ألمانيا بشكل غير شرعي"، وفق ما صرحت به بيتري لصحيفة "ماينهايمر مورغن".

وفي استطلاعات رأي صدرت نتائجها الأسبوع الماضي، احتل حزب البديل المرتبة الثالثة من بين أكبر ثلاثة أحزاب بعد حزب المستشارة أنجيلا ميركل المحافظ، وحليفها الحزب الاجتماعي الديمقراطي.

ورغم أن فراوك بيتري هي الأكثر انتقادا بسبب الدعوة للتسلح، فإن شخصية مركزية أخرى في حزبها، هو ماركوس بريتزيل، أطلق ذات التصريحات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل حادثة كولونيا.

أمس الأول السبت، علت الهتافات في مظاهرات معادية للأجانب من حركة "بيغيدا" وغيرها، ضد المستشارة الألمانية، ما دفعها إلى إطلاق تصريحات في نيوبراندبورغ وعينها على الشارع الانتخابي، عن ضرورة عودة اللاجئين إلى سورية والعراق حين الانتهاء من تنظيم الدولة والحرب في سورية.

هذا ما تسميه صحف دول شمال أوروبا وألمانيا "كسر التابو" في قضية السلاح، بات يجد صداه في الشارع، وفق تقرير نشرته "دي فيلت"، اعتمادا على مسح أجراه معهد "يوغوف" لاستطلاعات الرأي، يظهر أن 29 في المائة من الألمان يؤيدون فكرة استخدام السلاح لوقف عبور اللاجئين والمهاجرين للحدود.

والمثير أن تلك النتائج تأتي على خلفية التحركات اليمينية المتطرفة في الشارع الأوروبي، باعتبار "التهديد الوجودي يتأتى من مهاجري العالم الثالث".

ولم تنفع دعوات حزب الديمقراطيين، ونائب المستشارة سيغمار غابرييل، في "وضع الحزب اليميني تحت المراقبة كحزب يشجع الإرهاب"، أو دعوات ولايات ألمانية لحظره، فيوم السبت تزعم أنصار الحزب المظاهرات التي دعت لها "بيغيدا" في عدد من المناطق، وشعبيته تزداد مثلما تزداد شعبية مليشيات اليمين المتشدد في فنلندا والسويد والدنمارك، على مرأى ومسمع الشرطة والساسة.
المراقبون المحليون في عموم دول الشمال يرون أن "انقساما وفرزا" تشهده المجتمعات الأوروبية، على خلفية الهجرة، وفشل السياسات الموحدة، وتنامي أصوات التطرف.


اقرأ أيضا:اليمين المتطرف الأوروبي يتربص باللاجئين