"مراحيض عائمة" تخفف من معاناة قرويين محرومين من الصرف الصحي في كمبوديا

25 مارس 2023
في بحيرة تونليه ساب لا يتخطى دخل الصياد خمسة دولارات يومياً كحد أقصى (Getty)
+ الخط -

تعجز سي فورن عن حبس دموعها لدى الحديث عن ابنتها ذات السنوات الأربع التي توفيت جراء إسهال، بعدما لعبت في مياه بحيرة تونليه ساب الملوثة، وهي من بين مئة ألف كمبودي يعيشون في منازل عائمة على هذه المساحة المائية التي تشكل أحد أكبر خزانات الصيد في المياه العذبة في العالم.

ورغم أنّ قرية سي فورن تضم خمسين منزلاً إضافة إلى مدرسة ابتدائية، فإنها لا تتمتع بأي نظام للصرف الصحي. وهو ما دفع بعض السكان لإقامة "مراحيض عائمة"، غير أنّ الكلفة الباهظة لهذا الحل تحد من القدرة على تعميمه.

وتوضح سي فورن التي يعاني أفراد عائلتها من أمراض متكررة، أنّ الأسرة دأبت منذ أجيال "على استخدام هذه المياه التي نشربها ونتغوّط فيها"، ما يعرّض لخطر الإصابة بالإسهال أو حتى بالكوليرا، مضيفة "يساورني قلق كل يوم على صحتي. أنظروا إلى المياه، لا صرف صحياً لدينا. لكني لا أعلم ما عليّ فعله".

ويعيش أكثر من مليون شخص عند هذه البحيرة الكبيرة أو في محيطها، في عشرين ألف منزل عائم.

ولا تزال كمبوديا التي دمرتها الحرب والإبادة المرتكبة من نظام الخمير الحمر (حزب سياسي) في سبعينيات القرن الماضي، من أفقر بلدان آسيا.

وبحسب منظمة "ووتر ايد" الخيرية، يفتقر ثلث سكان البلاد إلى الوصول لمراحيض سليمة، فيما يشكّل الإسهال أحد الأسباب الرئيسية للوفيات لدى الأطفال دون سن الخامسة.

الصورة
بحيرة تونلي ساب (Getty)
يعيش أكثر من مليون شخص عند بحيرة تونليه ساب أو في محيطها (Getty)

وتأمل شركة "ويتلاندز وورك" القائمة على المراحيض العائمة، في أن تشكل هذه المراحيض عنصراً مساعداً لسكّان القرية التي تقطنها سي فورن وقرى أخرى تعاني وضعاً مشابهاً في كمبوديا وخارجها.

وتتشكل هذه المراحيض، واسمها الرسمي "هاندي بودز"، من ثلاثة خزانات لتنقية المياه الآسنة، وتنظيفها من مخلفات البراز البشري.

وفي الداخل، يزيل "شريط حيوي"، وهو كائن دقيق يحوي مليارات الجراثيم، العوامل المسببة للأمراض ليصار بعدها إلى إعادة المياه المعالجة إلى البحيرة.

ويقول مؤسس "ويتلاندز وورك" تابر هاند: "نهتم بالصرف الصحي في القرى العائمة التي لم تشهد على مثل هذه الأنظمة الصحية بتاتاً من قبل".

ورغم أنّ "المياه الرمادية" التي يُستحصل عليها بعد المعالجة ليست صالحة للشرب، لكن يمكن استخدامها من دون أي خطورة للاستحمام أو الطهو.

وأقامت الشركة 19 مرحاضاً عائماً في تشونغ برولاي، قرية سي فورن.

يفتقر ثلث سكان البلاد إلى الوصول لمراحيض سليمة، فيما يشكّل الإسهال أحد الأسباب الرئيسية للوفيات لدى الأطفال دون سن الخامسة

ويوضح الصياد روين نوف، الذي فاز بمرحاض "هاندي بود" مجاناً، إثر سحب بالقرعة قبل شهرين: "نستخدم هذه المياه لأن عبوة المياه تكلّف دولاراً واحداً في المتاجر، وبالتالي فإن شراءها سيكبّدنا تكاليف باهظة إذا ما أردنا استخدامها للطهو أو الاستحمام"، مضيفاً "نشتري المياه المعدنية حصراً للشرب".

والأمل يبقى في أنه كلما رأى القرويون طريقة عمل هذه المراحيض، ستزيد لديهم الرغبة في الإفادة من أنظمة صرف صحي ملائمة.

وأنشأت "ويتلاندز وورك" أيضاً هذا النظام في اثنتي عشرة قرية في ميانمار، غير أنّ تكلفته الباهظة نسبياً (حوالى 175 دولاراً للقطعة الواحدة)، تشكّل عائقاً أساسياً أمام نشره.

ففي تونليه ساب (بحيرة في كمبوديا)، لا يتخطى دخل الصياد خمسة دولارات يومياً كحد أقصى. وبالتالي، ثمة حاجة إلى مساعدات أكثر ديمومة، وفق هاند الذي يرمي إلى إتاحة هذه الحلول للعائلات بسعر يتراوح بين 35 و40 دولاراً.

ويقول يوين سال زوج سي فورن، إنّ السلوكيات على صعيد الصرف الصحي والنظافة بدأت تتغير منذ وصول المراحيض العائمة، لكن "ليست لدينا الموارد لشرائها لأن المال الذي نجنيه بالكاد يكفي لتغطية نفقاتنا اليومية"، مضيفاً "إذا لم نحصل على مساعدة من أحد، سنواصل استخدام البحيرة (لقضاء الحاجات)".

(فرانس برس)