عائلة هريش الفلسطينية... هكذا كبدها الاحتلال معاناة الاعتقال

عائلة هريش الفلسطينية... هكذا كبدها الاحتلال معاناة الاعتقال

17 ابريل 2024
أسماء هريش مع أبيها نوح وشقيقها أحمد (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- عائلة هريش تعاني من استهداف مستمر لأكثر من 30 عامًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، مع تعرض أفرادها لاعتقالات إدارية بناءً على ملفات سرية دون تهم محددة، بما في ذلك الصحافية أسماء هريش ووالدها وشقيقها.
- أسماء هريش، التي تغطي قضايا الأسرى والمعتقلين السياسيين، تعرضت للاعتقال بسبب نشاطها الصحفي، مما يعكس مخاطر مهنة الصحافة في مناطق النزاع والاحتلال.
- الظروف القاسية التي تواجهها عائلة هريش تسلط الضوء على معاناة العائلات الفلسطينية تحت الاحتلال، بما في ذلك التهديدات، الاعتقالات المتكررة، والقلق المستمر على الحالة الصحية والمعاملة للمعتقلين.

تعاني مكرم قرط منذ أكثر من 30 عاماً من استهداف الاحتلال عائلة هريش لكنها لم تعرف الوضع الحالي المتمثل في اعتقال ابنتها الصحافية أسماء هريش وابنها أحمد وزوجها نوح استناداً إلى ملفات سرية، ومن دون تهم إليهم.

في الثالث من إبريل/ نيسان الجاري، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحافية أسماء هريش في منزل عائلتها بمنطقة بيتونيا غربي رام الله وسط الضفة الغربية. وفي التاسع من الشهر ذاته، حوّلت سلطات الاحتلال أسماء إلى الاعتقال الإداري، والتحقت بوالدها نوح الذي كان اعتقل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وشقيقها أحمد (مايو/ أيار 2023). 
وقبل أسابيع هدد جيش الاحتلال أسماء عبر رسالة نصية طالبتها بحذف منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
فعلياً لم يجتمع أفراد عائلة هريش في أي عيد أو شهر رمضاني منذ عام 2015، باستثناء مرة واحدة لأيام قليلة. ويقول محمود هريش لـ"العربي الجديد": "كان شقيقي أحمد هدفاً لاعتقالات متكررة من قوات الاحتلال، كما لاحقته أجهزة الأمن الفلسطينية واعتقلته مرات، أما والدي نوح فعاد إلى السجن العام الماضي، بعد سنوات من توقف ملاحقته".
ويشكل ما حصل لعائلة هريش نموذجاً لاستهداف مئات العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية على مدار سنوات. وسبق أن اعتقل كل الذكور في العائلة فترات متفاوتة، وجرى تهديدهم بالتعرض لعمل العائلة وتجارتها، ثم تكثفت الإجراءات الإسرائيلية التعسفية بعد الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وتعرّض محمود نفسه للاعتقال والضرب الشديد على رأسه وقفصه الصدري وأنحاء جسده في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من دون أي سبب باستثناء عدم ايجاد جيش الاحتلال والده في المنزل. وأخذ محمود رهينة حتى سلّم والده نفسه.
وترى عائلة هريش أن اعتقال الصحافية أسماء إدارياً جاء بسبب دورها ونشاطها في قضية شقيقها ووالدها الأسيرين، وكل قضايا أسرى سجون الاحتلال.
اهتمت أسماء بدراسة الصحافة في مرحلة مبكرة، ورسخت زياراتها منذ أن كانت في سن الـ18 شهراً لوالدها في سجون الاحتلال لديها حب الصحافة ونقل الصورة ومعاناة الناس بالطريقة التي تراها الصحيحة. وتقول والدتها مكرم قرط: "نقلت أسماء الأخبار دائماً ثم أصبحت نفسها الخبر حالياً".
وتخبر مكرم أن "أسماء كانت فضولية حين كانت صغيرة لمعرفة سبب وجود والدها خلف القضبان وسألته مرات عن السبب. ورغم أننا رفضنا أن تمتهن الصحافة بسبب ما يتعرض له الإعلاميون من الممارسات الميدانية للاحتلال، أصرّت على ذلك، وأقنعت والدها وأشقاءها بأن الصحافة قد لا تعني النزول إلى الميدان، وأنها يمكن أن تتخصص في الصحافة المكتوبة مثلاً".

وتقول بشائر شقيقة أسماء لـ"العربي الجديد": "تعرفت إلى الشخصية الحقيقية لشقيقتي بعد اعتقال أجهزة الأمن الفلسطينية شقيقي أحمد لمدة خمسة أشهر عام 2022 حين تعرّض لتعذيب شديد، إذ علمت منها حينها أنه يجب أن يصل صوت الحق للجميع، ويظل موجوداً".
وقد تولت أسماء دورا محوريا في نشر قضية شقيقها أحمد وعدد من المعتقلين السياسيين، وساهمت في نشوء حراك متواصل لم يتوقف على مدار خمسة أشهر حتى الإفراج عنهم. 
ولاحقاً ظهرت أسماء في قضية أسرى بسجون الاحتلال. ويقول شقيقها محمود: "كان دور أسماء حاسماً في قضية شقيقي أحمد بعدما تواصلت مع مؤسسات لحقوق الإنسان التي ضغطت لإظهار الحقيقة، كما نشرت أخباراً عن الأسيرات والأسرى في سجون الاحتلال، وتواصلت مع أهاليهم وحصلت على معلومات منهم، وساعدتهم في التعامل مع قضايا اعتقال أبنائهم".

الصورة
الصحافية أسماء هريش (العربي الجديد)
الصحافية أسماء هريش (العربي الجديد)

ويُخبر محمود أن العائلة تعتقد بأن نشاط أسماء في قضية الأسرى والأسيرات بسجون الاحتلال هو السبب الرئيسي في اعتقالها، علماً أنه لم توجه أي تهمة لها، وجرى تحويلها إلى الاعتقال الإداري فقط.
أيضاً عملت أسماء لتأمين علاج لوالدها الذي احتاج إلى إجراء عملية، وتوفير علاج لشقيقها من خلال متابعة التطورات مع محامين ومؤسسات حقوقية. ويوضح محمود أن والده الذي اعتقل إدارياً لفترة 5 سنوات خلال حياته احتاج إلى الخضوع لعملية جراحية لترميم فتق، ولمعالجة جروح في رأسه نتجت من ضربه بأداة معدنية، أما أحمد الذي اعتقل لإجمالي فترة سبعة أعوام فلا يستطيع المشي دون استخدام عكاز نتيجة تضرر ركبته ورجله من التعذيب ووجود مشكلة في فقرات ظهره. وهو كان يتلقى تسعة أنواع من الأدوية قبل أن يعتقل، ولم تعلم العائلة لاحقاً إذا كان يحصل على العلاج اللازم في ظل انقطاع أخبار الأسرى.

وتذكر مكرم أن أسماء صرخت بصوت عالٍ حين أخرجت من المنزل، ما أوحى بأنها تعرضت لضرب. أما بشائر فتقول: "عائلتنا قلقة جداً فهي لا تعرف إذا كانت أسماء لا تزال تتعرض لضرب واعتداء".
وتبدي مكرم قلقها على ابنتها أسماء وابنها أحمد وزوجها نوح، لأنها لا تعلم شيئاً عنهم ولا تستطيع التواصل معهم أو زيارتهم، وهذه حال كل عائلات الأسرى الفلسطينيين منذ بدء الحرب على غزة. وهي تكتفي بمعرفة بعض الأخبار الشحيحة التي يوفرها أسرى يفرج الاحتلال عنهم ويتحدثون عن أوضاع صعبة جداً، ما يزيد قلقها خصوصاً أنها ترى الشحوب في وجوههم وفقدانهم كيلوغرامات كثيرة.

المساهمون