أرامل ليبيا يعانين والحكومة غائبة

أرامل ليبيا يعانين والحكومة غائبة

13 يوليو 2022
يبكين قتلاهن (ندى حارب/ Getty)
+ الخط -

تتكرّر الوعود بدعم النساء الأرامل في ليبيا من دون أن تتحقق، لتستمر معاناتهن حين يصبح عليهن العمل ورعاية الأطفال في ظل ظروف معيشية صعبة

الحروب التي شهدتها البلاد طوال السنوات العشر الماضية جعلت مئات النساء اللواتي خسرن أزواجهن يواجهن مستقبلاً غامضاً. وعلى الرغم من أنّ السلطات استحدثت إدارة تعنى برعاية عائلات الشهداء والمفقودين منذ عام 2012، والتي أصبحت من ضمن الإدارات الأساسية لكل الحكومات المتعاقبة حتى الآن، لم تمنح هذه الشريحة اهتماماً كافياً، إذ إن الكثير من الأرامل اضطررن للعمل، كما دفع بعضهن بأبنائهن للعمل على الرغم من صغر سن أكثرهم.
وكثيراً ما تعهدت الحكومات المتعاقبة بتحسين الأوضاع المعيشية لعائلات ضحايا الحروب. ومؤخراً التقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بمسؤولي الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين لمناقشة "انتظام صرف المنحة المالية لأسر الشهداء بشكل شهري"، بحسب بيان للحكومة.
وعلى الرغم من أن الاجتماع انتهى بتشكيل لجنة من وزارتي الشباب والعمل والتأهيل، لبحث المزيد من الإجراءات لدعم هذه الأسر، وأعقبها إعلان الوزارتين إلحاق عدد من أسر الشهداء والمفقودين في البرامج والمشاريع التدريبية التي تقوم بها، والتأكيد على أن حقوق هذه الأسر "واجب مقدس غير قابل للنقاش"، إلا أن شيئاً من هذه الوعود لم يتحقق على غرار 
الوعود السابقة، كما تقول الأرملة أسماء كرير، التي قتل زوجها خلال ثورة فبراير/ شباط عام 2011. وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد" أن "المنح الشهرية الي تقرر صرفها لعائلات الشهداء انتظمت لأشهر عام 2012 ثم أصبحت متقطعة، ووصل الأمر إلى عدم حصول العائلات على أية منح لأكثر من ثلاث سنوات في بعض الأحيان".
وزادت معاناة الأرامل في ظل كثرة المعارك والحروب، كما يقول المسؤول في صندوق الضمان الاجتماعي الحكومي يحيى بو خليل، مشيراً إلى أن "ضحايا الحروب لا يسجلون في منظومة الشهداء، كما أن ضحايا الحروب من الشرق يعدون أعداء لدى حكومات الغرب والعكس"، مشيراً إلى تأثير الأزمة السياسية على واقع الأسر المحرومة من معيل.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في هذا الإطار، يؤكد بو خليل في حديثه لـ "العربي الجديد" على عدم وجود أرقام دقيقة لنسبة الأرامل على امتداد سنوات الحرب، مشيراً إلى أنه ما من اهتمام رسمي بهن. كما أن المراكز البحثية والخبراء لا يساهمون في اقتراح الحلول. وينسحب الأمر على المجتمع المدني الذي عادة ما يساهم في الضغط على السلطات وإثارة الرأي العام لمناصرة بعض القضايا المحقة. في هذا الإطار، يشدد على أهمية عقد ندوات ومحاضرات لتسليط الضوء على القضية. وما سبق لا يلغي دور بعض الجمعيات في مساعدة الأرامل قدر الإمكان، وإن كان بو خليل يرى أنها تقتصر على الدعم.  
وعلى صعيد المشاركة الأهلية، بادرت جمعية التيسير الأهلية الخيرية إلى تجهيز أكثر من ألف أضحية لتوزيعها على أسر ضحايا الحروب. ويقول عضو الجمعية حسن بركان: "قررنا التعامل بشكل مباشر مع الأمهات تأكيداً على دعمنا لهن". وبحسب إحصاء أعدته الجمعية، هناك نحو 200 أسرة فقيرة موزعة على مناطق هون وودان وسوكنة وزلة والفقهاء لوحدها، كما أن ثلث هذه الأسر تعيلها أرامل. 

 المنح الشهرية الممنوحة للأرامل تعد قليلة (ندى حارب/ Getty)
المنح الشهرية الممنوحة للأرامل تعد قليلة (ندى حارب/ Getty)

ويتحدّث بركان عن عدم تفريق جمعيته وغيرها من المؤسسات الأهلية بين زوجات ضحايا الحروب وزوجات المفقودين، لافتاً إلى أن "هذه المقاربة ممكنة في إطار عمل الجمعيات. لكن من الناحية القانونية، تشكل عثرة حتى في حال قررت الحكومات التعامل بشكل جدي واهتمام مع قضية هؤلاء النساء". ويقول بو خليل: "ما من قانون يتعلق بقضية المفقودين حتى الآن على الرغم من مضي كل هذه السنوات وتزايد عدد المفقودين. فزوجات المفقودين، وعلى الرغم من إقرارهن بوفاة أزواجهن وخصوصاً بعد مضي سنوات طويلة من دون عودتهم، إلا أن التشريعات الليبية ما زالت توفر غطاء قانونياً لتسجيل المفقودين ضمن المتوفين وبالتالي تبقى أوضاع زوجاتهم من دون تسوية". وإلى جانب المفقودين، هناك المختطفون والمغيبون قسراً في السجون السرية في البلاد، وخصوصاً مع استمرار وجود هذه السجون من دون أن تتمكن السلطات من إيجاد حلول لها والكشف عن مصير الموجودين فيها.

من جهة أخرى، فإن المنح الشهرية الممنوحة للأرامل تعد قليلة. تقول كرير إن المنحة لا تتجاوز الـ 450 ديناراً ليبياً (نحو 84 دولاراً بحسب سعر الصرف الرسمي)، مؤكدة أنها بالكاد تكفي لتأمين معيشة أسرتها لأسبوع. وتعيل كرير ثلاثة أطفال، لافتةً إلى أنها اضطرت للعمل بعقد وظيفي كعاملة نظافة في إحدى المدارس بمساعدة أقربائها.
هنا، يؤكد بركان أن معظم الأرامل وأسرهن يعانون ظروفاً معيشية صعبة، مشيراً إلى أن بعض الناشطين ينشئون صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لاستقبال طلبات أسر ضحايا الحروب والأرامل لنشرها، بهدف تسهيل تأمين المساعدات.  

المساهمون