منظمات تونسية تطالب بهيكل حكومي دائم لمتابعة قضايا المفقودين بالبحر

منظمات تونسية تطالب بهيكل حكومي دائم لمتابعة قضايا المفقودين في البحر

23 مارس 2022
إنقاذ مهاجرين غير نظاميين عند شواطئ تونس (تسنيم نصري/ الأناضول)
+ الخط -

طالبت منظّمات مدنية تونسية معنية بقضايا الهجرة بإنشاء هيكل حكومي دائم يهتم بقضايا المفقودين في البحر من ضحايا رحلات الهجرة غير النظامية والإحاطة بعائلاتهم بعد تصاعد أعدادهم. وتعاني الأسر طويلاً في خلال البحث الدائم عن الحقيقة ما لم تتمكن من الحصول على إجابات شافية بشأن مصير أبنائها.

ووقّعت أكثر من 30 منظمة مدنية تونسية على بيان دعت فيه السلطات التونسية إلى الالتزام الفعلي والعملي بإنقاذ أرواح المهاجرين في المياه الإقليمية التونسية عبر إطلاق آلية استباقية للمساعدة والإنقاذ البحري.   

كما طالبت بإنشاء إطار دائم تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية ومشاركة منظمات مدنية والإعلام للبحث عن المفقودين في البحر والإحاطة بعائلاتهم. 

وتستمر معاناة الأسر المشتتة بين المصالح الأمنية الرسمية والوزارات وأقسام التشريح داخل المستشفيات، في خلال البحث عن إجابات حول مصير المفقودين. وغالباً ما يصعب التعرف على ملامح الجثث. 

معز بالحاج محمد، وهو شقيق أحد المفقودين في قارب هجرة غادر من شاطئ ملولش بمحافظة المهدية، يقول إنه يذهب يومياً إلى محافظة نابل للتعرف على الجثث التي دفعها الموج هناك من أجل البحث عن مصير شقيقه المفقود منذ الرابع من مارس/ آذار الحالي.

ويؤكد لـ "العربي الجديد" أنه لا يجد إجابة من أي طرف رسمي، وغالباً ما تكون اتصالات عائلات المفقودين بالمصالح الأمنية في الجهات التي تنتشل منها الجثث. يضيف: "يعرضون علينا جثثاً متحللة مطموسة الملامح يصعب التعرف عليها"، منتقداً عدم أخذ عينات من الحمض الجيني من عائلات المفقودين للتعرف على أبنائهم من بين الجثث المنتشلة.

ويرى بالحاج محمد أن رحلة البحث عن شقيقه مضنية ومؤلمة، وهو ما تتقاسمه مئات الأسر التي فقدت أبناءها في رحلات الهجرة غير النظامية. ويقول إن عائلات من مدن ملولش وأولاد عرجون ورشراشة من محافظة المهدية تبحث عن مصير أبنائها المفقودين في قارب هجرة انقطع الاتصال به منذ 4 مارس/ آذار الماضي.

وتشير بيانات نشرها منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تقريره السنوي حول الهجرة إلى إحصاء أكثر من 450 ضحية ومفقودا عام 2021، بينما بلغ عددهم 149 منذ بداية العام الجاري. ويرجح المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، أن يكون عدد المفقودين والضحايا أكثر بكثير ممن تم إحصاؤهم في غياب هياكل رسمية تعنى بملف المفقودين وتحيط بعائلاتهم.

ويقول بن عمر لـ"العربي الجديد" إن "مسارات البحث عن المفقودين مشتتة بين الوزارات والمصالح الأمنية، الأمر الذي يدفع عائلات إلى الاستنجاد بالمنظمات المدنية لمساعدتها على الاتصال بالسفارات في الخارج أو التنسيق مع المؤسسات الحكومية" .

ويشدد بن عمر على أن "إحداث هيكل موحد للتواصل مع عائلات المفقودين أصبح ضرورياً مع تصاعد أعداد المفقودين في البحر"، مطالباً "بإنشاء بنك حمض نووي يسهل التعرف على الجثث مطموسة الملامح والمتحللة". ويؤكد على "أهمية الإحاطة النفسية بعائلات المفقودين الذين غالباً ما يرفضون قبول فكرة غرق أو فقدان أبنائهم".

ويقول: "بعض الأمهات ينتظرن أبناءهن المفقودين لسنوات ويرفضن تقبّل فكرة موتهم"، مشيراً إلى أن "عائلات أخرى تتمسك باسترجاع جثث أبنائها حتى وإن كانت غير متأكدة من هويتها بسبب عدم إجراء تحليل التطابق الجيني". وتحمّل منظمات مدنية في تونس المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية لدول الاتحاد الأوروبي التي تخلت عن واجباتها في البحث والإنقاذ في منطقة البحر الأبيض المتوسط الوسطى. وتقول إنه في غياب بدائل حقيقة تضمن حرية التنقل، سيستمر الحالمون بالهجرة في القيام بمثل هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر، وستبقى رغبتهم في المغادرة هرباً من وضع بائس فرصة لمهربي البشر لمراكمة الأرباح في غياب أي مجهود حقيقي لملاحقتهم.  

المساهمون