سباق البيت الأبيض: جولات حاسمة في نيفادا وكارولينا الجنوبية

سباق البيت الأبيض: جولات حاسمة في نيفادا وكارولينا الجنوبية

19 فبراير 2016
تعهدت كلينتون بمواصلة الضغط على إيران (جاستين ساليفان/Getty)
+ الخط -

تبدأ منتصف، ليل اليوم السبت، جولتان حاسمتان من التصفيات الحزبية التمهيدية لانتخابات الرئاسة الأميركية، نيفادا، للديمقراطيين وكارولينا الجنوبية للجمهوريين. ومن المتوقع أن يقطع خلالها المرشح بيرني ساندرز عطلته الأسبوعية، لمناطحة منافسته المسنودة حزبياً، هيلاري كلينتون، في نيفادا، أملاً في تعزيز زخم حملته الانتخابية، بهدف التقليل من حجم خسارته المتوقعة الأسبوع المقبل في ولاية كارولينا الجنوبية، التي من المحال أن يفضل ناخبوها، بمن فيهم الأميركيون الأفارقة، مرشّحاً يسارياً على حساب مرشحة وسطية، لا تنتمي إلى اليمين ولا تتطرف نحو اليسار.

من المقرر في هاتين الجولتين، أن يعقد المنتمون إلى الحزب الديمقراطي في ولاية نيفادا مؤتمراتهم الحزبية المصغّرة، للمفاضلة بين كلينتون وساندرز، في حين يقترع الناخبون الجمهوريون في ولاية كارولينا الجنوبية لاختيار من يرونه الأفضل لتمثيل الحزب الجمهوري، من بين خمسة مرشحين: دونالد ترامب، وتيد كروز، الذي أعلن تعهّده بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، حال وصوله إلى البيت الأبيض، وحاكم ولاية فلوريدا السابق، جيب بوش، الذي ترتفع حظوظه قليلاً كلما اتجهت الانتخابات جنوباً، في حين يكاد اسمه يتلاشى في ولايات الشمال والشمال الشرقي، إضافة إلى المرشحين، ماركو روبيو وجون كاسيتش.

وقبل بدء الجولتين، اقتحمت ساحة السباق الانتخابي ثلاثة عناصر مؤثرة، بينها شخصية عالمية ذات تأثير عابر للقارات، هو البابا فرنسيس، والرئيسان، الحالي باراك أوباما، والأسبق بيل كلينتون. يعتبر تأثير الرجلين من العيار الثقيل، سلباً وإيجاباً، بل قد يتجاوز تأثيرهما على سير الانتخابات تأثير المرشحين أنفسهم، كلما اقتربت التصفيات من جولات كسر العظم.

جاء إقحام البابا في العملية السياسية الأميركية بضغط من الصحافة، التي دفعته إلى الإجابة عن أسئلة محددة تزامنت مع مغادرته المكسيك، عقب زيارته إياها، أتاحت له فرصة زيارة مناطق حدودية مع الولايات المتحدة، والاستماع إلى روايات مأساوية عن تجارب المبعدين المكسيكيين من الأراضي الأميركية.

هاجم بابا الفاتيكان، في معرض إجاباته على أسئلة الصحافيين، دعوات بعض المرشحين الجمهوريين "المنافية للرحمة والمخالفة للتعاليم المسيحية"، تحديداً ما يسعى إليه الملياردير دونالد ترامب، من بناء جدار حاجز على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة.

ذكر البابا ما معناه أن "الكتاب المقدس بريء من دعوات القسوة، ومن يدعو إلى بناء الجدران بدلاً عن بناء الجسور، فإنه قد تنصّل من الدين المسيحي"، رغم أن البابا أبدى حرصاً على التوضيح بأنه يتحدث كواعظ يهمه الدين لا السياسة، ويهمه رفع المعاناة عن البشر وليس التصويت لهذا أو ذاك، إلا أن ترامب استغل تصريحات البابا ليوظفها في خدمة حملته الانتخابية، باعتباره المرشح غير الرسمي للأغلبية البروتستانتية و"الرئيس المقبل للولايات المتحدة الذي لا يقبل أن يتلقى توجيهاته من الفاتيكان".

وصف ترامب تصريحات البابا بـ"المخزية"، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها بابا الفاتيكان، بل سبق أن وصفه في الماضي بأوصاف لا تليق بشخصية تحظى باحترام واسع في جميع أنحاء العالم. لاحقاً، أصدر الفاتيكان بياناً شدّد فيه على أن البابا تحدث بصفته الدينية بعيداً عن أية حسابات سياسية.

كرّر البابا نداءاته للتضامن مع المهاجرين وعدم التقليل من شأن الأزمات الإنسانية، التي تجبر الناس على اجتياز المسافات عبر الجبال والصحارى، واصفاً الهجرة القسرية بأنها "ظاهرة عالمية ناجمة عن مآس إنسانية". جاءت انتقادات البابا للآراء المتطرفة ضد المهاجرين، بعد تصريحات سياسية شديدة اللهجة أدلى بها أوباما ضد المرشحين الجمهوريين، تخللتها نبرة هجومية غير معهودة من أوباما، مدشّناً بذلك مرحلة انتهاء الحياد الرئاسي في السباق الحزبي مع استمرار حياد أوباما الشخصي، بين مرشحي حزبه.

اقرأ أيضاً: فرص تيد كروز في الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية

غير أن حياد أوباما يعتبره البعض ظاهرياً، وأنه في حقيقة الأمر متحمّس لساندرز، ربما بذات القدر من الحماس، الذي لا يخفيه المؤثر الثالث في العملية السياسية: بيل كلينتون لزوجته هيلاري. يشارك بيل كلينتون بحماسة قوية في حملة زوجته بكتابة رسائل شبه يومية للناخبين، يحثهم فيها على التبرّع لهيلاري. كما يحاول طمأنة جماعات الضغط الأميركية الموالية لإسرائيل، عبر سرده روايات عن نجاحات ساعدته هيلاري على تحقيقها، في أثناء حكمه ولاية أركنساس، وأهمها استعانتها بخبيرة إسرائيلية في مجال تعليم الكبار، أدى وجودها إلى استنساخ تجربة إسرائيلية في التعليم وتطبيقها في أركنساس، ثم تعميمها على حوالى ثلاثين ولاية أميركية بعد أن أصبح كلينتون رئيساً.

من المرجّح أيضاً أن مشورة بيل كلينتون لزوجته، الساعية إلى كسب ترشيح الحزب الديمقراطي، هي التي دفعتها إلى إظهار رأي جديد متشدد تجاه إيران واعتبار الاتفاق النووي مع إيران محصوراً في زاوية محددة، وتعهدت باستمرار الضغط على إيران ومنعها من توسيع نفوذها في المنطقة، وهي آراء من الواضح أن الهدف منها ودّ إسرائيل وليس العرب.

على الرغم من محاولات كلينتون الصارخة استقطاب ود الموالين لإسرائيل، إلا أنها لم تصل إلى درجة منافسة تيد كروز، الساعي إلى كسب ترشيح الحزب الجمهوري في تعهداته لإسرائيل بالوقوف معها بحزم وقوة، معلناً أن "عربون وفائه لإسرائيل سيتم مع بداية وصوله المحتمل إلى البيت الأبيض، باتخاذ قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس".

مثل هذه التعهدات ومحاولات كسب ود إسرائيل لم يلجأ إليها ساندرز، لأنه على ما يبدو غير مضطر لتأكيد هذا الوفاء، فهو قد عاش في وقت من الأوقات في المستوطنات الإسرائيلية وتعايش مع مستوطنيها، ومن مصلحته في هذه الآونة أن ينأى بنفسه عن إسرائيل، استناداً إلى أن ولاءه لا يمكن التشكيك فيه، مهما كان التباين ظاهرياً في وجهات النظر مع حكومتها حالياً.

لكن الأهم من إسرائيل في استراتيجية ساندرز الانتخابية الذكية، هو كسب ود شباب أميركا عن طريق التركيز على خطته الطموحة للتعليم الجامعي المجاني، وخطته المثيرة للجدل، لجعل تعاطي الماريوانا شرعياً ومتاحاً للشباب. وهي قضايا تلاقي رواجاً كبيراً، وترفع أسهم الرجل عالياً، في وقت يتصاعد فيه التطرف نحو أقصى اليمين بين مرشحي الحزب الجمهوري، وهو ما يجعل الديمقراطيين يفكرون ملياً في أن الرد الأمثل على ذلك هو ساندرز، لا هيلاري كلينتون. 

اقرأ أيضاً: "السوبر باك"... المال الانتخابي يهيمن على السباق الرئاسي الأميركي

المساهمون