النظام السوري والروس يُشعلان معركة استنزاف المعارضة

النظام السوري والروس يُشعلان معركة استنزاف المعارضة

23 أكتوبر 2015
ينوي النظام سحب المعارضة للداخل (أحمد حسن عبيد/الأناضول)
+ الخط -
تشهد المرحلة التي تَلَت التدخل الروسي العسكري، لناحية تأمين غطاء جوي لقوات النظام السوري، إطلاق هذه القوات والمليشيات المحلية والأجنبية المتحالفة معها، معارك متزامنة ضد قوات المعارضة السورية، على معظم جبهات القتال في سورية. وهو ما أربك المعارضة ودفعها إلى استنفار إمكاناتها للتصدي لقوات النظام، وعلى الرغم من نجاحها في صدّ الهجمات على معظم الجبهات، إلا أن المعارك الطاحنة، تسبّبت في خسارة المعارضة لعددٍ كبير من قادتها العسكريين الميدانيين ومقاتليها وكميّات من عتادها العسكري، في ظلّ محاولات النظام استنزاف المعارضة.

وعلمت "العربي الجديد" من مقرّبين من قيادة قوات المعارضة في حلب أن "معلومات استخباراتية حصلت عليها قوات المعارضة أخيراً، تُفيد بوجود مخطط تم الاتفاق عليه، بين قيادة النظام وروسيا، ويقضي ببدء عملية عسكرية طويلة الأمد، مدتها ستة أشهر، تهدف إلى استنزاف قوات المعارضة وتشديد الخناق عليها، لإجبارها على الانصياع للشروط الروسية، والتي تتضمن بقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد في المرحلة الانتقالية، من خلال المفاوضات التي ستدعو إليها روسيا، مع قرب تحقق أهداف عمليتها العسكرية في سورية".

وتنصّ الخطة السورية ـ الروسية على أن "تُهاجم قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها، جميع مناطق تمركز قوات المعارضة بشكل متناوب، بحيث توضع هذه القوات في وضع استنزاف دائم. وسيدفع ذلك قوات المعارضة للتراجع عن مناطق تمركزها الاستراتيجية، في حلب ومحيط دمشق، والتخلّي عن سيطرتها على طرق الإمداد الاستراتيجية التي تسيطر عليها، وتمنع قوات النظام من استخدامها، كأوتوستراد دمشق ـ حمص الدولي، ومن ثم محاولة إزاحة قوات المعارضة عن الحدود السورية ـ التركية، والسورية ـ الأردنية، وبالتالي إيقاف دعم قوات المعارضة من الدول الحليفة لها".

وتتضمّن الخطة الروسية ـ السورية أيضاً، هدفاً بعيد الأمد، يتمثل بالحفاظ على مناطق سيطرة تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) بشكلها الحالي من خلال عدم مهاجمة التنظيم، وعدم السماح له بالتمدد في الوقت عينه، بالتزامن مع إضعاف المعارضة. وسيجعل الأمر "داعش"، وكأنه "البديل الوحيد للنظام". الأمر الذي ستتمكن روسيا من استثماره، لإقناع الغرب بالقبول بنظام الأسد للتحالف معه للقضاء على "داعش".

لكن معطيات أخرى لدى قوات المعارضة في حلب، تفيد بأن هذه المخططات لن تُنجز مع وصول المزيد من مضادات الدروع الأميركية من نوع "تاو" إلى يد المعارضة في حلب وإدلب وحماه وريف اللاذقية يومياً، في الفترة الأخيرة، فضلاً عن تزايد الوعود للمعارضة من داعميها الإقليمين والدوليين، بتسليم مضادات طيران فعّالة لها في وقت قريب.

اقرأ أيضاً: التدخل العسكري الروسي موضوع ندوة للمركز العربي

وخسرت قوات المعارضة ثلاثة من أبرز قادتها الميدانيين في ريف حلب، خلال الاشتباكات التي نتجت عن استمرار محاولات قوات النظام التقدم بريف حلب الجنوبي. وفقدت "كتائب نور الدين زنكي" قائدها العسكري إسماعيل ناصيف، كما فقدت "كتائب ثوار الشام"، قائدها العسكري بشار مقدّم. وفَقَدَ "جيش المجاهدين"، أحد أكبر تشكيلات المعارضة بريف حلب، قائده العسكري نوري محمد العبد، في المعارك التي اندلعت في مناطق الوضيحي وخان طومان بريف حلب الجنوبي.

وأسفرت تلك المعارك أيضاً، وفقاً لـ"المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية"، عن "تمكن قوات المعارضة من تدمير ست دبابات لقوات النظام ومدرّعتين ناقلتين للجند من طراز بي أم بي، ومدفع فوزديكا، ومدفعين من نوع شيلكا، وعدة سيارات مزودة برشاشات من عيارات 12.7 و14.5 و23 ميليمتراً".

وتتزامن خسارة قوات المعارضة لثلاثة من أبرز قادتها، مع خسارتها لرئيس أركان "الفرقة الساحلية الأولى" التابعة لـ"الجيش السوري الحرّ" النقيب باسل زمو، والذي قضى إثر غارة جوية من الطيران الروسي على أحد مقرات الفرقة، والتي تُعتبر أحد أكبر تشكيلات المعارضة، المُسيطرة على ريف اللاذقية الشمالي.

وفي السياق، تأتي الغارات الروسية المتجددة على نقاط تمركز قوات المعارضة بريف اللاذقية الشمالي، بعد فشل قوات النظام والمليشيات المحلية الموالية لها وقوات حزب الله في تحقيق أي تقدم يذكر على جبهات القتال، في كفردلبة وجب الأحمر بريف اللاذقية. كذلك استعادت قوات المعارضة السيطرة على بلدة دورين، والتي خسرتها منذ نحو ستة أشهر.

في ريف حمص الشمالي، خسرت المعارضة النقيب رواد الأكسح، رئيس غرفة عمليات قوات المعارضة في بلدة تيرمعلة، والتي تتميز بموقعها الاستراتيجي المهم، مقابل أهم مناطق تمركز قوات النظام شمالي مدينة حمص. وكان الأكسح قد قضى نتيجة غارة روسية استهدفت غرفة عمليات المعارضة.

ولم تنجح قوات النظام أيضاً في التقدم على جبهات القتال، والتي أشعلت معظمها في غوطة دمشق الشرقية، على الرغم من استمرار ضغطها، في ظلّ محاولات دفاعية ناجحة لقوات "جيش الإسلام"، التابع لقوات المعارضة، في نقاط تمركز مهمة في محيط العاصمة دمشق.

وتواصل قوات "جيش الإسلام"، للشهر الثاني على التوالي، قطع أوتوستراد دمشق ـ حمص الدولي، من خلال سيطرتها على التلال الجبلية الواقعة إلى الشمال من ضاحية الأسد في مدخل دمشق الشمالي. وتمكنت قوات "جيش الإسلام" من إفشال جميع محاولات قوات النظام لاستنزافها وتشتيتها، عبر فتح جبهات القتال في محيط غوطة دمشق الشرقية، من الجهات الجنوبية والغربية والشرقية في آن معاً.

ولم تتمكن قوات النظام من استعادة أي مناطق جديدة في ريف القنيطرة الشمالي، من يد قوات المعارضة، منذ سيطرتها على منطقة مزارع الأمل في ريف القنيطرة، نهاية الأسبوع الماضي، في الوقت الذي تشهد فيه جبهات القتال في درعا هدوءاً نسبياً. كذلك تحشد قوات النظام مزيداً من التعزيزات في محيط مدينة داريا، في غوطة دمشق الغربية، فيما يبدو بمثابة تحضير لمعركة جديدة.

ولم تقتصر هجمات قوات النظام على قوات المعارضة فقط، بل تواصل أيضاً مهاجمة مناطق تمركز تنظيم "داعش" بريف حلب. تحديداً في المنطقة الواقعة شرقي مدينة السفيرة، في محاولة منها للتقدم نحو مطار كويرس العسكري، الذي يبسط التنظيم حصارا كلياً عليه.

إلا أن هجمات قوات النظام لم تفلح في تحقيق تقدم كبير، على الرغم من سيطرتها على قرية تل النعام، كون "داعش" ما يزال يواصل سيطرته على قرى الحلبية والدكوانة والمفلسة والشيخ أحمد، والتي تفصل بين مناطق تمركز قوات النظام الحالية، شرقي السفيرة، وبين بقية قواتها المحاصرة في مطار كويرس العسكري.

اقرأ أيضاً: الزبداني بعد الهدنة... تدمير ممنهج لجعلها غير صالحة للسكن

المساهمون