وفد كوري شمالي يتوجه إلى طهران للمرّة الأولى منذ 2019

وفد كوري شمالي يتوجه إلى طهران للمرّة الأولى منذ 2019

24 ابريل 2024
وزير العلاقات الاقتصادية لكوريا الشمالية خلال اجتماع في بيونغ يانغ 12 ديسمبر 2023 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وفد حكومي رفيع المستوى من كوريا الشمالية بقيادة وزير العلاقات الاقتصادية يزور طهران لأول مرة منذ 2019، وسط تكهنات حول أهداف الزيارة والتعاون العسكري بين البلدين.
- العلاقات بين إيران وكوريا الشمالية تعود لما بعد الثورة الإيرانية 1979، مع تطور ملحوظ في العقود الماضية، خصوصاً في مواجهة الضغوط الأميركية والغربية.
- الزيارة الأخيرة تعكس استمرارية وتعميق العلاقات الثنائية، مع تركيز على العلاقات العسكرية والبحث عن سبل للالتفاف على العقوبات الغربية.

لأول مرة، منذ عام 2019، توجه وفد حكومي رفيع المستوى من كوريا الشمالية، اليوم الأربعاء إلى العاصمة الإيرانية طهران لإجراء مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين، الأمر الذي يثير تساؤلات وتوقعات عن أجندة الزيارة الحقيقية والأهداف. وحسب ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن وكالة الأنباء الكورية الشمالية، فإن وزير العلاقات الاقتصادية، يون جونغ هو، هو من يترأس الوفد، وهو في طريقه إلى إيران، لكن لم يُكشف عن جدول أعمال الزيارة بعد.

وتأتي الزيارة في ظل اتهامات أميركية وغربية مستمرة بتعاون عسكري بين طهران وبيونغ يانغ في مجال تطوير الصواريخ البالستية، ودعم كوريا الشمالية لإيران لتطوير هذه الصواريخ.

خلفية عن العلاقات الإيرانية الكورية الشمالية

وبدأت العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الكورية الشمالية بعد انتصار الثورة في إيران عام 1979، فرغم بدء التحركات الدبلوماسية في العهد الملكي الإيراني لإطلاق هذه العلاقات عام 1973 وإجراء عدة لقاءات وحوارات، لكنها لم تصل إلى علاقات دبلوماسية رسمية. وكانت تربط كوريا الشمالية علاقات جيدة مع إيران والعراق خلال حرب الثماني سنوات في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت تزود البلدين بالأسلحة، في مقدمتها صواريخ "سكاد بي" البالستية.

بدأت العلاقات الدبلوماسية الإيرانية الكورية الشمالية بعد انتصار الثورة في إيران عام 1979

زيارات متبادلة سابقة

وكانت آخر مرة زار فيها وفد كوري شمالي طهران، يعود إلى أغسطس/ أب 2019، سبقتها زيارة وزير الخارجية الكوري الشمالي ري يونغ هو الذي أجرى مباحثات مع نظيره الإيراني السابق محمد جواد ظريف في العاصمة الإيرانية طهران.

لكن منذ ذلك التاريخ، لم يتبادل البلدان أي زيارة على مستوى الوزراء. كذلك زار خلال أغسطس/ آب عام 2017، وفد رفيع المستوى من كوريا الشمالية، البلد، للمشاركة في حفل اليمين الدستوري للرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني. وترأس الوفد رئيس اللجنة الدائمة لمجلس الشعب الأعلى في كوريا الشمالية كيم يونج نام.

واستغرقت زيارة كيم يونغ نام بصفته الرجل الثاني في كوريا الشمالية إلى طهران، عشرة أيام، الأمر الذي أوحى حينها بإجرائه مباحثات "استراتيجية" معمّقة في إيران، لكن لم يكشف عن تفاصيلها ولا عن عناوينها، وظلت سرية.

إلى ذلك، زار أيضاً نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي الأسبق، باك كيل يون، الأراضي الإيرانية، خلال فبراير/ شباط 2010.

في المقابل، توجهت وفود إيرانية متعددة خلال العقود الأربعة الماضية، إلى بيونغ يانغ لإجراء مباحثات فيها مع مسؤولين من البلد، في مقدمتهم زيارة رئيس البرلمان الإيراني المؤقت علي أكبر هاشمي رفسنجاني لبيونغ يانغ عام 1981. وأجرى هاشمي رفسنجاني مباحثات مع الزعيم الكوري السابق، كيم إيل سونغ، أعقبتها زيارة رئيس الوزراء الإيراني الأسبق مير حسين موسوي الذي يخضع حالياً لإقامة جبرية في طهران، عام 1983.

مصالح مشتركة

وبعد تدشين العلاقات الدبلوماسية، سرعان ما توسعت العلاقات بين طهران وبيونغ يانغ، وخصوصاً بعد الحرب الإيرانية العراقية، حيث تُعَدّ إيران من الدول القليلة إلى جانب سورية، والصين وروسيا وبيلاروسيا، التي تربطها علاقات سياسية واقتصادية عادية مع كوريا الشمالية في العالم.

وعادة يدعم البلدان مواقف الآخر في الأوساط والساحات الدولية. ويعود ذلك إلى مصالح مشتركة باتت تجمع بين البلدين على خلفية موقفهما "العدائي" من الولايات المتحدة الأميركية، حيث ينظر إلى هذا العامل باعتباره الدافع الحقيقي وراء نسج العلاقات وتطويرها وإدخالها مسارات "سرية" غير معلنة.

وأسهم هذا العامل على مدى العقود الأخيرة في توسيع العلاقات الثنائية التي تشمل اليوم عدة مجالات علمية وعسكرية ونووية وسياسية، وتبادل زيارات وفود، لكن العلاقات العسكرية ظلت طيّ الكتمان ويسودها غموض شديد، وسط تقارير أميركية وغربية بتنامي هذه العلاقات باستمرار.

والعامل الآخر وراء تنامي العلاقات، تعرّض كل من البلدين لعقوبات أميركية مشددة، وخصوصاً خلال السنوات الأخيرة، حيث فرضت الولايات المتحدة عقوبات شاملة على طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي.

وفي السياق، يُنظر إلى وزير العلاقات الاقتصادية لكوريا الشمالية الذي يزور إيران، على أنه يلعب دوراً نشيطاً في تعزيز الروابط الاقتصادية بين بلده والدول الحليفة، إذ تأتي زيارة يون جونغ هو لطهران بعد زيارة مماثلة لروسيا. أما العامل الآخر وراء تعزيز العلاقات الثنائية خلال العقد الأخير أكثر من قبل، فهو دعم البلدين لنظام بشار الأسد في سورية.

وبشأن العلاقات الإيرانية الكورية الشمالية، يقول الخبير الإيراني عباس أصلاني المقرّب من الخارجية الإيرانية لـ"العربي الجديد"، إن "المحفز لتوسيع هذه العلاقات هو صراع البلدين مع الولايات المتحدة على زمن طويل"، مشيرا إلى أن "اتساع نطاق الدول التي تتعرض للعقوبات الأميركية خلقت فرصا للتعاون بين هذه الدول لبحث سبل مشتركة للالتفاف على هذه العقوبات".

ويضيف أصلاني وهو رئيس تحرير صحيفة "إيران ديلي" الحكومية الناطقة باللغة الانجليزية أن العقوبات التي تعرضت لها روسيا من قبل الولايات المتحدة بعد الحرب الأوكرانية قرّبتها إلى إيران وكوريا الشمالية.

ويؤكد الخبير الإيراني أن استمرار الضغوط الأميركية والغربية على كل من إيران وكوريا الشمالية واحتدامها خلال السنوات الأخيرة، عززت فرص التعاون بينهما في مختلف المجالات.

وحول زيارة الوفد الكوري الشمالي إلى إيران، يقول أصلاني أنها من ضمن الزيارات القليلة النادرة التي يعلن عنها في الإعلام، مشيرا إن أن الزيارات بين البلدين عادة تبقى بعيدة عن الإعلام.

ويلفت الخبير الإيراني وهو أيضا رئيس تحريز وكالة "آنا" للأنباء شبه الرسمية، إلى أنه عادة لا تعلن عن هذه الزيارات والإعلان عنها هذه المرة ربما يدل على أهميتها ومحل اهتمام.

ويؤكد أن العقوبات التي تفرضها أميركا والغرب على إيران والغرب لا تشمل فقط المجال الاقتصادي، وإنما هي تهدف إلى عزلة البلدين سياسيا في العالم.

ويوضح أن التركيز الغربي على إبراز العلاقات العسكرية بين طهران وبيونغ يانغ يهدف إلى ممارسة الضغط لجلب دعم الدول بغية عزلة البلدين، مشيرا إلى أن بينهما بطبيعة الحال علاقات عسكرية أيضا "لكن ثمة مبالغة هادفة بشأنها" من قبل الغرب وأميركا.

ويشدد الخبير أصلاني في حديثه مع "العربي الجديد" على أن "تضخيم" العلاقات العسكرية بين البلدين مرده هو تشكيل جبهة موحدة ضدهما.

علاقات عسكرية

وثمة مؤشرات وتقارير غربية على علاقات "سرية" بين إيران وكوريا الشمالية على الصعيد العسكري، لكن هذه العلاقات بقيت طيّ غموض شديد، ولا تفاصيل عن التعاون العسكري بين البلدين، ويصوب على التعاون في مجال تطوير الصواريخ البالستية الإيرانية.

وفي السياق، تشير تقارير إعلامية غربية إلى تشابه بين صاروخ "عماد" الإيراني الباليستي وصواريخ رودونغ (Rodong) لكوريا الشمالية. وصاروخ "عماد" الإيراني صاروخ بالستي أرض أرض والنموذج المتطور من صاروخ "قدر"، ويصل مدى الصاروخ إلى 1700 كلم، وطوله 5.15 أمتار وقطره 2.18 متر. "عماد" من صنع وزارة الدفاع الإيرانية التي كشفت عنه في 5 أكتوبر/ تشرين الأول 2015. وثمة تقارير أخرى عن تشابه مماثل بين غواصات "قدير" الإيرانية وغواصات "يونو" (Yono) التي استهدفت عام 2010 سفينة روكس جيونان لكوريا الجنوبية.

المساهمون