واشنطن تمتنع عن معاقبة عسكريين تسببوا بمقتل مدنيين في ضربة جوية بكابول

14 ديسمبر 2021
أميركا تعهدت بتعويض ذوي الضحايا (Getty)
+ الخط -

أعلن البنتاغون، أمس الاثنين، أنّه لن تتمّ معاقبة العسكريّين الأميركيّين الذين شاركوا في غارة شنّتها طائرة مسيّرة وأسفرت عن مقتل 10 مدنيّين بينهم سبعة أطفال في كابول في نهاية أغسطس/آب خلال الانسحاب الفوضوي للقوّات الأجنبيّة من أفغانستان.

وقال المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي "لم تكن هناك أدلّة قويّة كافية لتحميل مسؤوليّات شخصيّة"، قبل أن يضيف "ما حدث كان خللاً في عمليّة اتّخاذ القرار والتنفيذ، ولم يكن نتيجة إهمال أو خطأ أو قيادة سيّئة".

ونُفّذت هذه الضربة في 29 أغسطس/آب، عشيّة المغادرة الفعليّة لآخر جندي أميركي من مطار كابول، بعد أيّام عدّة من الارتباك الهائل الناجم عن الاستيلاء السريع لحركة "طالبان" على كابول. ووضعت مغادرة الجنود الأميركيّين حدّاً لأطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة.

وأُبلِغ الجيش الأميركي بهجوم يُحتمل أن يشنّه تنظيم "داعش" الإرهابي لاستهداف عمليّات الإجلاء قرب مطار كابول، فقرّر استهداف ما اعتقد أنّها سيّارة مليئة بالمتفجّرات.

وكان يقف بالقرب من السيّارة وهي بيضاء من طراز "تويوتا"، إزمراي أحمدي، وهو أفغاني كان يعمل مع منظّمة "التغذية والتعليم الدوليّة" غير الحكوميّة الأميركيّة، إضافة إلى تسعة أفراد من عائلته، بينهم سبعة أطفال.

وأعرب أمل أحمدي (32 عاما) الذي أودت الضربة بحياة ابنته البالغة ثلاث سنوات وشقيقه وستة من أبناء اخوته، عن غضبه الثلاثاء إزاء القرار الأميركي.

وقال أحمدي "الله سيقتصّ لنا، ماذا لو فقدت الولايات المتحدة طفلاً؟ كيف سيكون رد الفعل؟".

غارة أميركية تسببت بمقتل 10 مدنيين بكابول (Getty)

وحضّت طالبان واشنطن على التراجع عن القرار، وقال متحدث باسمها إن على واشنطن محاسبة المسؤولين عن الضربة.

اعتذارات أميركية

واتّخذ وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، القرار بعدم معاقبة العسكريّين، بعد تلقّيه تقريراً من اثنين من كبار الضباط، هما كينيث ماكنزي وريتشارد كلارك.

ويشغل الأوّل منصب قائد القيادة المركزيّة "سينتكوم"، المنطقة العسكريّة التي تضمّ أفغانستان، بينما الثاني مسؤول عن العمليّات الخاصّة.

وأوضح كيربي أنّه لم تصدر عن أيّ من الضابطين توصية بفرض عقوبات فردية.

وأعلن البنتاغون في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني أنّ الضربة على كابول في 29 أغسطس/ آب كانت خطأ مأسويًا، مؤكدا رغم ذلك أنّها لم تنتهك قوانين الحرب.

وقال المسؤول بوزارة الدفاع اللفتنانت جنرال سامي سعيد في تقرير إنّ "التحقيق لم يُحدّد أيّ انتهاكات للقانون، بما في ذلك قانون الحرب".

وأضاف أنّ أخطاء تتعلّق بالتنفيذ مصحوبة بانقطاعات في الاتّصال "أسفرت عن خسائر مؤسفة في صفوف المدنيّين".

وكان وزير الدفاع الأميركي قد قدّم "خالص تعازيه" و"اعتذاره" عن هذا الخطأ الفادح.

وشُنّت الضربة عشيّة الانسحاب الأميركي من أفغانستان الذي انتهى في 30 أغسطس/ آب، بعد 20 عاما من التواجد في البلاد في أطول حروب الولايات المتحدة على الإطلاق.

في نوفمبر/ تشرين الثاني، وصفت منظّمة التغذية والتعليم الدوليّة، تحقيق البنتاغون بأنّه "مخيّب للآمال للغاية وغير كافٍ".

ووعد البنتاغون بدفع تعويضات للأفغان الذين عملوا في هذه المنظّمة غير الحكوميّة ولعائلاتهم، ومساعدتهم على مغادرة البلاد، لكنّ لائحة المستفيدين من هذه التعويضات لم تنته بعد، وفقًا لمسؤولي البنتاغون.

غارة أميركية تسببت بمقتل 10 مدنيين بكابول (Getty)

وقال كيربي الاثنين "نريد أن نتأكد من أننا نقوم بذلك بأكثر الطرق أمانًا ومسؤولية، حتى نكون متأكّدين من أنّ الأشخاص المناسبين سيستفيدون منها وحدهم".

ضرورة "معاقبة الجناة"

من جهتها، حضّت حكومة "طالبان" الثلاثاء الولايات المتحدة على العودة عن قرارها بعدم معاقبة الطاقم المسؤول عن الضربة.

وقال المتحدث باسمها بلال كريمي "إذا كانت هناك أي عدالة واحترام لحقوق الإنسان واحترام للكرامة الإنسانية، فمن مسؤوليتهم معاقبة الجناة وتعويض الضحايا".

ورفض كيربي التعليق على مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الإثنين ذكر تفاصيل حول وحدة عسكرية أميركية سرية تسببت في أضرار مدنية خلال شنها غارات بطائرات مسيّرة على أهداف تابعة لتنظيم "داعش" في سورية.

وقال كيربي "نحن نتعامل مع قضايا الضرر بالمدنيين على محمل الجد... عندما لا ننفذ عملياتنا بالشكل الصحيح، نريد التحقيق في هذه الأخطاء".

(فرانس برس)

المساهمون