مؤتمر إسرائيلي بمشاركة وزراء يدعو للتهجير والاستيطان في غزة

مؤتمر إسرائيلي بمشاركة وزراء يدعو للتهجير والاستيطان في غزة

29 يناير 2024
تخللت المؤتمر أجواء احتفالية ورقص (Getty)
+ الخط -

أكد مؤتمر عقدته جهات استيطانية إسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، ليل الأحد الاثنين، نوايا التهجير القسري لسكان قطاع غزة، عبر خطابات وشعارات رُفعت خلاله هتافات، وجرت جولات رقص وإطلاق أسماء على المستوطنات التي ستُقام في القطاع، وذلك بمشاركة عدد من كبار المسؤولين الإسرائيليين، بينهم 12 وزيراً و15 عضو كنيست على الأقل.

تحت شعار إعادة الاستيطان إلى غزة، ذُكر مراراً وتكرارا مصطلح "ترانسفير" للفلسطينيين بشكل واضح لا يقبل التأويل، الأمر الذي أثار حتى انتقادات من قبل بعض المراقبين الإسرائيليين، ذلك أن عودة الاستيطان والترانسفير ليست محل إجماع في المجتمع الإسرائيلي.

كما وجهت انتقادات لمهاجمة المشاركين خطة "فك الارتباط" أحادي الجانب التي نفّذتها إسرائيل عام 2005، لكن قبل هذا، والأهم، هو خشية أوساط إسرائيلية من أن يسيء هذا المؤتمر إلى صورة إسرائيل ويؤثر عليها في الحرب الحالية، إلى حد ذهب فيه بعض الكتاب إلى اعتباره "عملية تخريبية"، تمنح جنوب أفريقيا المزيد من الأوراق في الدعوى التي قدّمتها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، واتهمت فيها إسرائيل بارتكاب عمليات إبادة جماعية في قطاع غزة.

واعتبرت صحيفة "هآرتس" أن "الاستيطان كان مجرد شعار، وما كان في صلب المؤتمر الذي شارك فيه الآلاف هو الترانسفير".

ودعا آلاف المشاركين في المؤتمر للعودة إلى الاستيطان في قطاع غزة والانضمام إلى نوى استيطانية، وانتهاز الفرصة للمشاركة في "إعادة بناء مدينة غزة العبرية"، على حد تعبيرهم. كما عرضت خلال الفعالية مجموعة من المناطق التي يمكن الاستيطان فيها.

ونقلت الصحيفة عن إحدى منظمات المؤتمر قولها إن "عشرات العائلات سجّلت لواحدة من النوى الاستيطانية الست المنوي إقامتها في قطاع غزة".

وعُلّقت خريطة ضخمة لقطاع غزة على حائط في ما يُسمى "مبنى الأمة" في القدس المحتلة، حيث عُقد المؤتمر، وكُتبت عليها أسماء المستوطنات التي أخليت عام 2005 إلى جانب المستوطنات المستقبلية الجديدة التي تسعى هذه الجهات إلى إقامتها هناك.

"الغزّيون سيرحلون والإسرائيليون سيستوطنون"

ولفتت الصحيفة إلى أن "الترانسفير قيل بشكل واضح من خلال خطابات على المنصة بأشكال متعددة". ومن الأمثلة على ذلك ما أكدته دانييلا فايس، وهي من قادة المستوطنين ومنظمي المؤتمر، في خطابها، أن "ثمة خيارين مطروحين، إما أن تكون غزة يهودية ومزدهرة أو أن تعود لتكون عربية قاتلة"، وتساءلت: "الملايين من لاجئي الحرب (حول العالم) يتنقّلون من دولة إلى أخرى، فلماذا يبقى هؤلاء الوحوش متّصلون بأرضهم؟ لماذا يجب أن يبقوا هم بالذات في البلاد التي حوّلوها إلى جهنم؟ 7 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر التاريخ، وغزة البوابة الجنوبية ستفتح للرفاهية. الغزيون سيرحلون إلى جميع أرجاء العالم فيما سيقوم شعب إسرائيل بالاستيطان في غزة".

ووزع منظمو المؤتمر كتيّباً جاء فيه: "نكبة 2، أي تهجير جماعي لعرب غزة، يوجد مبرر كامل في قوانين الحرب".

وبالإضافة إلى إيتمار بن غفير الذي دعا بوضوح إلى تهجير أهالي غزة، وردد الجمهور هتافات "الترانسفير" خلال خطابه، كان من بين الوزراء الذين دعوا بشكل واضح إلى الترانسفير أيضاً الوزير شلومو كرعي، الذي قال إن "الترانسفير هو الطريقة الوحيدة الحقيقية لجباية ثمن كبير من النازيين من حماس وضمان الأمن والهجرة الطوعية"، معتبرا أن الهجرة الطوعية هي "فرض أمر واقع من خلال الحرب، حتى يقول الشخص أنا أريد الهجرة".

ذخيرة لجنوب أفريقيا

إلى ذلك، حذر مراسل ومحلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي من تبعات المؤتمر، مطالباً المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) التنصّل منه.

وكتب أن على "الكابنيت" استنكار "العملية التخريبية، مؤتمر الترانسفير"، معتبرا أن الدعوة إلى تجديد الاستيطان في قطاع غزة تقوض شرعية إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتمنح "ذخيرة" لجنوب أفريقيا في الدعوى التي رفعتها في لاهاي، وقال: "تحويل الحرب إلى سياسية (أي استغلالها في السياسة الداخلية الإسرائيلية) يهدد وحدة الصفوف ويضر بقدرتنا على الانتصار في الحرب. ومن أجل تقليص الأضرار، على نتنياهو والكابنيت التنصّل بشكل واضح وعلني مما جاء في المؤتمر".

ولفت بن يشاي إلى أن "استيطان مواطنين في أراضٍ محتلة يتعارض مع القانون الدولي، وسيكون من الصعب على إسرائيل الدفاع عن ذلك وعندما يتم الإبلاغ عن ذلك إلى المحكمة الدولية بعد أقل من شهر، فإن هذا المؤتمر سيعتبر تحريضاً وفق أحد التعريفات التي تحدثت عنها بشكل واضح رئيسة المحكمة".

وأضاف أن "المؤتمر لا يضر فقط بإسرائيل على مستوى صورتها أمام العالم وعلى المستوى الإعلامي والرأي العام الغربي، ولكنه أيضاً يدعو إلى الترانسفير الذي يعتبر جريمة حرب بحد ذاته"، مستدركا بأن "المؤتمر نادى بأمرين ممنوعين وفق قوانين الحرب الدولية، قد يدفعان حتى الولايات المتحدة لمطالبة إسرائيل بوقف الحرب".

ويرى الكاتب أن على رئيس الحكومة وأعضاء "الكابنيت" أن يكونوا على دراية بالتّبعات السلبية لمجرد عقد المؤتمر، إلى جانب إطلاق شعار "الترانسفير يحقق السلام"، وقال: "هذا يضر بالجهد الحربي وبقدرة إسرائيل على كسب الوقت من أجل إنهاء القتال وتفكيك البنية التحتية لحركة حماس، كما يمكن أن يشكّل خطورة على ضباط وشخصيات سياسية إسرائيلية لدى سفرهم إلى خارج البلاد، والذين قد يتعرّضون لرفع دعوى ضدهم بسبب مشاركتهم في جرائم حرب، بدليل الشعارات التي تم إطلاقها في المؤتمر".

من جهته، انتقد الوزير في "كابنيت" الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت في بيان له، اليوم الاثنين، المشاركين في مؤتمر "العودة إلى غزة"، خاصة منتخبي الجمهور، في إشارة إلى الوزراء وأعضاء الكنيست، معتبراً أن مشاركتهم هي سياسية، داعيا إلى الحرص على العمل في الأمور التي عليها إجماع إسرائيلي واسع فقط في هذه المرحلة.

ومما قاله آيزنكوت إنه "في الوقت الذي يحارب فيه جنود الجيش الإسرائيلي جنباً إلى جنب في الحرب التي لا توجد حرب عادلة أكثر منها"، على حد تعبيره، "وفي الوقت الذي نختار فيه البحث عن الأمور التي توحّدنا والنأي جانباً بالخلافات المبدئية من أجل الأهداف المشتركة، وهي إعادة المخطوفين وهزيمة حماس، فإن آخرين يجدون وقتاً للمشاركة في حدث يفرّق المجتمع الإسرائيلي ويعزز عدم الثقة بالحكومة ومنتخبيها، وبالأساس يعزز القضايا التي تفرّق على حساب التي توحّد".

المساهمون