لقاء أردوغان والأسد المرتقب.. لنهاية القطيعة أم خطوة انتخابية؟

25 ابريل 2023
ترجيح أن تكون الانتخابات من دوافع السعي التركي للتقارب مع نظام الأسد (مراد كولا/الأناضول)
+ الخط -
رجّح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، الإثنين، عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد، ما سيعني وضع حدّ لقطيعة سياسية بدأت في 2012، عقب رفض الأسد التجاوب مع الجهود التركية لتطويق الأزمة السورية التي كانت لها تبعات سلبية.
وفي تصريحات تلفزيونية له، مساء الاثنين، لم يستبعد جاووش أوغلو عقد اللقاء، مشيراً إلى أنه "يجب أولاً تحضير خريطة طريق لهذا اللقاء، تتضمن عدم فرض شروط مسبقة، ودراسة المرحلة السياسية، ومكافحة الإرهاب، وإحلال الاستقرار في سورية".
ولم يحدد المسؤول التركي موعدا دقيقا للقاء المحتمل بين أردوغان والأسد، لكنه أشار إلى أنه "اقتُرحت مواعيد، أحدها مطلع مايو/ أيار المقبل، وهو قريب جدًا من موعد الانتخابات، لكنه لم يحدث، لأن الرئيس الإيراني (إبراهيم) رئيسي سيذهب إلى سورية في هذا التوقيت".
وأوضح وزير الخارجية التركي أن بلاده ترى أن التواصل مع النظام السوري "مفيد إذا كنا نريد إعادة اللاجئين السوريين، وإذا كنا نريد مواصلة مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فاعلية، وإذا أردنا الحفاظ على وحدة أراضي سورية"، مضيفاً: "في حال لم يتم إحلال الاستقرار في سورية، فإن الآثار السلبية على تركيا ستكون كبيرة".
غير أن جاووش أوغلو أكد أن قوات بلاده لن تنسحب في الوقت الراهن من شمال سورية، لأن هذا الانسحاب "يعني توقف عملياتنا العسكرية ضد الإرهاب، واقتراب الإرهابيين من حدودنا، وهذا يشكل تهديداً لأمننا القومي"، كما شدد على أنه "لا مطامع لتركيا في الأراضي السورية، ولكن لا يمكننا الانسحاب من الشمال السوري إلا حين يستتب الأمن ويعود الاستقرار الكامل إلى تلك المناطق".

ويبدو أن الاجتماع الأمني والعسكري في موسكو، اليوم الثلاثاء، والذي يضمّ وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، يندرج في سياق "تنقية الأجواء" لتهيئة الظروف أمام اجتماع ثنائي بين أردوغان والأسد، ورباعي بين رؤساء تركيا وإيران وروسيا والنظام السوري، للدفع أكثر في اتجاه "تطبيع سياسي" بين أنقرة ودمشق.

ولا يمكن عزل اللقاء المرتقب عن الأوضاع الداخلية التركية قبيل انتخابات برلمانية ورئاسية حاسمة، فالتفاهم المبدئي مع الأسد من شأنه سحب الورقة السورية من يد المعارضة التركية. كما أن للنظام السوري مصلحة في تغيّر موقف أنقرة تجاهه، كونها الطرف الرئيسي الداعم للمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، ما يعني اضطرار هذه المعارضة ربما إلى تقديم تنازلات، وخاصة لجهة استمرار الأسد في السلطة.

جدية تركية

ويضع المحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، في حديث مع "العربي الجديد"، تصريحات جاووش أوغلو في سياق "النهج الدبلوماسي التركي حيال النظام في دمشق"، مضيفاً: "إذا كان هناك توجه نحو المصالحة، فلا بد أن يكون هناك لقاء بين أردوغان والأسد في النهاية، كما حدث مع الجانب المصري"، معتبراً أن "هذه خطوة انتخابية للحصول على مكاسب من خلال سحب الورقة السورية من الائتلاف المعارض".

ويعتقد رضوان أوغلو أن لدى الجانب التركي "جدية لوضع حلول للقضية السورية"، لافتاً إلى أن "استمرار الأوضاع في سورية على ما هي عليه ليس في مصلحة تركيا".

من جانبه، يرى مدير وحدة تحليل السياسات في مركز "الحوار السوري" محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "السباق الانتخابي في تركيا هو أحد دوافع التطبيع التركي مع نظام الأسد"، لافتاً إلى أن "جاووش اوغلو يحاول تسويق الجهود الحكومية لجهة أنها يمكن أن تذهب إلى أبعد ما يمكن لحلّ القضية السورية المؤرقة للناخب التركي"، ويعتقد أن تصريحات الوزير التركي حول اللقاء بين أردوغان والأسد "قابلة للتحقق"، مستدركاً بالقول: "لكنني أرى أن اللقاء مستبعد قبل الانتخابات التركية".

وأعرب سالم عن قناعته بأن النظام السوري "يقاوم الضغوط الروسية للتوفيق بين الطرفين، بهدف عدم منح هذه الورقة لحكومة العدالة والتنمية"، ويرى أن النظام "يريد انتظار نتائج الانتخابات التركية التي يمكن أن تؤدي إلى مجيء تحالف المعارضة، وهو غالباً سيكون أكثر مرونة مع نظام الأسد". ويضيف: "بعد الانتخابات التركية، لقاء أردوغان والأسد ممكن، لكن قياساً على الحالة المصرية، هذا الأمر قد يأخذ وقتاً طويلاً. حتى الآن، لم يلتقِ أردوغان بالسيسي لقاء رسمياً، باستثناء لقاء عابر قصير بوساطة قطرية".

ومنذ عام 2012، اتبعت تركيا سياسة الباب المفتوح أمام اللاجئين السوريين، الذين يصل عددهم اليوم إلى نحو 4 ملايين، يعتبر مراقبون أنهم تحولوا إلى "عبء اقتصادي وسياسي" على حكومة "حزب العدالة والتنمية".

وشهد الموقف التركي من القضية السورية منعرجات متعددة، وصلت إلى حدّ التدخل العسكري المباشر عدة مرات، الأولى في عام 2016، حين شنّ الجيش التركي عملية "درع الفرات"، وأنهى وجود تنظيم "داعش" في ريف حلب الشمالي. وفي مطلع عام 2018، طرد الجيش التركي "وحدات حماية الشعب" الكردية من منطقة عفرين، شمال غربي حلب، وفي عام 2019 سيطر على منطقتي تل أبيض ورأس العين في شمال شرقي سورية. ونشرت تركيا آلاف الجنود في ريف محافظة إدلب، شمال غربي سورية. 

المساهمون