كواليس القمة العربية: الإمارات تُفشل اعتماد بنود لدعم موازنة فلسطين

16 مايو 2024
لوحات إعلانية في شوارع المنامة تظهر أعلام الدول المشاركة في القمة، 14 مايو 2024 (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ33 في المنامة توترات وتراشق إعلامي بسبب تحفظ الإمارات على بندين لدعم مالي للسلطة الفلسطينية، مما أدى لتعديل القرارات لتتوافق مع موقف الإمارات.
- الرئيس الفلسطيني محمود عباس شارك في القمة، معبراً عن استياءه من التحفظات الإماراتية ومؤكداً على الحق السيادي للدول في إبداء الملاحظات دون التدخل في الشؤون الداخلية.
- بعد نقاشات، تم جعل الدعم المالي للسلطة الفلسطينية اختيارياً بدلاً من إلزامياً، ما يعد انقلاباً على قرارات قمة بيروت 2002 ويبرز تأثير الخلافات السياسية على القرارات الجماعية في القمم العربية.

عُدلت القرارات المتعلقة بدعم موازنة السلطة بعد تحفظ الإمارات

تحفّظ الإمارات أغضب الجانب الفلسطيني الذي قدم مذكرة رد فيها

حصل تراشق بين مسؤولين فلسطينيين وإماراتيين قبل تدخل وزراء عرب

سادت أجواء من التوتر والتراشق الإعلامي في اليومين الماضيين (الثلاثاء والأربعاء) خلال الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الثالثة والثلاثين في المنامة (قمة البحرين)، بعدما أفشلت دولة الإمارات العربية دعم موازنة السلطة الفلسطينية بالتحفظ على بندين مهمين لدعمها ماليا، لتُعدل القرارات النهائية للاجتماعات بما يتفق مع تحفظ الإمارات بشكل يفرغ قرارات القمة العربية المتعلقة بدعم السلطة من مضمونها بشكل كامل.

ويشارك الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القمة العربية اليوم، ويلقي كلمة في اجتماعها، ويرافقه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ورئيس الوزراء، وزير الخارجية والمغتربين محمد مصطفى، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، بالإضافة إلى سفير دولة فلسطين لدى البحرين طه عبد القادر.

وفي التفاصيل، أكدت مصادر لـ"العربي الجديد" التي فضلت عدم نشر اسمها، أن الاجتماعات التحضيرية التي عُقدت في المنامة في اليومين السابقين، للتحضير للقمة العربية التي تُعقد اليوم، تم تعديل قراراتها المتعلقة بالدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية، بناء على تحفظ شديد اللهجة أبدته دولة الإمارات العربية المتحدة، ما يعني أن البنود التي تحفظت عليها الإمارات تم شطبها من قرار اللجنة التحضيرية للاجتماع؛ وبالتالي لن تكون هذه البنود موجودة في القرارات النهائية التي ستصدر عن قمة البحرين اليوم.

وتحفظت الإمارات على البندين الأول والخامس من قرارات اللجنة التحضيرية، بلهجة شديدة، وجاء تحفظها حسب المصادر: "على الفقرة العاملة رقم (1)، والفقرة العاملة رقم (5) انطلاقا من إيمانها بأن دعم موازنة فلسطين مشروط بقيام حكومة فلسطينية من الخبراء المستقلين الأكْفاء تتمتع بالنزاهة والثقة وتعمل بشفافية واستقلالية عن سلطة لم نر منها أي إنجازات ذات مغزى طوال السنوات المنصرمة".

هذا التحفظ أغضب الجانب الفلسطيني الذي قدم مذكرة جاء فيها: "إن دولة فلسطين، وإذا تعتقد بالحق السيادي لأي دولة عضو في إبداء تحفظاتها أو ملاحظاتها على القرارات، لكن ذلك يجب أن يستند إلى قواعد وأصول تنسجم مع ميثاق جامعة الدول العربية التي يوجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، كما أن التحفظ يجب أن يراعي مبدأ الاحترام بين الدول الأعضاء".

وتابعت المذكرة: "تتحفظ دولة فلسطين على العبارات المتجنية وغير الصحيحة التي وردت في تحفظ الإمارات العربية المتحدة بخصوص النزاهة والثقة والشفافية والاستقلال، كما أن دولة فلسطين وإذا تتطلع لدعم ومساندة الدول الأعضاء الشقيقة، لكنها لا تحتاج دروسا في النزاهة والشفافية والثقة والاستقلال من أحد". وأضاف الجانب الفلسطيني في مذكرته الغاضبة: "كما أن دولة فلسطين تعتقد بأن مثل هذه القيم التي حافظت عليها على مدار عقود طويلة من الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لا تتطلب منها إثبات براءتها والانصياع لأوامر وإملاءات خارجية تستهدف الثوابت الوطنية للقضية الفلسطينية. دولة فلسطين تتفهم أن الدول التي تتحفظ على دعم موازنة دولة فلسطين وشبكة الأمان المالية هي التي تساهم فيها وليس الدول التي لا تساهم فيها على مدار سنوات طويلة".

وتابعت المصادر: "تمت صياغة التعديلات على القرار الأصلي بناء على رغبة الإمارات، ما أشعل جلسة الاجتماعات يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين". وأصر الجانب الفلسطيني على أن تقوم جامعة الدول العربية بإدراج المذكرة الفلسطينية في القرار النهائي كملاحظة، ليبدأ التراشق الإعلامي بين المسؤولين من فلسطين والإمارات، ما استدعى تدخل وزراء خارجية الأردن ومصر والمغرب والسعودية للوساطة.

وتركزت الوساطة على سحب التحفظ الإماراتي ومقابله سحب المذكرة الفلسطينية من محضر الاجتماع والقرار النهائي لهذه القمة العربية في البحرين بسبب احتوائهما على "اتهامات متبادلة غير لائقة"، حسب المصادر، وليس على إرجاع البنود المتعلقة بالدعم المالي للسلطة وعدم شطبهما واستبدالهما بصياغة رخوة غير ملزمة للدعم المالي.

وبعد جدل ونقاش وتراشق طويل تم التوافق بين الوفود العربية على تعديل بند شبكة الأمان التي كانت بمائة مليون دولار، ليصبح النص الجديد يتضمن الاتفاق على عمل شبكة أمان جديدة بعد إجراء المفاوضات اللازمة عليها، وهو ما يعني أن شطب البندين الأول والخامس يقود إلى أن النص الصريح بدعم موازنة السلطة الفلسطينية لم يعد ملزما لأي دولة عربية وأصبح دفع المساهمات المالية للسلطة الفلسطينية اختيارياً للدول الراغبة وليس إلزامياً، أي أن هذا انقلاب كامل على قرارات القمة العربية "بيروت 2002" التي تضمنت بندا واضحا حول دعم الدول العربية للسلطة الفلسطينية عبر شبكة أمان مالية.

وحصل "العربي الجديد" على نص البندين الأول والخامس اللذين جرى شطبهما بناء على رغبة الإمارات، وجاء في البند الأول: "التأكيد على دعوة الدول العربية للالتزام بقرارات جامعة الدول العربية وبتفعيل شبكة أمان مالية بأسرع وقت ممكن بمبلغ مائة مليون دولار أميركي شهريا دعما لدولة فلسطين لمواجهة الضغوطات والأزمات المالية التي تتعرض لها، بما فيها استمرار إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال) باتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عقابية، بينها احتجاز أموال الضرائب وسرقة جزء كبير منها، بما فيها السرقات الأخيرة التي أعلن عنها وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية والاتفاقيات بين الجانبين".

فيما جاء نص البند الخامس كالتالي: "الطلب من الدول الأعضاء دعم موازنة دولة فلسطين وفقا للآليات التي أقرتها قمة بيروت 2002 ولمدة تبدأ من الأول من مايو/ أيار الجاري 2024 حتى انعقاد الدورة المقبلة للقمة العربية". وأكدت المصادر لـ"العربي الجديد"، إفراغ القرار المالي من مضمونه بشكل كامل، ما أدى لامتعاض دول مثل: الجزائر، وقطر وسورية، وعمان ولبنان، حيث لم يجر التشاور مع هذه الدول قبل شطب البندين الأول والخامس.

يُذكر أن الجزائر قامت قبل أيام بدعم السلطة الفلسطينية بمبلغ 53 مليون دولار، وهي من الدول العربية القليلة التي تلتزم بدعم السلطة بشكل دائم، ورغم أنها لظروف ما لم تقدم مساعداتها المالية المعتادة في العامين الماضيين، إلا أنها عادت واستأنفت دعمها المالي قبل أيام.

استمرارٌ لتراشق بدأ في اجتماع السداسية قبل القمة العربية

وتشير المصادر إلى أن ما جرى في الاجتماعات التحضيرية في المنامة بين الإمارات وفلسطين، هو استمرار لتراشق كلامي ساخن بدأ في اجتماع السداسية في السابع والعشرين من الشهر الماضي في الرياض، حين شن وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد هجوما غير مسبوق على السلطة الفلسطينية متهما إياها بالفساد وأن الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ليست أكثر من تبديل وجوه، وأن السلطة عبارة "عن علي بابا والأربعين حرامي".

واشتبك الوزير حينها مع أمين سر اللجنة التنفيذية حسين الشيخ كلاميا في اجتماع السداسية الذي كان يحضره وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ما استدعى رفض الشيخ ولاحقا الرئيس أبو مازن أي اجتماعات مع بلينكن.

وواصل وزير الخارجية الإماراتي هجومه يوم السبت الماضي حين نشر على منصة إكس، مشككًا في نزاهة واستقلالية الحكومة الفلسطينية، وذلك في سياق رده على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو حول دعوة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة، إذ قال إن بلاده لن توفر الغطاء للوجود الإسرائيلي في القطاع، وإنها ستكون مستعدة لتقديم كافة أشكال الدعم عند تشكيل حكومة فلسطينية تلبي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني وتتمتع بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية.

المساهمون