قيس سعيّد والمهاجرون

قيس سعيّد والمهاجرون

10 يوليو 2023
سعيّد وميلوني في تونس، يونيو الماضي (الأناضول)
+ الخط -

يتصف الموقف التونسي من قضية المهاجرين الأفارقة بكثير من الاضطراب والغموض، وهو اضطراب تاريخي بالمناسبة وليس جديداً، لأن تونس لم تكن على علاقة واضحة وثابتة ومتجذرة بأفريقيا، التي أعطتها اسمها بالمناسبة لأن تونس كانت تسمى فيما مضى أفريقية.

وكانت تونس الرسمية تحاول باستمرار أن تولّي وجهها نحو الشمال وليس جنوباً، وكانت تدير ظهرها لأفريقيا، وتتذكر أحياناً جذورها عندما تضيق بها أوروبا.

وعلى الرغم من أن قضية المهاجرين الأفارقة في تونس هي ملف جدي يبحث عن حلول دائمة وناجعة، فإن التعاطي معها كان دائماً ارتجالياً، ولم يخرج إطلاقاً عن دائرة الاستغلال السياسي الساذج، الذي فاقم المعاناة، معاناة المهاجرين والتونسيين في نفس الوقت.

والسبت الماضي، خرج الرئيس التونسي، قيس سعيّد ليؤكد أن المهاجرين يلقون "معاملة إنسانية نابعة من قيمنا ومن شيمنا عكس ما تروج له الدوائر الاستعمارية وعملاؤها، من الذين لا همّ لهم سوى خدمة هذه الدوائر، وليس أدلّ على ذلك من أن مواقفهم هي نفس مواقف الأبواق المسعورة في الخارج التي تمهّد إلى استيطان من صنف جديد وتزييف الحقائق ونشر الأكاذيب".

وأكد سعيّد، خلال لقائه رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، أن "قوات الأمن التونسية قامت بحماية هؤلاء الذين جاءوا إلى تونس ويريدون الاستقرار بها عكس ما يشاع"، ثم يؤكد في نفس اللقاء أن تونس "ليست شقة مفروشة للبيع أو للإيجار وأن هؤلاء المهاجرين الذين هم في الواقع مهجّرون لم يتخذوا من تونس مقصداً لهم إلا لأنه تم تعبيد الطريق أمامهم من قبل الشبكات الإجرامية التي تستهدف الدول والبشر".

ويتساءل الرئيس في لقاءات سابقة كيف جاء هؤلاء إلى تونس ولماذا ذهبوا بالذات إلى صفاقس وهل كانوا يعرفونها من قبل، وهي تساؤلات يفترض أن يطرحها المواطن الذي لا علم له بما يحدث حوله، وليس رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي يمسك بكل السلطات ويعرف كل صغيرة وكبيرة في البلد وعلى حدودها، ويفترض أن يقدم إجابات ولا يطرح أسئلة.

المشكلة أن ملف المهاجرين ليس ملفاً تونسياً فحسب، وهو بالتأكيد ملف دولي، وأوروبي أساساً، ولكن ما لا يقوله سعيّد ولا تقوله أوروبا، وخصوصاً محامية هذا الملف، رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، ما هي تفاصيل الاتفاق بينهما، وما هي عناوين الصفقة التي جعلت ميلوني سعيدة بأداء الرئيس التونسي وتكيل له الثناء في كل مرة، وهي التي لا تتردد في التأكيد على أن "الطريقة الوحيدة هي وقف الهجرة غير الشرعية قبل أن تصل إلينا".