توماس فريدمان: لا بدّ من إعادة تقييم العلاقات الأميركية مع إسرائيل

توماس فريدمان: إسرائيل في حرب أهلية محتملة ولا بدّ من إعادة تقييم العلاقات الأميركية مع حكومة نتنياهو المتطرّفة

12 يوليو 2023
أثارت مقالة فريدمان ردود فعل إسرائيلية متباينة (Getty)
+ الخط -

قال مسؤول قسم الرأي في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، توماس فريدمان، إنه لا بد من إعادة تقييم العلاقات الأميركية مع تل أبيب، مشيراً إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة، بقيادة بنيامين نتنياهو، تقوم بسلوك متطرف غير مسبوق حسب وصفه، وهو ما يضعف المصالح المشتركة بين إدارة بايدن وإسرائيل، ويحيد عن القيم المتبادلة بينهما.

واعتبر فريدمان في مقال رأي كتبه، أمس الثلاثاء، أن هذا هو ما دفع الرئيس بايدن إلى وصف الحكومة الإسرائيلية الحالية، في مقابلة مع شبكة "سي أن أن"، بأنها من أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً. وهو ما دفع السفير الأميركي في تل أبيب، للقول إن بلاده تعمل على منع إسرائيل من "الانزلاق عن المسار".

أحد شواهد التوتر في العلاقات، حسب ما يشير إليه الصحافي الأميركي، هو أنه بعد ساعات قليلة من تصريحات بايدن لشبكة "سي أن أن"، قال وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، إنّ "إسرائيل لم تعد نجمة أخرى في علم الولايات المتحدة".

وبحسب فريدمان، فإن المسؤولين في الإدارة الأميركية، التي استمرت في دفع المليارات من المساعدات لإسرائيل، يشعرون بالصدمة ويستصعبون تصديق أن نتنياهو سيسمح لأشخاص مثل بن غفير بالتحكم به، مضيفاً: "العلاقات مع واشنطن في أزمة، وإسرائيل في حرب أهلية محتملة، كل هذا فقط من أجل بقاء نتنياهو في السلطة".

واعتبر فريدمان أن زيارة الرئيس الإسرائيلي "المعتدل"، إسحاق هرتسوغ، إلى واشنطن الأسبوع المقبل، ستكون بمثابة فرصة للرئيس الأميركي "لتوضيح أن مشكلته هي مع الحكومة اليمينية المتطرفة، وليست مع الشعب الإسرائيلي".

وأضاف الكاتب أنه لا يشك في أن بايدن سيرسل رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي، بـ"نبرة فيها من الحزن أكثر مما فيها من الغضب"، أنه عندما تتعارض مصالح وقيم حكومتي إسرائيل وأميركا على هذا الشكل، فإنه لا بد من إعادة تقييم العلاقة بين البلدين.

وأكد فريدمان أنه لا يتحدث عن إعادة تقييم للتعاون العسكري والاستخباري، ولكن للنهج الدبلوماسي، حسب تعبيره.

وفي هذا السياق، تساءل الصحافي الأميركي حول جدوى أن تستمر واشنطن في الدفاع أمام المؤسسات الأممية عن فكرة أن إسرائيل تحتل الضفة الغربية مؤقتاً، ولا تمارس شكلاً من أشكال الفصل العنصري، في حين أن الحكومة الإسرائيلية عازمة علناً على ضم الضفة، بل وتعطي اثنين من أعتى مناصري الضم، سموتريش وبن غفير، صلاحيات أمنية ومالية واسعة، على حد تعبيره.

واعتبر الصحافي الأميركي أن إعادة التقييم "القائمة على مصلحة وقيم الولايات المتحدة" هذه، هي ضرورة حقيقية قبل أن تتدهور الأمور بشكل كامل.

فيما اختتم فريدمان مقالته بالتأكيد على أن استعداد بايدن لمواجهة نتنياهو بهذه الطريقة وفي هذا الوقت، قبل الانتخابات الأميركية القادمة في عام 2024، يشير إلى أن الرئيس الأميركي يحظى بدعم الأميركيين لهذه الخطوة، وكذلك معظم اليهود الأميركيين وحتى معظم اليهود الإسرائيليين.

ردود فعل سياسية إسرائيلية

وبدأت تظهر بعض ردود الفعل الإسرائيلية على ما كتبه فريدمان، بشأن إعادة الولايات المتحدة تقييم علاقاتها مع إسرائيل، خصوصاً أن مقال فريدمان نُشر أيضاً باللغة العبرية في عدة مواقع إسرائيلية، منها صحيفة "هآرتس" و"يديعوت أحرونوت".

وقالت طالي غوتليب، من حزب الليكود، في حديث لموقع "يديعوت أحرونوت"، تعقيباً على ما جاء في مقال فريدمان: "التكهنات والتهديدات لا تبهرني، نتنياهو سياسي استثنائي، وسيدرس الاعتبارات اللازمة".
وأضافت غوتليب: "أُمم العالم لا تفهمنا إلا عندما نكون أقوياء وفي أفضل حالاتنا. تعرف الولايات المتحدة أنها هي أيضاً بحاجة إلينا، وهذا واضح لأي شخص يفهم ألاعيب القوة بين القوى العظمى. لا يوجد أي تهديد سيؤثر عليّ كسياسية وممثلة جمهور أبداً".
من جانبه، علّق وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، من حزب "القوة اليهودية"، في حديث لنفس الموقع، بأن الكثير من الناس في الولايات المتحدة يتغذّون على ما يروّجه اليسار المتطرف. لذلك، أقترح على الإدارة الأميركية أن تجلس مع أشخاص جادين مثل الوزير ياريف ليفين (وزير القضاء الإسرائيلي)، الذي يعرف كيف يشرح الأمور بعمق".

وخلال جلسة لجنة الدستور والقانون، اليوم الأربعاء، لتحضير مشروع قانون إلغاء حجة "المعقولية" للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، قال النائب جلعاد كريف (حزب العمل)، إنّ "هذه الحكومة تقودنا إلى أزمة كبيرة في العلاقات مع الولايات المتحدة"، مشيراً إلى مقال فريدمان.

وأضاف: "نحن نواجه هجوماً استراتيجياً على المناعة القومية لدولة إسرائيل، وكل ذلك برعاية هذا السلوك غير المبالي".

وتابع كريف أن وزراء الحكومة الإسرائيلية "يستخفّون بالتحالف مع الولايات المتحدة"، مخاطباً الحاضرين منهم في الجلسة: "أنتم ضرر لأمن دولة إسرائيل".

أما رئيس لجنة الدستور والقانون البرلمانية وعضو الكنيست، سيمحا روتمان، أحد أبرز من يقودون خطة تقويض القضاء، فانتقد خلال حديثه لإذاعة "كان ريشيت بيت"، اليوم الأربعاء، الانتقادات الأميركية بشأن خطة إضعاف القضاء والمضي في مشروع قانون إلغاء حجة "المعقولية". 

واعتبر روتمان أن القانون "لا يلائم بايدن"، مضيفاً في إشارة إلى تصريحات بايدن الأخيرة، بشأن تطرّف الحكومة الإسرائيلية أنّ السياسة التي تريدها واشنطن هي ألا نكون "دولة مستقلة"، موضحاً أنه "إذا كانت المعادلة تسير على نحو أن رئيس الولايات المتحدة لا يحب وزيراً في الحكومة فإن علينا فصله، فنحن لسنا دولة مستقلة بل جمهورية موز (...) في رأيي، هذا غير معقول".

ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول سياسي إسرائيلي رفيع لم يسمه، قوله إنّ "لا علم لنا بوجود قرار بشأن إعادة تقييم العلاقات، لكن على أي حال، هذا ليس أمراً جديداً. سبق أن أعلنت إدارة فورد عن إعادة تقييم أمام حكومة رابين، إدارة ريغان فعلتها أمام حكومة بيغين، وإدارة بوش الأب قامت بذلك أمام حكومة شامير، كما فعلت إدارة بوش الابن ذلك أمام حكومتي باراك وشارون".

وأضاف المسؤول: "ليس سراً أن لدينا خلافات في الرأي مع الإدارة الأميركية فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية، والعودة إلى الاتفاق النووي الخطير مع إيران، وموقف رئيس الوزراء نتنياهو ضد سياسة (لا مفاجآت) بشأن عمليات إسرائيل ضد إيران. على الرغم من إعادة التقييم التي تعود على نفسها من فترة إلى أخرى والخلافات في الرأي على مر السنين، فإن العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة توطدت على مدى عقود، ووصلت إلى أعلى مستويات التعاون الأمني ​​تحت قيادة رئيس الوزراء نتنياهو. وسيحرص رئيس الحكومة نتنياهو على استمرار هذا الاتجاه".