انتخابات تركيا: المتقاعدون يعاقبون الحزب الحاكم والمعارضة تنتعش

الانتخابات المحلية في تركيا: المتقاعدون يعاقبون الحزب الحاكم والمعارضة تنتعش

01 ابريل 2024
بات الطريق ممهداً أمام أكرم إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية المقبلة (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الانتخابات المحلية في تركيا شهدت تراجعًا لحزب العدالة والتنمية لأول مرة منذ 22 عامًا، مع فوز حزب الشعب الجمهوري في مدن كبرى وتحقيق حزب الرفاه و"ديم" الكردي نتائج ملحوظة، مما يعكس تغيير توجهات الناخبين.
- خسارة حزب العدالة والتنمية نتجت عن الوضع الاقتصادي المتراجع، التحالفات الناجحة لحزب الشعب الجمهوري، وصعود حزب الرفاه الذي استقطب المحافظين الإسلاميين، مما أثر على نتائج الانتخابات وأظهر تحولًا في السياسة التركية.
- الرئيس أردوغان ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو علقا على النتائج بتأكيد على استمرارية العملية الديمقراطية والتفاؤل بالمستقبل، مشيرين إلى أن الانتخابات تفتح الباب لتحديات وفرص جديدة في السياسة التركية.

فاجأت الانتخابات المحلية في تركيا، التي جرت الأحد، جميع الأحزاب السياسية والمتابعين والمراقبين، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي شهد تراجعاً غير مسبوق منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد قبل 22 عاماً.

الانتخابات المحلية خرجت بنتيجة فوز حزب الشعب الجمهوري في عموم تركيا وفي كبرى المدن، في وقت خسر فيه حزب العدالة والتنمية مدناً وبلدات لم يسبق أن خسر فيها.

وبعد فرز قرابة 93 بالمائة من الأصوات، حقق حزب الشعب الجمهوري في عموم تركيا أكثر من 37 بالمائة من الأصوات، فيما حقق حزب العدالة والتنمية أقل من 36 بالمائة، فيما انتقل حزب الرفاه من جديد (نجم الانتخابات) للمرتبة الثالثة بحصوله على 6 بالمائة، وحل رابعا حزب "ديم" الكردي بنسبة 5.6 بالمائة.

وكان أكبر الخاسرين إلى جانب حزب العدالة والتنمية حزب الحركة القومية بحصوله على 4.8 بالمائة من الأصوات، فيما ذابت أصوات الحزب الجيد إلى 3.7 بالمائة.

ومن إجمالي 1314 بلدية كبرى وعادية وولاية ومدينة وبلدة، حقق حزب العدالة المرتبة الأولى بحصوله على 514 بلديات، من بينها 12 بلدية كبرى، و12 ولاية، و368 منطقة، و118 بلدة.

وحقق حزب الشعب الجمهوري الفوز في 412 بلدية، بواقع 14 بلدية كبرى، و21 ولاية، و333 منطقة، و44 بلدة، وحقق حزب الحركة القومية الفوز في 180 بلدية، بواقع 8 ولايات، و119 منطقة، و53 بلدة، وحقق حزب "ديم" الكردي الفوز في 80 بلدية، بواقع 3 بلديات كبرى، و7 ولايات، و64 منطقة، و6 بلدات.

أما حزب الرفاه، فقد حقق الفوز في 57 بلدية، بواقع بلدية كبرى وولاية، و36 منطقة، و19 بلدة، واكتفى الحزب الجيد بـ30 بلدية، بواقع ولاية، و24 منطقة، و5 بلدات.

وعلى صعيد المدن، حافظ حزب الشعب الجمهوري على إسطنبول، وأنقرة، وإزمير، وأضنة، وأنطاليا، وأضاف إليها ولاية بورصة التي كانت تعد من معاقل حزب العدالة والتنمية، وحافظ على ولاية هاطاي، وفاز حزب الرفاه من جديد بولاية شانلي أورفة على حساب العدالة والتنمية.

وبنظرة سريعة على نتائج الانتخابات، تتوضح 3 أسباب أساسية لخسارة حزب العدالة والتنمية، السبب الأول يتعلق بالوضع الاقتصادي المتراجع بشكل كبير والذي أثر على القدرة الشرائية للمواطن وارتفاع الأسعار، وكان محرك هذه الخسارة المتقاعدون في البلاد الذين لم يكونوا راضين عن رواتبهم وأجورهم التي لم ترتفع بما يناسب التضخم، ويبلغ عدد الناخبين المتقاعدين أكثر من 10 ملايين ناخب.

والسبب الثاني يتعلق بتحالفات حصلت بين حزب الشعب الجمهوري وحزب "ديم" الكردي الذي صوت بشكل مكثف لمرشحي الشعب الجمهوري في كبرى المدن وخاصة إسطنبول، فضلا عن تصويت ناخبي الحزب الجيد لحزب الشعب الجمهوري، فيما بدا واضحا بأنه رد فعل على عدم التحالف في هذه الانتخابات، حيث سبق أن قاد التحالف في العام 2019 لتحقيق المكاسب أمام العدالة والتنمية.

ويمكن إعادة السبب الثالث إلى صعود نجم حزب الرفاه من جديد الذي تمكن من انتزاع أصوات المحافظين الإسلاميين، ووصل إلى نسبة جيدة أثرت على حزب العدالة والتنمية، وتمكن عبر مرشحيه السابقين من الوصول إلى الفوز، كما حصل في ولاية شانلي أورفة بترشيح رئيس بلديتها السابق عن حزب العدالة والتنمية قاسم غولبنار والذي لم يرشحه حزبه السابق.

وستؤدي الانتخابات الحالية إلى انتعاش المعارضة التي تعرضت لخيبة أمل كبيرة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت في مايو/أيار الماضي، وهو ما قد يدفعها بقوة للمطالبة بالذهاب إلى الانتخابات المبكرة في المرحلة اللاحقة، ولكن الرئيس رجب طيب أردوغان أكد في كلمته استمرار البلاد دون انتخابات في الفترة المقبلة.

وحتى لو طالبت المعارضة بالانتخابات المبكرة في تركيا فإنها لن تتمكن من ذلك ما لم تحقق أغلبية كافية في البرلمان تصل إلى 360 عضوا من أصل 600 فيما المعارضة لديها أقل من النصف حاليا، فيما الطريقة الثانية هي عبر قرار رئاسي والرئيس أردوغان لم يعط هذه الإشارة.

وقال أردوغان في كلمة له خلال الليل عقب النتائج الأولية: "الفائز هو الديمقراطية والإرادة الوطنية، هذه الانتخابات ليست النهاية، وستكون نقطة تحول بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، واليوم انتصر كل من دعم الديمقراطية، أتمنى أن تكون نتائج الانتخابات خيرا للشعب والبلاد"، مضيفا أن هذه الانتخابات هي الـ18 له ولحزبه في تركيا وكلها حقق الفوز فيها، وبعد اليوم سيستمر المسير بالنجاح أيضا.

وشدد بالقول "للأسف لم نستطع الحصول على النتيجة المأمولة اليوم رغم التحضير الجيد عبر حزب العدالة والتنمية والتحالف الجمهوري والعمل المنسق، وخلال الشهرين الماضيين زرت 52 مدينة مختلفة، وكانت هناك تجمعات، والنتيجة جاءت هكذا ورغم ذلك نقول خيرا".

وأردف "اليوم نبارك لكل الفائزين في رئاسة البلدية وأعضاء المجالس والمخاتير وأؤمن بأنهم سيعملون على تلبية مطالب الشعب الذي أعطى قراره، والحكومة ستواصل دعم الحكم المحلي، وسنعمل على تحليل النتائج بشكل شفاف وننتقد ذاتنا، فالنتائج تظهر توقف التصاعد في الحزب وسنعمل على مناقشة ذلك وتثبيت أسباب التراجع في كل مكان وحل هذه المشاكل".

وختم "لدينا أكثر من 4 سنوات سنعمل خلالها على استكمال النواقص وحل المشاكل حتى الانتخابات المقبلة، وتلافي الأخطاء التي ارتكبت، اليوم انتهى مارثون الانتخابات التي أرهقت الاقتصاد وهو مكسب، وهناك أكثر من 4 سنوات لتقييمها والاستفادة منها لتحسين الأوضاع والتركيز على متطلبات البلد".

من ناحيته، قال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي بات الطريق ممهدا له للانتخابات الرئاسية المقبلة: "لا يوجد خاسر في هذه الانتخابات، أتمنى أن تكون النتائج خيراً لإسطنبول وأهالي هذه المدينة الأعزاء وتنوعها".

وأضاف "من خلال هذه الانتخابات وضعنا جانباً العديد من الشرور التي وضعت هذه المدينة تحت الضغط منذ عام 2019، لقد وضعنا جانبا هدر أموال هذه المدينة، وبدأت الثقافة، أموال الأمة أصبحت الآن ملكا لها".

وينتظر مع اكتمال فتح كامل الصناديق وصدور النتائج النهائية اتضاح خريطة الولايات والمجالس البلدية، لتبدأ تركيا صفحة جديدة ساخنة خلال الفترة المقبلة، فيما ينتظر أن تعقد زعيمة الحزب الجيد ميرال أكشنر غداً مؤتمراً صحافياً تكشف فيه عن مستقبل الحزب.

المساهمون