العراق: مخاوف من تأسيس "الحشد الشعبي" "لواء شمال بغداد"

العراق: مخاوف من تأسيس "الحشد الشعبي" "لواء شمال بغداد"

06 سبتمبر 2023
قوات من الحشد الشعبي، كركوك 2020 (علي مكرم غريب/الأناضول)
+ الخط -

تبرز مخاوف شعبية وسياسية في العراق، بعد تداول وسائل إعلام عراقية خلال الأيام الماضية وثيقة لـ"الحشد الشعبي" وتتضمن توجيهات بتشكيل "لواء شمال بغداد" للانتشار في مناطق شمالي العاصمة العراقية بغداد، التي تشمل بلدات الطارمية والتاجي وعشرات القرى المجاورة والقريبة.

وتأتي الخطوة الجديدة، التي أكدها مسؤول  في "هيئة الحشد الشعبي" لـ"العربي الجديد" خلافاً لوعود قطعها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على نفسه، حيال إخراج الفصائل المسلحة من مراكز المدن والبلدات.

كما تتزامن مع قرب إجراء الانتخابات المحلية التي تشارك بها الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة بواقع يتجاوز العشرين قائمة، أبرزها تلك المرتبطة بمليشيات "عصائب أهل الحق"، و"كتائب حزب الله"، و"بدر"، و"جند الإمام"، و"عطاء"، بزعامة رئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض، عوضاً عن مرشحين من تلك الفصائل ذاتها.

وبحسب الوثيقة المتداولة فإن التشكيل الجديد يرتبط بقيادة "الحشد الشعبي"، وينص على دمج قوة من "الحشد" موجودة في منطقة الطارمية التي تبعد 25 كيلومتراً شمالي بغداد، بالقوة الجديدة التي أُطلق عليها "لواء شمال بغداد".

وجاء الكشف عن الوثيقة مع تصاعد المطالبات السياسية والشعبية بإخراج الفصائل من المدن وتسليم ملفها الأمني لقوات الجيش والشرطة، خصوصاً مع قرب مرور عام كامل على حكومة السوداني التي حصلت على ثقة البرلمان نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

سينتشر"لواء شمال بغداد" على مساحة 100 كيلومتر

وفي هذا السياق، قال مسؤول في "هيئة الحشد الشعبي"، لـ"العربي الجديد"، طالباً عدم الكشف عن هويته، إن القوة الجديدة "ستنتشر من الطارمية وإلى حدود سامراء وعلى مساحة تصل إلى 100 كيلومتر، بالشراكة مع قوات الجيش والشرطة العراقية التي تتواجد ضمن مقرات ومراكز لها". وبيّن أن تشكيل القوة "تنظيمي بالدرجة الأولى، ولتعزيز جهود الإمساك (الأمني) على الأرض"، وفقاً لتعبيره.

وأضاف أن "عدد ألوية الحشد الشعبي في عموم العراق يبلغ الآن 110، من بينها ثلاثة ألوية مرتبطة بالعتبات المقدسة في النجف وكربلاء والمعروفة بحشد العتبات، وثلاثة ألوية تابعة للتيار الصدري، وهناك سبعة ألوية تابعة للعشائر العربية السنية في المناطق المحررة، ولواء للحشد المسيحي وآخر لحشد الشبك"، لافتاً إلى أن باقي الألوية ترتبط بالفصائل المسلحة المعروفة.

وأشار المسؤول نفسه إلى أن "مجموع أفراد تلك الألوية يبلغ حالياً 205 آلاف وفقاً لكشوفات مرتبات أفراد الحشد بالموازنة المالية لعام 2023، وهناك آلاف ممن يطلق عليهم صفة المفسوخة عقودهم سيتم إضافتهم لاحقاً لقوة الحشد".

مسؤول في "هيئة الحشد الشعبي": اللواء الجديد لن يقتصر فقط على الطارمية

وقال إن "لواء شمال بغداد" "هو تشكيل جديد من حيث التجهيز والقيادة، وسيضم مقاتلين من أهالي المنطقة ذاتها، إلى جانب حركة النجباء وكتائب حزب الله، وسيكون انتشار اللواء بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد بكافة مناطق شمال بغداد ولن يقتصر فقط على الطارمية".

اجتماع مرتقب للحكومة العراقية

من جهته قال عضو تحالف "السيادة" حسن الجبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك اتفاقاً سياسياً تشكلت على أثره الحكومة الحالية، برئاسة محمد شياع السوداني، وهو أن تسلم الملف في المدن المحررة والمناطق ذات الأغلبية السنية في بغداد إلى قوات الجيش والشرطة حصراً، وإخراج الفصائل من تلك المدن، وهذا الاتفاق تم بإجماع كتل وأحزاب ائتلاف إدارة الدولة".

وفي هذا الإطار، كشف الجبوري عن "اجتماع مرتقب ما بين السوداني مع كتل وأحزاب ائتلاف إدارة الدولة، لمناقشة تحركات الحكومة الحالية من أجل تسليم الملف الأمني إلى الجيش والشرطة". وأضاف أنه "سيتم بحث قضية تشكيل لواء جديد للحشد الشعبي في مناطق شمال بغداد، ومعرفة أسباب عدم وجود توازن في تشكيل هذا اللواء وبهذه المناطق تحديداً".

حسن الجبوري: المخاوف موجودة من تأثير السلاح على إرادة الناخبين

وربط الجبوري المخاوف السياسية والشعبية في العراق بسلاح الفصائل والانتخابات المحلية المرتقبة في 18 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وقال إن هذه المخاوف "موجودة من تأثير السلاح على إرادة الناخبين في بعض المناطق والمدن، خصوصاً أن هذا السلاح أثّر بشكل كبير في الانتخابات البرلمانية، ولهذا لا نريد تكرار هذه التجربة خلال انتخابات مجالس المحافظات".

أهداف سياسية من تشكيل "لواء شمال بغداد"

بدوره، لفت الباحث في الشأن السياسي العراقي مؤيد الجحيشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تشكيل هذا اللواء مع قرب انتخابات مجالس المحافظات، يثير مخاوف الكثير من الأطراف السياسية والشعبية". ولفت إلى أن هذا التشكيل "ربما له أهداف سياسية وانتخابية وهي استخدام هذا اللواء في تغيير إرادة الناخبين بقوة السلاح والترهيب، وهذا الأمر سجل في المدن المحررة خلال انتخابات البرلمانية المبكرة سنة 2021".

واعتبر الجحيشي أن "الاستمرار بتشكيل ألوية جديدة للحشد الشعبي قوامها فصائل مسلحة ونشرها في مناطق آمنة ومستقرة مثل شمالي بغداد، رغم وجود الجيش والشرطة، هي إجراءات تحيط بها علامات استفهام كثيرة حول المغزى منها".

وشدد على أهمية ما وصفه بـ"وجود استقلال حقيقي للملف الأمني وتوازن بكافة المؤسسات الأمنية والعسكرية، بما في ذلك الحشد الشعبي التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة المدعومة من إيران، والتي تعمل على تنفيذ أجندات سياسية وخارجية".

هدف أمني- عسكري لـ"لواء شمال بغداد"

بالمقابل نفى عضو "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود هدف سياسي لتشكيل "لواء شمال بغداد"، وقال إن "الحديث عن وجود هدف سياسي أو انتخابي من تشكيل هذا اللواء غير صحيح، وهو بعيد عن الحقيقة، فهدف هذا اللواء أمني – عسكري لحفظ استقرار حزام بغداد وباقي المحافظات العراقية المحاذية الى العاصمة".

عائد الهلالي: اللواء الجديد جاء لمنع عودة تنظيم داعش الإرهابي

واعتبر أن اللواء الجديد "جاء لدعم الاستقرار والأمن بتلك المدن ومنع عودة تنظيم داعش الإرهابي وملاحقة خلايا هذا التنظيم، التي مازالت تشكل خطورة حقيقة لتلك المدن".

وبيّن الهلالي أن "هذا اللواء هو لواء عسكري رسمي يتبع القائد العام للقوات المسلحة، ولا يمكن له التحرك بأي عمل عسكري وأمني من دون وجود تنسيق وتعاون مشترك مع قيادة العمليات المشتركة وقيادة عمليات بغداد، كحال باقي ألوية الحشد الشعبي في عموم المدن والمحافظات".

وجاءت خطوة تشكل "لواء شمال بغداد" خلافاً لوعود السوداني للأحزاب والكتل السياسية العربية السنية، خلال تشكيل حكومته منذ 10 أشهر، بسحب الفصائل من مراكز المدن والأحياء السكنية من دون أن يحدث أي تقدم في هذا السياق.

ويواجه السوداني صعوبة بتطبيق خطة إعادة انتشار الفصائل المسلحة خارج مراكز المدن والأحياء السكنية، بسبب رفض هذه الخطوة من عدد من زعماء الفصائل، الذين يمتلكون مصالح اقتصادية وأهدافاً سياسية، وخلق حالات من التغيير الديمغرافي في تلك المدن.

وكانت السلطات العراقية أصدرت في عام 2019، قراراً يخص إعادة هيكلة "الحشد الشعبي"، ورسم خريطة انتشار جديدة تتضمن نشر قوات الفصائل المسلحة خارج المدن، إلا أن حكومتَي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي فشلتا في تحقيق أي تقدم في هذا الملف.

مع العلم أن تأكيدات وشهادات، عادة ما تتصدر وسائل الإعلام العراقية، تفيد بحدوث انتهاكات ومضايقات ضد سكان محافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك وحزام بغداد وشمال بابل.

المساهمون