الحركة الوطنية... محاولة لإيجاد توازن سياسي في الكويت

الحركة الوطنية... محاولة لإيجاد توازن سياسي في الكويت

16 ابريل 2024
الملا (في الوسط) في البرلمان، مايو 2010 (رائد قطينا/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تأسيس الحركة الوطنية في الكويت بمبادرة من النائب السابق صالح الملا و31 شخصية عامة، بهدف تعزيز الديمقراطية والإصلاح السياسي والاقتصادي، مع التركيز على تعديل النظام الانتخابي، محاربة الفساد، وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
- تعريف الحركة بأنها حاضنة للمبادرين والمصلحين، مع التأكيد على أهمية الدستور ورفض أي دعوات لتعليقه أو تعطيله، لمنع العودة إلى الأزمات الاقتصادية والكوارث الوجودية.
- الحركة تميزت بكونها جماعة ضغط ورقابة ليست حزبًا سياسيًا، مستقطبة تفاعلاً واسعًا من الناشطين والعامة، وتبقي باب الانضمام مفتوحًا لتحقيق أهدافها الإصلاحية.

أعلنت 31 شخصية عامة في الكويت، يوم الجمعة الماضي، تأسيس الحركة الوطنية بمبادرة من النائب في مجلس الأمة (البرلمان) السابق صالح الملا، أطلقها قبل نحو شهر تقريباً. وجاء في تعريف الحركة الوطنية، في بيانها التأسيسي، أنها "حراك مجتمعي وطني يؤمن بالديمقراطية كظاهرة إنسانية تبدأ من الفرد وتعود إليه، وتضمّ كافة الفئات الاجتماعية والتوجهات السياسية". وأوضحت أنها تسعى من تأسيسها إلى "الإصلاح السياسي الذي يبدأ بتعديل النظام الانتخابي، وصولاً إلى ديمقراطية متقدمة وحرية فاعلة تحقق نهضة اقتصادية، قوامها تنويع مصادر الدخل وإصلاح مالية الدولة، ومحاربة الفساد والارتقاء بالتعليم كدعامة رئيسية للمستقبل، وضمان الحفاظ على الطبقة الوسطى، وتحسين مستوى معيشة المواطنين".

فهد محمد النجدي: الحركة أقرب إلى جماعة ضغط، أو جهة رقابية، على أعمال البرلمان والحكومة

وأوضحت، في البيان، أنها تعمل "كحركة حاضنة لكل مُبادر ومُصلح يحمل مشروعاً إصلاحياً ينهض بالدولة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً"، وتهدف إلى أن "تكون منبراً للتعبير عن الرقابة الشعبية الموضوعية على مؤسسات القرار، وعلى رأسها السلطتان التشريعية والتنفيذية، من أجل خلق توازن سياسي يصب في مصلحة الوطن قبل كل شيء". وختمت البيان التأسيسي بالتأكيد أن دستور الكويت "هو ضمانة المواطنة، والدعوة إلى تعليقه أو تعطيله، تصريحاً أو تلميحاً، تُعيد الكويت إلى تلك الأزمان الغابرة، التي دفع ثمنها الشعب والوطن عبر أزمات اقتصادية وكوارث وجودية كانت شديدة الوقع على مصالح البلاد والعباد".

وتشهد الكويت بين حين وآخر، خاصة في لحظات التوتر أو تأزم العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة، دعوات تُطالب بـ"تعليق الدستور" و"تعطيل البرلمان". وعادت هذه الدعوات إلى الارتفاع من جديد على نطاق واسع مؤخراً، خاصة بعد صدور مرسوم أميري بتأجيل الجلسة الافتتاحية للبرلمان إلى 14 مايو/ أيار المقبل، بعدما كانت مقررة يوم الأربعاء المقبل. ورفض عدد كبير من أعضاء المجلس الجديد هذا التأجيل نظراً إلى مخالفته الدستور، مصرين على عقدها وفق "المواعيد الدستورية" (في موعدها الأول 17 إبريل/نيسان الحالي).

وكانت الحكومة، منذ تحرير الكويت من غزو العراق وعودة الحياة النيابية والعمل بالدستور في العام 1992، التزمت بمناورة المعارضة ضمن قواعد اللعبة الدستورية، حيث حُلتّ كافة المجالس النيابية بعد ذلك دستورياً. إلا أن شبح "تعليق الدستور" ما زال يُخيّم على الأوساط السياسية، بعد تجربتي تعطيل الحياة النيابية، الأولى من 1967 وحتى 1981، والأخرى من عام 1986 إلى ما بعد التحرير. وكان النائب السابق صالح الملا قد دعا عبر حسابه على منصة إكس، في الأول من مارس/ آذار الماضي، إلى تأسيس الحركة الوطنية، بعد وصفه الأوضاع السياسية في الكويت بـ"المؤسفة".

ويُعدّ الملا من أبرز قيادات المنبر الديمقراطي الكويتي (تيار ليبرالي)، قبل أن يتقدّم في مايو/ أيار الماضي باستقالته منه، وذلك بعد أن كان نال عضوية البرلمان باسمه خلال دورتي 2008 و2009. وكان خلال عضويته فيهما أحد أعضاء كتلة العمل الوطني، التي كانت إحدى الكتل الفاعلة داخل البرلمان، وهي التي أطاحت في العام 2011 أحد أقطاب الحكومة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون التنمية آنذاك الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح.

وحول ولادة هذا الإطار السياسي، قال منسق الحركة الوطنية فهد محمد النجدي، الذي زُكّي إلى هذا المنصب، لـ"العربي الجديد"، إن الحركة "ليست حزباً سياسياً، وإنما هي أقرب إلى جماعة ضغط، أو جهة رقابية على أعمال البرلمان والحكومة، وفي ذات الوقت تمد يد العون إليهما من أجل تحسين التشريعات". وأوضح أنها "حركة تشمل جميع أطياف المجتمع، وتضمّ أشخاصاً من مختلف الفئات الاجتماعية والعُمرية، وهم من المهتمين بإصلاح مختلف شؤون الدولة، والمُشاركة في تقديم المُقترحات والرؤى والتصورات، التي من شأنها تطوير الأوضاع العامة في الكويت".

عبد العزيز العريمان: مشروع الشباب الإصلاحي انضم إلى الحركة كون هدفها واضحاً

وأشار النجدي إلى ما يُميّز الحركة الوطنية عن التيارات السياسية في الكويت قائلاً: "لا نتبنى انتماءات سياسية مُحددة، ولدينا شمولية في التصوّرات العامة، ومتجاوزون القضايا الفردية والصراعات الشخصية، خاصة في ظل الأوضاع الراهنة في البلاد". وبيّن أن الحركة تمخضت عن عدة اجتماعات، جرى فيها "التواصل مع العديد من الأشخاص، بينهم الشخصيات الناشطة في العمل النقابي ومؤسسات المجتمع المدني، والشخصيات السياسية من الشباب الذين يعملون برفقة نوّاب في مجلس الأمة الحالي، وصحافيون وإعلاميون وكتّاب، والذين رحّبوا بالفكرة بعد الدعوة التي طرحها النائب السابق صالح الملا لمبادرة تأسيس الحركة".

وأضاف النجدي أن الخطوط العامة للحركة تتمثل في "أولاً، الإصلاح السياسي، ويُشكّل تعديل النظام الانتخابي بوابة هذا الإصلاح، في ظل سوء النظام الحالي بالصوت الواحد (يحق للناخب الإدلاء بصوت واحد لمرشح واحد فقط)، وثانياً، الإصلاح الاقتصادي، وثالثاً، تحسين مستوى معيشة المواطنين، وأخيراً، الحفاظ على الحريات العامة". وأكد النجدي أن الحركة تلّقت تفاعلاً واسعاً بعد البيان التأسيسي، واستحسان العديد من الناشطين في الفضاء العام، بالإضافة إلى مختلف التعليقات الإيجابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وأوضح أن "باب الانضمام إلى الحركة ما زال مفتوحاً للجميع في الكويت من أجل المشاركة والتطوع في العمل معنا من دون استثناء".

من جهته، قال عضو "مشروع الشباب الإصلاحي" في الكويت، أحد الأعضاء المُوقّعين على البيان التأسيسي للحركة الوطنية، عبد العزيز العريمان، لـ"العربي الجديد": "دُعينا (مشروع الشباب) لاجتماع من قِبل الملا، الذي بادر بتأسيس الحركة الوطنية، وطلب منّا الانضمام إلى الحركة، وقررنا الدخول كون هدفها الأساسي واضحاً، وهو إصلاح وتطوير العمل السياسي والديمقراطي في الكويت بشكل عام، وليست لها أهداف أخرى غيرها". ووفق العريمان، فقد "جرت 3 اجتماعات رئيسية قبل التأسيس، أغلبها خلال شهر رمضان (الماضي)، إلى جانب اجتماعات تنسيقية مع مجاميع مختلفة". وأشار إلى أن "الحركة لم تُحدد بعد خطوتها المُقبلة"، وهي بصدد عقد اجتماعات خلال الفترة المُقبلة.