الحرب السيبرانية: حملة منسّقة لبريطانيا وأميركا ونيوزيلندا ضد الصين

الحرب السيبرانية: حملة منسّقة بين بريطانيا وأميركا ونيوزيلندا ضد الصين

27 مارس 2024
لاكسون ووانغ يي في ويلنغتون، 18 مارس (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بريطانيا، الولايات المتحدة، ونيوزيلندا تتهم الصين بالقيام بأعمال قرصنة سيبرانية طويلة الأمد، مستهدفة الشركات والمؤسسات الديمقراطية، وتربط الحملة بالتجسس على الانتخابات البريطانية، مع تغطية الفترة منذ 2021.
- رداً على الاتهامات، فرضت بريطانيا عقوبات على أفراد وشركات مرتبطة بالصين، بينما نيوزيلندا تعلن عن استهداف برلمانها دون فرض عقوبات، والولايات المتحدة تتهم سبعة مواطنين صينيين بالقرصنة.
- الصين ترد بشدة، معتبرة الاتهامات محاولة لتضخيم الهجمات الإلكترونية وتصف الإجراءات بالتلاعب السياسي، مؤكدة على احتجاجها وتعكس التوترات المنافسة والضغوط الغربية لاحتوائها.

في حملة منسّقة تأتي في إطار حرب الاتهامات (والعقوبات) المتواصلة بين الصين وخصومها الغربيين، أطلقت بريطانيا والولايات المتحدة ونيوزيلندا، خلال اليومين الماضيين، دفعة جديدة من الاتهامات الموجهة إلى الصين، والمرتبطة بحسب روايتها بالحرب السيبرانية وتحديداً بعملية قرصنة امتدت لسنوات، مطلقة بالتوازي دفعة جديدة من العقوبات في حقّ أفراد صينيين.

وربطت لندن حملة التجسّس الصينية، بالانتخابات البريطانية (المقررة مطلع العام المقبل أو نهاية العام الحالي). وبينما تغطي الاتهامات البريطانية والنيوزيلندية لـ"القرصنة الصينية" فترة تعود إلى 2021، قالت واشنطن إن حملة القرصنة الصينية استمرت لأكثر من عقد. وإذ تبادل طرفا المواجهة مجدداً الاتهامات بالقيام بأعمال "خبيثة"، يدخل هذا التوتر مرّة أخرى في سياق التوجس المتبادل بين الصين من جهة، وخصومها من جهة أخرى، والضغوط الغربية لاحتواء المنافسة الصينية من جهة أخرى.

الحرب السيبرانية بين الصين وخصومها

وكشفت بريطانيا والولايات المتحدة أول من أمس، عن "أعمال قرصنة صينية خبيثة" مرتبطة بالتجسّس. وفي السياق، اتهمت وزارة العدل الأميركية 7 مواطنين صينيين بالوقوف وراء ما اعتبرتها "عملية قرصنة عالمية واسعة النطاق" استمرت 14 عاماً تهدف إلى مساعدة الصين في "التجسس الاقتصادي وأهداف الاستخبارات الأجنبية".

كولينز: ليس لدى نيوزيلندا قانون يسمح بفرض عقوبات

وقالت نائبة المدعي العام الأميركي ليزا موناكو، إن الحملة تضمنت إرسال أكثر من 10 آلاف رسالة إلكترونية استهدفت شركات أميركية وأجنبية وسياسيين ومرشحين لمناصب منتخبة وصحافيين. وأوضحت أن وحدة يطلق عليها "إيه بي تي 31" تقف وراء الهجمات التي اعتبرتها "برنامج تجسس سيبرانياً" تديره وزارة أمن الدولة الصينية من مدينة ووهان. وقالت وزارة العدل الأميركية إن المقرصنين راقبوا بعض الحسابات "لسنوات".

وبعد ساعات من صدور الاتهام، أعلنت الحكومة البريطانية أنه منذ عام 2021، استهدفت مجموعة "إيه بي تي 31" حسابات برلمانيين بريطانيين. ومع ترقب الانتخابات التشريعية في بريطانيا، أوضح نائب رئيس الوزراء أوليفر داودن، أن "كياناً مرتبطاً بالحكومة الصينية" قد يكون "اخترق" اللجنة الانتخابية البريطانية، لكنه طمأن إلى أن هذه الحملة أحبطت بعدما كانت تشكل "تهديداً حقيقياً وخطيراً". وفرضت السلطات البريطانية عقوبات على شخصين وشركة على صلة بـ"إيه بي تي 31".

وأمس انضمت نيوزيلندا إلى حملة الاتهامات. وكشفت وزيرة حماية الاتصالات في الحكومة، جوديث كولينز، أن قراصنة إلكترونيين مرتبطين بالحكومة الصينية أطلقوا عملية برعاية الدولة الصينية، استهدفت البرلمان النيوزيلندي في عام 2021. وأضافت أن "استخدام عمليات التجسس عبر الإنترنت للتدخل في المؤسسات والعمليات الديمقراطية أمر غير مقبول"، لافتة إلى أن تقييماً للمركز الوطني للأمن السيبراني نسب هذا النشاط إلى "مجموعة ترعاها الحكومة الصينية تعرف باسم إيه بي تي 40"، لكن كولينز أوضحت أن بلادها لن تفرض عقوبات على الصين، لأنه ليس لديها قانون يسمح بذلك، ولا توجد خطط لطرح تشريع في البرلمان.

وقال وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز، إن مخاوف بلاده نقلت إلى السفير الصيني وانغ شياو لونغ، علماً أن بيترز كان التقى نظيره الصيني وانغ يي الأسبوع الماضي، ووصف العلاقة بين بلديهما بـ"المهمة والمعقدة"، موضحاً أن موقف نيوزيلندا "راسخ في أننا سنتحدث علناً عن القضايا المثيرة للقلق".

وأمس، أقرّ رئيس الوزراء النيوزيلندي كريستوفر لاكسون (يمين وسط)، بأن تحميل الصين، أكبر شركاء بلاده التجاريين، مسؤولية الهجوم "خطوة كبيرة"، علماً أن نيوزيلندا تظلّ من أكبر المدافعين عن الصين في الغرب. ونددت أستراليا بكل هذه الأنشطة التي تحدث عنها حلفاؤها.

وفي السنوات القليلة الماضية، أبدت الدول الغربية استعداداً متزايداً لكشف هجمات سيبرانية تصفها بـ"الخبيثة"، وتوجيه أصابع الاتهام إلى حكومات أجنبية، خصوصاً الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. لكن الصين ردت أمس بغضب على الاتهامات الجديدة، وأصدرت سفاراتها في لندن وويلنغتون وواشنطن بيانات استنكار.

وفي هذا السياق، أكدت بكين، أنها أبلغت واشنطن احتجاجها "الشديد"، واتهم المتحدث باسم خارجيتها، لين جيان، واشنطن بالعمل على "تضخيم ما يسمى بهجمات إلكترونية صينية"، مضيفاً أن بكين "احتجت بشدة لدى الأطراف المعنية". بدورها، قالت السفارة الصينية في لندن إن "تهويل المملكة المتحدة بما يسمى هجمات إلكترونية صينية، لا أساس له"، معتبرة أن "إعلان عقوبات، تلاعب سياسي صريح وافتراء خبيث". وأضافت أن الصين "لم تشجع أو تدعم أو تتغاضى عن هجمات سيبرانية على الإطلاق". كذلك اتهمت السفارة الصينية في ويلينغتون نيوزيلندا بـ"القيام بالاختيار الخاطئ"، مؤكدة أن بكين "في الواقع ضحية كبيرة لهجمات سيبرانية".

وتنفذ بريطانيا والولايات المتحدة عمليات إلكترونية واسعة النطاق خاصة بهما، نادراً ما تعترفان بها علانية. والدولتان، إضافة إلى نيوزيلندا وأستراليا وكندا، جزء من شبكة "فايف آيز" لتبادل المعلومات الاستخبارية. وتأتي الحملة الغربية على الصين من بوابة القرصنة، في حين يسرّع الكونغرس الأميركي إجراءاته لتجريد شركة "بايت دانس" الصينية من ملكية تطبيق "تيك توك".

إجراءات متبادلة وتوجس مزمن

وفي العموم، فإن الحرب السيبرانية والتكنولوجية "تستعر بين واشنطن وبكين"، بحسب تعبير صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، التي أوضحت في تقرير لها الأحد الماضي، أن الصين شدّدت أخيراً من إجراءاتها بهدف تقليص العمل بنظام "مايكروسوفت ويندوز" داخل البلاد، كما أنها طلبت من كل المؤسسات الحكومية الامتناع عن استخدام أجهزة الحاسوب المحمولة التي تعمل بمعالجات دقيقة من شركتي "إنتل" و"آي أم دي"، وهما عملاقا أشباه المواصلات في الولايات المتحدة.

لندن: كيان مرتبط بالحكومة الصينية اخترق لجنة الانتخابات

وفي إطار الحرب السيبرانية والتكنولوجية أيضاً، أكد تقرير لموقع "بلومبيرغ" الأميركي، نقلاً عن مصادر، أن الولايات المتحدة تبحث إضافة شركات لأشباه الموصلات الصينية مرتبطة بشركة "هواوي" على اللائحة السوداء، التي تضم عدداً كبيراً من الشركات الصينية، مثل "هواوي" و"سميك" وشانغهاي ميكرو إلكترونيكس" و"يانغتزي ميموري تكنولوجي غروب" وغيرها.

وتسارعت وتيرة الاتهامات للصين بالقرصنة والأعمال "الخبيثة" المرتبطة، في الآونة الأخيرة، رغم محاولة واشنطن وبكين ضبط خلافاتهما التي عكّرتها أحداث عدة، منذ وصول جو بايدن إلى الرئاسة في 2021، ولا سيما حادثة المناطيد الصينية فوق الولايات المتحدة وكندا في فبراير/شباط 2023، والتي اتهمت واشنطن وأوتاوا بكين باستخدامها لأغراض التجسس وهو ما نفته الصين.

وكانت شركة "مايكروسوفت" أعلنت في فبراير الماضي، أن قراصنة تابعين لروسيا والصين وإيران، يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي المدعومة من "مايكروسوفت" لـ"تعزيز مهاراتهم وقدراتهم وخداع المستهدفين". وفي يوليو/تموز الماضي، زعم مسؤولون أميركيون بأن "قراصنة صينيين مدعومين من الدولة"، أحبطوا نظام أمان "كلاود" في "مايكروسوفت"، لاختراق أنظمة بريد إلكتروني حكومي أميركي غير سرّي، بما فيه بريد وزارة الخارجية.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن واشنطن تحقق في 100 عملية تجسس صينية محتملة. وفي مارس/آذار الحالي، خلص تحقيق أجراه الكونغرس الأميركي، إلى العثور على معدات اتصال داخل رافعات شحن صينية الصنع منتشرة في الموانئ الأميركية، ما أثار مخاوف من أنها قد تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال".

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس)

المساهمون