اجتماعات بين مكونات عسكرية واجتماعية لتجنيب جنوب غربي طرابلس الحرب

اجتماعات واتفاقات بين مكونات عسكرية واجتماعية لتجنيب جنوب غربي طرابلس الحرب

10 سبتمبر 2022
مقاتلون موالون لحكومة الدبيبة عقب اشتباكات اندلعت في طرابلس 27 أغسطس (فرانس برس)
+ الخط -

تنفست منطقة ورشفانة، المتاخمة للعاصمة الليبية طرابلس في جنوبها الغربي، الصعداء منذ أمس الجمعة، بعد أن كان شبح الحرب يحوم حولها خلال الأيام الماضية على خلفية توترات عسكرية شهدتها.

وأعلن رئيس أركان الجيش التابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية الفريق محمد الحداد، في كلمة له أثناء لقائه بعدد من وجهاء منطقة ورشفانة مساء أمس الجمعة، تأكيده منع انجراف المنطقة إلى الحرب، مشيراً إلى الاتفاق مع مسؤولين عسكريين من غرب البلاد على "منع الحرب والاقتتال في المنطقة والضرب بيد من حديد كل من يدعو للحرب ويحشد لها".

وتعد ورشفانة منطقة استراتيجية بالنسبة للعاصمة طرابلس، فهي تمثل طوقاً هلالياً يحيط بها من اتجاهات الجنوب والغرب والجنوب الغربي، وتشرف على مداخل طرابلس الغربية والجنوبية الغربية، كما أنها مهمة لمدينة الزاوية المحدة لورشفانة غرباً، في حين يصل امتدادها الجنوبي إلى مناطق الجبل الغربي، وأهمها غريان والزنتان.

ونفى الحداد خلال ذات اللقاء ما جرى تداوله على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وجود استعدادات لاقتحام منطقة ورشفانة عسكرياً، موضحاً أنّ "الغرض من أخبار كهذه هو نشر الفتنة"، مشدداً على أهمية "استقرار المنطقة الغربية ومنع الاقتتال فيها"، كما دعا الجميع إلى "رأب الصدع، وقطع الطريق أمام من وصفهم بتجار الحروب".

وكانت وجاهات وأعيان من ورشفانة والزاوية قد أعربوا، خلال اجتماع أمس في مدينة الزهراء بورشفانة، عن رفضهم تعرّض المنطقة لأي هجوم من القوات المؤيدة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، التي كانت تهدف لإخراج قوات داعمة للحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وعلى رأسهم قوات اللواء أسامة جويلي، ومعمر الضاوي، وأيضاً بعض قوات مدينة الزاوية المقربة من وزير الداخلية بحكومة باشاغا، عصام أبوزريبة.

وأشار عضو حكماء وأعيان الزاوية البشتي الزحوف، خلال اللقاء، إلى تواصل أعيان المنطقة الغربية عموماً مع كل الأطراف في طرابلس وورشفانة والزاوية والزنتان، مؤكداً أنّ النتائج "كانت مطمئنة جداً"، وأنّ "الجميع لا يريد الحرب ويجتهد لرفع المعاناة عن كامل الغرب الليبي"، لافتاً في ذات الوقت إلى "وجود بعض الخلافات الخفيفة التي سيجرى بحثها وإنهاؤها خلال الفترة القادمة بشكل مرضٍ".

تفاصيل الاتفاق خلال لقاء أعيان المنطقة الغربية

وبحسب ما أوضح البشتي خلال تصريح لتلفزيون محلي، فإنه جرى، خلال لقاء أعيان المنطقة الغربية، الاتفاق على انسحاب قوات جويلي إلى معسكر اللواء الرابع بمدينة العزيزية (40 كيلومتراً جنوب طرابلس) وكذلك انسحاب قوات معمر الضاوي في ورشفانة، وقوات أبوزريبة في الزاوية، من الطريق الساحلي غرب طرابلس، على أن تسلّم المنطقة العسكرية الغربية التابعة لرئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية كل هذه المناطق وتبقى تحت إمرة اللواء صلاح النمروش الموالي لذات الحكومة.

وقال البشتي إنّ الاتفاق يشمل أيضاً "استلام قوات الأمن العام بقيادة عماد الطرابلسي للمقار الموجودة في مؤسسة الدعوة الإسلامية في طرابلس، وكذلك معسكر 7 إبريل"، حيث كانت قوات الجويلي سابقاً.

وفيما أكد البشتي التزام الجميع بهذا الاتفاق والشروع في تنفيذه على الأرض، كشف النقاب عن لقاء كبير خلال الأسبوع الجاري، سينعقد بين أعيان المنطقة الممتدة من منطقة جنزور، الضاحية الغربية لطرابلس، إلى الحدود التونسية غرباً، وكذلك من مدينة غريان، جنوب غرب طرابلس، إلى مدينة غدامس الحدودية مع الجزائر، للاتفاق على التهدئة ومنع أي تحشيد عسكري من شأنه أن يرجع البلاد إلى مربع الحرب.

من جانبه، أوضح عميد بلدية الزهراء، إحدى بلديات منطقة ورشفانة، ناصر بوقديرة، أنّ هذه الجهود تجرى بالتنسيق مع المجلس الرئاسي ورئاسة أركان حكومة الوحدة الوطنية، وقال "إنّ اتفاق وقف إطلاق النار بمنطقة ورشفانة جاء بعد التواصل مع جميع الأطراف، لمنع الاقتتال وتحقيق الاستقرار في المنطقة".

وطالب بوقديرة، في تصريحات صحافية، حكومة الوحدة الوطنية بتبني الاتفاق وتنفيذ مطالب أهالي ورشفانة وعدم تهميشهم، بحسب تعبيره، وقال إنّ "جميع الأطراف متفقة على أهمية الحوار والتفاوض وحلّ جميع الخلافات بكامل المنطقة الغربية، إضافة إلى توحيد الصف والتعايش السلمي ووضع حد لما عانته منطقة ورشفانة طيلة السنوات الماضية"، بحسب وصفه.

وكان المجلس العسكري لمدينة الزاوية قد أعلن "رفضه الشديد لأي جهة تسعى لجعل مدن المنطقة الغربية خاصة، وليبيا عامة، ساحة للحرب بين الأشقاء تحت أي ذريعة كانت".

وقال المجلس في بيان، الخميس الماضي، إنه يتابع "الأحداث الجارية في ليبيا من صراعات وحروب، ويعمل على حث كافة الكتائب والسرايا لوحدة الصف ودعم مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية بالمنطقة الغربية"، معلناً مباركته الجهود المبذولة للعمل على تقريب وجهات النظر بين الأشقاء والابتعاد عن شبح الحروب.

وتأتي هذه الجهود عقب توتر أمني الذي شهدته منطقة ورشفانة، وعقب بيان أصدرته وزارة الداخلية في حكومة باشاغا، عبرت فيه عن قلقها من تشكيل قادة عسكريين تابعين لحكومة الدبيبة غرفة عمليات في قاعدة معيتيقة الجوية بالعاصمة طرابلس تنظم "اجتماعات مكثفة مع عدد من المجموعات المسلحة" للهجوم على منطقة ورشفانة.

وحمّلت داخلية حكومة باشاغا حينها حكومة الدبيبة "مسؤولية أي عمل عسكري أو شبه عسكري يهدف لإثارة الفتنة والحرب" في المنطقة.

وتعسكر في منطقة ورشفانة قوات موالية لحكومة باشاغا، سبق أن سيطرت على بوابة 17 كم غرب طرابلس في محاولة للتقدم نحو العاصمة، أثناء القتال الذي اندلع بين قوتي الحكومتين داخل طرابلس، قبل أن تجبرها قوة موالية لحكومة الوحدة الوطنية على التراجع.

وتتاخم ورشفانة مناطق أخرى تقع في الجنوب الغربي، تنتشر فيها عدة مواقع عسكرية تتمركز فيها قوات تابعة لآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، الموالي لحكومة مجلس النواب.

ومنذ مارس/آذار الماضي، يحتدم الخلاف حول السلطة بين الحكومتين، حيث تتمركز حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وترفض تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، فيما تتخذ حكومة مجلس النواب من مدينة سرت مقرّاً مؤقتاً لها، بعد فشلها ثلاث مرات في دخول طرابلس، أدت آخرها لنشوب قتال بين الطرفين داخل طرابلس، مخلفا 32 قتيلاً و159 جريحاً، فضلاً عن إلحاق أضرار بأصول عامة وخاصة في المدينة.