مصر: الصحافيون الأجانب أيضاً مقموعون

مصر: الصحافيون الأجانب أيضاً مقموعون

12 نوفمبر 2014
تعرّض صحافيو "الجزيرة" للسجن المشدد بسبب عملهم (AFP)
+ الخط -
184 انتهاكاً بحقّ إعلاميين وصحافيين ومراسلين أجانب منذ ثورة "25 يناير" 2011، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2014... هذه المحصلة التي تمكّنت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير" المصرية من حصرها.
وتمثّلت الانتهاكات في حالتي قتل، و68 حالة احتجاز، و46 اعتداءً بدنياً وإصابات متنوعة، و10 حالات مصادرة معدّات، وحالتي مداهمة، و15 حالة تكسير وسرقة معدّات، و3 حالات اعتداء جنسي، و6 حالات منع عن العمل، وحالة تحرش جنسي واحدة، وحالة اغتصاب، وحالة تهديد، و3 حالات توقيف، وحالتي اختطاف، و6 حالات سجن. فضلاً عن 5 أحكام ضد صحافيين بالحبس لمدد تتراوح من 7 إلى 10 سنوات في عام 2014، بينهم صحافيون من "الجزيرة".

مرحلة الثورة
تحدّث الجزء الأول من التقرير عن وضع الإعلام الأجنبي في فترات سياسية مختلفة، وبدأها بثورة يناير. وبحسب التقرير، "امتازت فترة اعتصام الثمانية عشر يوماً بميدان التحرير في يناير 2011 بتبنّي الإعلام الرسمي المملوك للدولة لخطاب عدائي تجاه الأجانب بصفة عامة، في محاولة لرسم صورة ذهنية عن الأحداث التي كانت تجري وقتها على أنها مؤامرة أجنبية، وقد ظهر ذلك من خلال تصريحات ومداخلات هاتفية على قنوات تلفزيونية مملوكة للدولة تدّعي وجود جهات تمويل أجنبية تدعم المتظاهرين في ميدان التحرير، وأخرى تتحدث عن إلقاء القبض على بعض الأجانب بتهمة نشر وتوزيع ملصقات دعائية معارضة لتوجهات النظام، وهي المغالطات التي ثبت زيفها لاحقاً".
وتشير الإحصاءات التي استند إليها كاتبو التقرير إلى تسجيل 112 انتهاكاً ضد الصحافيين في عام 2011، منها 44 حالة اعتداءً بدنياً (تختلف في درجة خطورتها)، و34 حالة احتجاز وإيقاف لصحافيين ومراسلين أجانب، وحالتا اعتداءات جنسيّة، و11 حالة مصادرة وتحطيم معدّات صحافيّة ومعدات تصوير ومتعلّقات شخصيّة، بالإضافة إلى 6 إصابات سُجّلت بين الصحافيين و5 حالات منع من التصوير، تركّزت معظمها في أيام الثورة.

من المرحلة الانتقاليّة إلى مرسي
أما في المرحلة الانتقاليّة، وحتى تولّي السلطة من قبل الرئيس المعزول محمد مرسي، فقد تمكّن باحثو مؤسسة حريّة الفكر والتعبير من تسجيل خمسة حوادث اعتداء موثّقة خلال المرحلة الانتقاليّة الأولى. وتركّزت بشكلٍ رئيسي في أثناء تغطية الصحافيين لاشتباكات شارع محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، واشتباكات شارع القصر العيني في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.
وبحسب التقرير، فقد كانت أسوأ وقائع الانتهاكات خلال المرحلة الانتقاليّة الأولى، هي حادثة الاعتداء الجنسي الجماعي على طالبة الصحافة، البريطانيّة ناتاشا سميث، في ميدان التحرير يوم 24 يونيو/حزيران 2012، والذي صادف مع إعلان فوز مرشح جماعة "الإخوان المسلمين"، محمد مرسي بالرئاسة، حين قامت مجموعة من المحتفلين بالميدان بعزل ناتاشا عن مرافقيها ومزّقوا ثيابها وتناوبوا في الاعتداء عليها جنسياً.
أما في الفترة التي تولّى فيها محمد مرسي رئاسة الجمهورية، وحتى 30 يونيو/حزيران 2013، فتشير الإحصاءات التي استند إليها الباحثون في التقرير إلى تسجيل 10 انتهاكات على الصحافيين، منها حالة اعتداء بدني، و6 حالات احتجاز وتوقيف لصحافيين ومراسلين أجانب، وحالة قتل، وحالة اغتصاب، بالإضافة حالة تحرّش واحدة.

الانقلاب على حُريّة الصحافة
أما عن فترة الانقلاب العسكري، التي وصفها التقرير بـ"الفترة من 30 يونيو/حزيران، وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2013"، فقد استطاعت مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، رصد ما يزيد على 61 حالة انتهاك وقعت على صحافيين ومراسلين وأطقم تصوير، منها 13 حالة اعتداء بدني وإصابة (تختلف في درجة خطورتها) وحالة قتل واحدة، و28 حالة احتجاز وتوقيف لصحافيين ومراسلين أجانب، و11 حالة مصادرة وتحطيم وسرقة مواد صحافيّة ومعدّات تصوير ومتعلّقات شخصيّة.
واستمرّ وقوع الانتهاكات في تلك الفترة على الصحافيين المصريين والأجانب على حدّ سواء، حتى وصلت مُعدّلات الانتهاكات أقصى مدى لها أثناء أحداث فضّ اعتصامي "رابعة العدويّة" و"النهضة" في 14 أغسطس/آب 2013، حين قُتل ثلاثة صحافيين أثناء قيامهم بتغطية عمليّة الفضّ. وكان أحد هؤلاء المصوّر البريطاني مايك دين، العامل في قناة "سكاي نيوز"، الذي توفّي إثر إصابته بطلقٍ ناري في القلب، وحاول الأطباء إسعافه إلا أنه فارق الحياة بعد دقائق من وصوله إلى المستشفى.
كذلك قُتل صحافيان مصريان؛ هما مصعب الشامي، مراسل شبكة "رصد" الإخبارية، وأحمد عبد الجواد، العامل في جريدة "الأخبار"، إذ قُتل الأول بعد تلقّيه رصاصةً على يد قنّاص أثناء تصويره لأحداث الفض، بينما قُتل الثاني متأثراً بإصابته بطلق ناري في الظهر بعد نقله إلى المستشفى.
كذلك شملت الانتهاكات 24 حالة احتجاز جاء على رأسها احتجاز كينجسلي يوم 17 أغسطس/آب 2013 أثناء اشتباكات مسجد "الفتح" الذي استخدمه مؤيدو محمد مرسي وأنصار جماعة "الإخوان المسلمين" في حفظ الجثث الناجمة عن الاشتباكات.
وتضمّنت قائمة الانتهاكات أيضاً 5 حالات سجن، منها حالة الصحافي متنتوران، مراسل "تي أر تي" التركية، الذي أُلقي القبض عليه أثناء تغطيته لأحداث مسجد "الفتح" وتم إطلاق سراحه في شهر يناير/كانون الثاني 2014.
واعتبر التقرير أن قضيّة صحافيي "الجزيرة"، والمعروفة إعلامياً باسم "خلية الماريوت"، بمثابة نقطة تحوّل كبيرة في علاقة الصحافيين والمراسلين الأجانب بمصر، فقد حُكم على الصحافي الكندي محمد فاضل، والأسترالي بيتر غريسته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات، ومعاقبة المصور باهر محمد بالسجن عشر سنوات، بتهمة "بثّ أخبار كاذبة والانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون، وإمدادها بمعونات ماديّة ومعنويّة وحيازة أجهزة بثّ وتصويرٍ دون تصريحٍ من الجهات المختصّة".

صعوبات كثيرة
أما الجزء الثاني من التقرير، فقد تحدّث عن الصعوبات والمعوّقات التي تحول دون عمل الصحافيين والمراسلين الأجانب في مصر، لعدد من الأسباب المركّبة. ويأتي على رأس هذه الأسباب، الخطاب الإعلامي المصري الموجّه ضدّ الأجانب بشكلٍ رئيسي، وهو ذات الخطاب الذي رعته الدولة في بعض الأحيان، بحسب أقوال لصحافيين ومراسلين أجانب للمؤسسة.
وأجمع الصحافيون الأجانب الذين حصلت مؤسسة "حريّة الفكر والتعبير" على شهاداتهم، على "صعوبة الحصول على المعلومات الموثّقة من المسؤولين الحكوميين"... الأمر الذي يُؤثّر بشدّة في قدرة الصحافيين على الوصول للمعلومات الموثقة عن الأحداث التي يقومون بتغطيتها، وبالتالي في قدرتهم على عرض كافة الآراء في كتاباتهم الصحافية. وهو ما ينتهي عادةً باتهامهم من جانب الدولة بالإضافة إلى وسائل الإعلام بالانحياز لرواية مُعيّنة، بالإضافة إلى الادعاء بالإساءة لصورة مصر في الخارج وتشويهها.

المساهمون