10 سنوات على تأسيس "العربي الجديد"

10 سنوات على تأسيس "العربي الجديد"

30 مارس 2024
حرص على تقصي الحقائق والالتزام بالمهنية (معتصم الناصر)
+ الخط -
اظهر الملخص
- "العربي الجديد" يحتفل بعشر سنوات من الإعلام المتميز، مركزًا على القضية الفلسطينية والالتزام بالمهنية، الحقيقة، والحرية، ومعالجة الأحداث في غزة بواقعية.
- الصحيفة تغطي ثورات الربيع العربي وتقف ضد الاستبداد والتطرف، مؤكدة على حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وتناولت تأثيرات جائحة كوفيد-19 بجدية.
- تتبع استراتيجية تحريرية تركز على الموضوعية والتقصي الدقيق، مع التطوير المستمر لمحتواها لتلبية احتياجات الجمهور في عصر التكنولوجيا، مدعومة بفريق عمل ملتزم بالمبادئ الصحفية.

في الثلاثين من كلّ مارس/آذار؛ ذلك التاريخ الذي اخترناه يوماً لولادة مشروع إعلامي رائد، نقف لمراجعة أنفسنا متسائلين عمّا أضافته "العربي الجديد" إلى الصحافة، وعمّا قدّمته للقرّاء، وعن التزامنا بمبادئه التأسيسية، وعن الانحياز إلى المهنية والحقيقة والحرية وحق الشعوب في العدالة الاجتماعية، وبالتأكيد أولوية قضية فلسطين.

في الذكرى العاشرة على تأسيس "العربي الجديد" التي دشنت في يوم الأرض الفلسطيني نجدنا منهمكين في تغطية ما يتعرض له أهلنا في قطاع غزة من حرب إبادة على يد الاحتلال الإسرائيلي. منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثفت "العربي الجديد" تغطيتها للأهوال التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، وموقفنا منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي المتواصل هو: حرب الإبادة هذه عليها أن تتوقف الآن. لم نستخدم لغة تجييش وخداع للذات. حاولنا ما أمكن توصيف الحال كما هو، مع انحيازنا المطلق إلى حق الشعب الفلسطيني في المقاومة. نواكب على مدار اللحظة ما تفتعله آلة القتل الإسرائيلية في حق الفلسطينيين من قتل وتشريد وتجويع وتدمير للبنى التحتية، كما نتابع التظاهرات والفعاليات الفنية والثقافية التي ترفع الصوت في وجه النكبة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قطاع غزة. 

كانت القضية الفلسطينية على رأس قائمة أولويات "العربي الجديد" منذ اليوم الأول لتأسيسها، لكن الصحيفة خلال السنوات العشر الماضية، واكبت التحركات المضادة التي اصطدمت بها ثورات الربيع العربي؛ فحللت، وناقشت، ومنحت منبراً لكل الأصوات من التوجهات السياسية المختلفة، وحافظنا على موقفنا الثابت: مناهضة كل استبداد في أنحاء العالم العربي، والتمسك بحق كل مواطن عربي في العدالة الاجتماعية والتعبير عن رأيه، ومناهضة كل أشكال التطرف.

في مواجهة الخضات السياسية، حافظنا على مهنيتنا، وابتعدنا عن لغة الإسفاف والتحريض، إن في تغطيتنا للحصار الرباعي الذي فرض على قطر بين عامي 2017 و2021، وإن في تغطية كل الأزمات السياسية التي واجهها العالم العربي خلال عشر سنوات مضت. كذلك وقفنا ضد اتفاقيات التطبيع التي أقامتها حكومات بعض الدول العربية. وخلال وباء كوفيد-19 الذي ضرب العالم كله، كنا حاضرين لنتناول هذه الجائحة من جوانبها الصحية والاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عن تأثيراتها على عالم الإبداع. في الوقت نفسه، لم نغفل الأوضاع الاجتماعية وأحوال الناس في بلدان العالم العربي، ودائماً ما كانت تغطيتنا منحازةً إليهم، كما أفردنا مساحة للجاليات العربية التي صارت منتشرة اليوم في كلّ أنحاء أوروبا والولايات المتحدة، وتابعنا التحوّلات التي يمرون بها.

لم تكن مهمتنا سهلة. فليس من السهل أن تصارع في عالم يغزوه التشويه وقلب الحقائق، وتزدحم فيه المعلومات والمنافسون الذين تتغيّر وجوههم مع تغيّر الأدوات والوسائل التكنولوجية. وفي عالم تتكاثر فيه أيضاً مراتع الشعبوية، كان لزاماً على أيّ فكرة أو معلومة أن تتسلّح بالعقل والرصانة والموضوعية لتحارب الغرائز والتفرقة والغوغائية. من هنا، كانت مهمة "العربي الجديد" أن تنقل الخبر والمعلومة بموضوعية وأن تتقصّى الحقائق بحرص، ثم أن تطرح أولاً ودائماً أفكاراً مضادة للشعبوية، وتنتصر للديمقراطية، وتنتشل المبادئ من حفرة الانحراف والتطرّف. 

تنبهنا مبكراً إلى أهمية منصات التواصل الاجتماعي ودورها الأساسي في تشكيل الرأي العام في أيامنا، وأوليناها أهمية خاصة، لكن بشروطنا، ومن دون انجرار وراء الـ"ترند" أو السقوط في أفخاخ التسرّع والتضليل. 

وبما أنّ التكنولوجيا صارت أسرع من المشاريع والمؤسسات بأشواط، كان لزاماً علينا أن نلاحقها مع كلّ جديد، فحجزت "العربي الجديد" لنفسها موقعاً بارزاً، إذ تسعى لتقديم محتوى نصّي وبصري وسمعي رصين بقالب مرن متعدّد الوسائط.

لم يكن تحقيق ذلك ممكناً، لولا أن تعاون على إنجاز هذه المهمة نخبة من الزملاء الصحافيين من مختلف الدول العربية، وكذلك من الجاليات العربية في أميركا وأوروبا، وتحت إدارة رؤساء التحرير الذين تعاقبوا عليها: وائل قنديل، وبشير البكر، وحسام كنفاني، ومعن البياري أخيراً.

تطل "العربي الجديد" في عيدها العاشر على تجربتها باعتزاز؛ لا ندعي أننا لم نخطئ في بعض الأمور، لكننا كنا نتقبل النقد ونصحح أخطاءنا. نحن في مقدمة المنابر التي اعتمدت خطاباً ديمقراطياً وتقدمياً منحازاً إلى الشعوب العربية وعدالة قضية فلسطين، ونحن حريصون على منح مساحات حرة للإبداع والجمال، لكننا لا ننام على نجاحنا، بل نراجع كل ما أنجزنا، ونقف على بعض ما يحتاج منا إلى إعادة نظر إن لزم الأمر، ودافعنا دائماً التحسين والتجديد متسلحين بقيم المنافسة الشريفة والمهنية والعملية.

المساهمون