بين يوسف شاهين وفرانسيس كوبولا

19 أكتوبر 2021
مارلون براندو رفضته الشركة المنتجة في البداية لأداء دور "العراب" (Getty)
+ الخط -

من المتعارف عليه أن أكثر من يمتلك الحاسة الدرامية في العملية الفنية هو المخرج، فهو، بلا جدال، يمتلك صياغة المنتج الجمالي للعمل الفني بدلالاته المختلفة... هذا إذا كان موهوباً.

ليس سراً أن المخرج إيليا كازان، مخرج هوليوود الكبير ومؤسس استوديو الممثل مع لي ستراسبورغ، كان له الأثر الكبير على كل نجوم هوليوود الذين تخرجوا من هذه المدرسة.

لقد عُرّف هؤلاء بأصحاب ما يُسمى بمنهج الأسلوب. منهم على سبيل المثال لا الحصر: مارلون براندو، وبول نيومان، ومارلين مونرو، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو، وجاك نيكلسون، وداستن هوفمان، وجين هاكمان وميريل ستريب وغيرهم من الذين ملأوا حياتنا متعة وفناً تمثيلياً مميزاً.

كان إيليا كازان يحذف مشاهد كاملة من مسرحيات الكاتب الكبير تينسي وليامز، ليخلق حالة التوتر الدرامي، الذي يساهم في إيقاع العمل ليجعله يظهر وحدة متكاملة. لقد فعل هذا أيضاً مع الكاتب الكبير آرثر ميللر، في مسرحيته الشهيرة "بعد السقوط".

ولعل هذا ما دفع مخرجاً كفرانسيس فورد كوبولا إلى أن يُصمم على أخذ مارلون براندو للعب دور "الأب الروحي"، زعيم المافيا في فيلم "العراب"، متحدياً رغبة جهة الإنتاج التي أعلنت عن عدم قبولها مارلون براندو.

موقف
التحديثات الحية

رغم عدم قبول جهة الإنتاج نفسها أيضا آل باتشينو، لكن كوبولا دخل في صراعات كبيرة مع الجهات المنتجة لقبوله.

أخيراً بسط كوبولا نفوذه، ونجح في تكوين فريق التمثيل كما أراد. بالطبع نجح الفيلم نجاحاً أسطورياً، وأصبح نجومه لاحقاً من أساطير هوليوود.

كذلك يوسف شاهين الذي تصدى للجهة المنتجة في فيلم "صراع في الوادي". فقد أراد تغيير نجم معروف بعمر الشريف، الذي كان وقتها وجهاً جديداً رغم اعتراض بطلة الفيلم فاتن حمامة.

لكن شاهين بالتعاون مع عمر الشريف استطاعا الحصول على قبول فاتن الحمامة. بعد ذلك كان ما كان، وأصاب سهم كيوبيد قلب فاتن ووقعت في غرام وجهها الجديد، وعاشا قصة حب كللت بالنجاح.

لكن الفيلم هوجم نقدياً وتحديداً الوجه الجديد عمر الشريف، ومخرجه يوسف شاهين. وصل النقد لدرجة أن بعض النقاد دعوا الثنائي المخرج والممثل إلى الخروج من مصر، لأنهما على حد تعبيرهم "القبح بعينه".

هكذا قيل، ولكن تمر الأيام والسنين لينطلق عمر الشريف في سماء المجد ويصبح نجماً عالمياً شهيراً. تماماً كما حدث مع آل باتشينو وروبرت دي نيرو ومن قبلهما مارلون براندو.

من المثالين السابقين نستطيع أن نستنتج: إذا كان المخرج موهوباً، لا بد أنه يتمتع بالنظرة الثاقبة التي ترى أبعاداً لا يراها المنتجون، وبهذا يكون غالباً على صواب في اختيار فريق التمثيل. لعله دوماً ينجح في طرح المطلوب بأحلى وأجمل صورة ممكنة. ولهذا فالمخرج بحق هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في المنتج الجمالي.

المساهمون