الأطفال والشاشات: فرنسا تدق ناقوس الخطر

الأطفال والشاشات: فرنسا تدق ناقوس الخطر

22 مايو 2024
أوصى التقرير بإنشاء "معيار أخلاقي أوروبي" للمنصات (مات كاردي/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- خبراء فرنسيون يؤكدون على التأثيرات السلبية للشاشات الإلكترونية على الأطفال والمراهقين، مشددين على ضرورة منع استخدام الشاشات للأطفال دون الثلاث سنوات وتقييدها للأطفال حتى سن الست سنوات بأهداف تعليمية.
- التقرير يدعو إلى إنشاء "معيار أخلاقي أوروبي" للمنصات الرقمية ووكالة للحوكمة الرقمية، مع التأكيد على الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية وزيادة التمييز والعنف.
- ينتقد استراتيجيات الشركات في استهداف الأطفال ويشدد على أهمية الإشراف الأبوي والتوجيه في استخدام الأطفال للتكنولوجيا لحماية صحتهم النفسية والبدنية.

في تقرير للجنة من الخبراء الفرنسيين، حول تأثير الشاشات الإلكترونية على الأطفال والمراهقين، اتفق الخبراء بالإجماع التامّ على التأثير السلبي والكبير للشاشات على نوعيّة النوم وزيادة الخمول. عملت اللجنة على التقرير بطلب مباشر من رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون الذي كلّفها بالمهمة في مطلع العام. بعد ثلاثة أشهر من العمل، نشرت اللجنة تقريراً من 142 صفحة هذا الشهر، حمل عنوان "في البحث عن الوقت الضائع". ومن أبرز ما جاء في توصيات اللجنة: منع الشاشات بشكل تامّ عن الأطفال ما دون الثلاث سنوات. أمّا من هم بين عمر الثلاث وست سنوات فلا يُنصح بتعريضهم للشاشات، ولو قام الأهل بهذا، فعليهم التأكّد من وجود هدف تعليمي، وأن يتمّ الأمر بحضورهم الشخصي. كذلك نصحت اللجنة بعدم إعطاء هاتف محمول للأولاد قبل سنّ الـ 11عاماً، وانتظار سنّ الـ13 عاماً لتشغيل الإنترنت على هواتفهم. أمّا وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يجب التعرّض لها قبل سن الـ 15 عاماً، وربما أكثر في بعض الحالات.

لا جديد في القول إن الشاشات ذات تأثير سلبي، ولكن تقرير اللجنة وتوصياتها وضعه الرئيس الفرنسي بتصرّف الحكومة، مُعطياً مهلة الشهر للاطّلاع عليه والبدء باتّخاذ إجراءات فعليّة على الأرض. في بداية العام، كلّف رئيس الجمهورية الفرنسية لجنة من الخبراء دراسة التحدّيات المتعلّقة بتعرّض الأطفال للشاشات، طالباً منهم صياغة توصيات.

في بداية التقرير، أشار الخبراء إلى أنّ اتّصال الأطفال الكثيف بالإنترنت له تأثير كبير على صحتهم وتطوّرهم ومستقبلهم، وأن مستقبل البشريّة بأكمله لن يكون في منأى عن هذه التأثيرات. وعبّر الخبراء عن صدمتهم من واقع الاستراتيجيات المُعتمدة من قبل بعض الشركات الكبرى لتشتيت انتباه الأطفال، وإبقائهم على اتّصال دائم بالإنترنت. ومما جاء في تقرير الخبراء: "نودّ القول لبعض الشركات إننا نرى ما يحصل، ولا يمكننا ترككم تفعلون ما تُريدون". من هنا دعا الخبراء الى محاربة الخدمات الرقمية السيئة التي تحوّل الأطفال إلى "بضائع استهلاكية"، وهذا ما يحصل على سبيل المثال عبر "إمكانية المشاهدة إلى ما لا نهاية"، أو "التشغيل التلقائي للفيديوهات". وطالبوا بإعطاء المستخدمين، وتحديداً الأهل، إمكانات أكبر للتحكّم في خاصيّات عمل التطبيقات.

وحسب التقرير، تكمن مشكلة حضور الأطفال في المساحات الرقمية، وهجرتهم الواقع إلى عالمٍ افتراضيّ، بأنّه غالباً ما يحصل "بطريقة عازلة، لا حضور للأهل فيها ولا وجود فيها لخاصيّة الأمان". وفي السياق الفرنسي، أشار التقرير إلى أنّ الأطفال والمراهقين محاطون بالشاشات تقريباً في كلّ مكان؛ إذ يوجد في البيت الواحد ما يُعادل العشر شاشات، هذا عدا ما يتعاملون معه في المدارس أو المساحات العامة. لهذا، تضمّنت التوصيات نصائح إلى القطاع التربوي وللعاملين في الحضانات ومهن رعاية الأطفال، متأمّلين أن يتمّ الالتزام بها حمايةً للأطفال.

أمّا عن التأثيرات الصحية السلبية، فركّز التقرير على حصول مشكلات في النوم وتناقص النشاط البدني، وارتفاع السُمنة، وكل ما يُمكن أن ينتج عنها من أمراض. تستدعي المشكلة أزمة أخرى، ليجد الأطفال أنفسهم في دوائر مُفرغة تجعلهم أكثر التصاقاً بالشاشات. وأوصى التقرير أيضاً بإنشاء "معيار أخلاقي أوروبي" للمنصات ووكالة مخصصة للحوكمة الرقمية.

وتطرّق التقرير في جزء كبير إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ذاكراً الدور الإيجابي الذي قد تلعبه الأخيرة في حياة المراهقين، ولكن أيضاً مدى التأثير السلبي على الصحة النفسية والنظرة إلى الذات وتعزيز التمييز بحق النساء وزيادة حالات العنف. في هذا الإطار، ذكر التقرير دراسة أجرتها منظمة العفو الدولية، هدفت إلى دراسة خاصيّة "اخترنا لك" في تطبيق تيك توك. أجرى القائمون على الدراسة محاكاةً لحسابات أطفال بعمر الثلاثة عشر عاماً على "تيك توك"، في كلّ من الولايات المتحدة الأميركية والفيليبين وكينيا، وقاموا بالبحث يدويّاً عن موضوع الصحة النفسية. بعد أقلّ من نصف ساعة على هذا البحث (من ثلاث إلى عشرين دقيقة)، صارت نصف الفيديوهات المقترحة في الخانة تدور حول مشكلات الصحة النفسية، والعديد من الفيديوهات المُقترحة خلال مدة ساعة كانت تشجّع أو تُجمّل أو تتعامل بعاديّة مع الانتحار. 

المساهمون