"دفاتر السينما" وغودار: "ربما لم يمت"

"دفاتر السينما" وغودار: "ربما لم يمت"

07 أكتوبر 2022
آنا كارينا وغودار في مهرجان "كانّ 1963" (Reporters Associes/Gamma-Rapho/Getty)
+ الخط -

منذ إعلان نبأ رحيله، بناء على طلبه، في 13 سبتمبر/ أيلول 2022، ينتظر كثيرون/ كثيرات صدور العدد الجديد من المجلة الفرنسية "دفاتر السينما"، لارتباطه بها كناقد سينمائي في بداياته، وللعلاقة المعقودة بينها وبين "الموجة الجديدة" في السينما الفرنسية، التي سيكون له دورٌ أساسيّ في صُنعها.

لكنّ الوقت ضيّق، فرحيل جان ـ لوك غودار (1930 ـ 2022) حاصلٌ قبل منتصف الشهر بيومين، والمجلات الشهرية تُنجِز أعدادها اللاحقة بُعيد منتصف كلّ شهر بقليل. رغم هذا، تُصدر "دفاتر السينما" عدد أكتوبر/ تشرين الأول 2022 في الوقت المناسب، بغلاف أصفر، مع صورة لغودار شاباً، وسيغارة "جيتان ماييس" (الذُرَة) على الأرجح في فمّه، ولا شيء آخر سوى جملتين: اسم المجلة، واسم السينمائيّ.

إصدار العدد من دون تأخير، رغم ضيق الوقت، يؤكّد مُجدّداً نمطاً مُعتَمَداً في الصحافة الغربية: تجهيز ملفات كاملة عن شخصيات معروفة، تبلغ من العمر سنّاً يُتوقّع معه أنْ يكون الموت قريباً، أو تكون مُصابة بأمراضٍ مختلفة، والإضافات حاصلةٌ طالما أنّ الشخصية المعنية مستمرّة في الاشتغال. هذا غير موجودٍ في الصحافة العربية، ظنّاً من كثيرين/ كثيرات أنّ تجهيزاً كهذا "شؤم" يحلّ على الشخصية.

 

 

96 صفحة موزّعة على 10 عناوين: غودار الناقد، غودار وأصدقاؤه/ زملاؤه، غودار و"الدفاتر"، جسد غودار، ممثلات/ ممثلون، الصناعة، صورة/ لغة، تاريخ/ سياسة، غودار مُقدِّم الشكل، مع/ بعد. في الافتتاحية، يستعيد ماركوس أوزال، رئيس تحرير الـ"دفاتر"، سؤالاً من Made In USA، الذي يُخرجه غودار عام 1966، توجّهه بولا نلسن (آنّا كارينا) إلى دونالد سيغل (جان ـ بيار لِيُو): "إنْ يتوجّب عليك أنْ تموت، فهل تُفضِّل أنْ تعرف بهذا قبلاً، أمْ أنْ يأتيك الموت فجأة؟". لكنّها لن تنتظر جواباً، إذْ تُطلق النار عليه فوراً.

الاستعادة هذه مبنيةٌ على فكرة اختيار غودار لحظة موته، بدلاً من انتظار الموت ("العربي الجديد"، 14 و15 سبتمبر/ أيلول 2022). كما أنّها تسبق اختياراً آخر لجملة أخرى، مستلّة من JLG/JLG. Autoportrait De Decembre، المُنجز عام 1975. يُشدِّد أوزال على دقّة انتقاء غودار لمفردة Autoportrait بدلاً من "سيرة ذاتية"، مُشيراً إلى أنّ الكلمة الأولى خاصة بالرسم، "الذي يقول إلى أي حدّ يتعلّق الأمر، خاصة، بمنحه إمكانية النظر إلى حركته كمُبتَكر لصورة عن ذاته، ولفكرة عن العالم، وفي الوقت نفسه عن مشهد مألوف".

يستحيل اختصار الملف بكلمات. المقالات والنصوص والحوارات كافيةٌ لإثارة متعة القراءة، المعطوفة على تحريضٍ على إعادة مُشاهدة أفلامٍ عدّة له. شهادات سينمائيين/ سينمائيات إضافة نوعية، لما فيها من تفكيرٍ وتأمّلات يصوغها كاتبوها/ كاتباتها بلغة سلسة وعميقة، تعكس معنى التواصل، الثقافي والفكري والفني والإنساني، بين الجميع. يُعنون مارتن سكورسيزي مقالته بـ"غودار ربما يكون مات"؛ وجيم جارموش يكتب أنّه لو لم "يمتصّ" (يستوعب، يهضم، إلخ) أفلام غودار، "لم أكن سأتمكّن أبداً، ربما، من سرد "حكاية" بالكاميرا. أو ربما لم أكن سأتخيّل هذا". بينما ليوس كراكس يُنهي وداعاته بالقول: "إذاً، تبّاً وشكراً كبيراً لك، غودار".

المساهمون