أزمة سكن في السعودية الثرية

أزمة سكن في السعودية الثرية

14 يوليو 2015
مشكلة السعودية لا تكمن في نقص الأموال (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -
أتفهّم أن تكون هناك أزمة سكن حادة في بلد يتجاوز عدد سكانه 90 مليون نسمة مثل مصر، بل ولديه طلب متجدد على السكن يبلغ نحو مليون وحدة سكنية سنوياً، منها نحو 600 ألف وحدة لحالات الزواج الجديدة والطلاق وانفصال الأبناء عن الأسرة الكبيرة خاصة عقب حصولهم علي فرصة عمل، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي للبلاد والذي يحول دون قدرة الحكومة على مد المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحي وهواتف للأراضي التي يمكن إقامة وحدات سكنية عليها ومد الحيز العمراني لها.

وأتفهّم كذلك أن تكون هناك أزمة سكن في بلدان عربية تعاني شحاً في الموارد المالية وعجزاً حاداً في الموازنة العامة لا يؤهلانها لتخصيص مليارات الدولارات لحل واحدة من أعقد الأزمات بها وهي أزمة السكن، ومن بين هذه الدول المغرب وتونس والأردن وسورية ولبنان وغيرها.

لكن ما لا أتفهّمه هو أن تكون هناك أزمة سكن حادة داخل الدول ذات الفوائض المالية والاحتياطيات الضخمة من النقد الأجنبي، ومن أبرز هذه الدول السعودية صاحبة أكبر احتياطي أجنبي في المنطقة بقيمة تجاوزت 732 مليار دولار نهاية العام الماضي 2014، كما تعد أكبر منتج للنفط في العالم بكمية تزيد عن 10 ملايين برميل يومياً، والأهم أن لديها قدرة هائلة على الإنفاق ومساحات كبيرة من الأراضي القابلة للبناء عليها.

الأرقام الحديثة الصادرة من المملكة صادمة، خصوصاً أن معظمها رسمي أو شبه رسمي، إذ تؤكد أن 70% من السعوديين لا يملكون مسكناً من الأصل، وأن أكثر من 30% يقطنون مساكن غير صحية وغير لائقة، وأنه خلال السنوات الماضية لم تنجز وزارة الإسكان سوى 15% من المشروعات المخططة وبما يعادل 13.5 ألف وحدة من بين 500 ألف وحدة تم الإعلان عنها رغم توفر 250 مليار ريال في حساب الوزارة منذ 5 سنوات.

إذن مشكلة السعودية لا تكمن في نقص الأموال، ولا تكمن كذلك في نقص الأراضي القابلة للانضمام للحيز العمراني، بل تكمن في إدارة الأزمة من قبل الجهات الحكومية وعلى رأسها وزارة الإسكان، وهو ما يفسر قرار الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الصادر أمس الأول الأحد والخاص بإقالة وزير الإسكان الحالي وتعيين ماجد الحقيل بدلاً منه ليصبح الرجل ثالث وزير يتولى حقيبة الإسكان في فترة لا تتجاوز 4 أشهر.

كما تكمن المشكلة أيضاً في الارتفاع غير المبرر لأسعار الأراضي وهو ما يزيد من تكلفة إقامة الوحدة السكنية، والأهم من ذلك سيطرة عدد من كبار رجال الأعمال بالمملكة على مساحات ضخمة من الأراضي وتركها بلا استثمار بهدف "تسقيعها" والمضاربة على سعرها في وقت لاحق، وبالتالي جني مليارات الدولارات في حال بيعها، يساعدهم في ذلك عدم وجود ضوابط حكومية تنظم ملكيات الأراضي داخل الحيز العمراني، والنتيجة وجود أراضٍ معطلة وغير مستغلة ولا يستفاد منها.

وإذا أرادت السلطات السعودية حل الجزء الأكبر من معوقات أزمة السكن في المملكة، فعليها أولا التعامل بجدية مع مشكلة الأراضي غير المستغلة وسحبها من المستثمرين غير الجادين، وعليها ثانيا العمل على خفض تكلفة البناء ومنح مزايا للمستثمرين العقاريين خاصة العاملين في مجال إقامة الوحدات السكنية المخصصة للفقراء ومتوسطي الدخل.

إقالة الملك السعودي 3 وزراء إسكان في فترة لا تتجاوز 4 أشهر تكشف عن فشل هؤلاء الوزراء في حل واحدة من أعقد الأزمات المعيشية التي تواجه الحكومة السعودية وهي أزمة السكن، رغم توافر الإمكانات المادية والأراضي.

اقرأ أيضاً: ثالث وزير إسكان في السعودية خلال 4 أشهر

المساهمون