السوريون في تركيا..العمال أكثر قلقاً والمستثمرون يتحصّنون بالأموال

السوريون في تركيا..العمال أكثر قلقاً والمستثمرون يتحصّنون بالأموال

12 يونيو 2015
مطعم سوري في مرسين جنوب تركيا (فرانس برس)
+ الخط -
سادت حالة من القلق في أوساط العاملين وأصحاب رؤوس الأموال السوريين المقيمين في تركيا، إثر اعلان نتائج الانتخابات البرلمانية وعدم حصول حزب العدالة والتنمية الحاكم على مقاعد تخوله تشكيل الحكومة منفردا، بعد أن قدم لهم التسهيلات في دخول تركيا وإقامة أعمال بشروط ميسرة.
واحتلت قضية اللاجئين السوريين في تركيا حيزاً هاماً ضمن قائمة الجدل بين زعماء الأحزاب السياسية في تركيا قبيل الانتخابات البرلمانية، التي جرت يوم الأحد الماضي، خصوصا بعد تعهد زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كلجدار أوغلو، بطردهم إذا تسلم حزبه مقاليد الحكم في البلاد.
كما نشر الحزب المعارض لسياسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، تقريراً قال فيه إن اللاجئين السوريين والعراقيين كبدوا الاقتصاد التركي خسارة بلغت نحو 17 مليار دولار، خاصة في قطاعي السياحة والتجارة، كما أنهم رفعوا أسعار العقارات في البلاد.
وفقد حزب العدالة والتنمية الحاكم أغلبيته البرلمانية في الانتخابات، وهو الذي كان داعماً قوياً للسوريين في تركيا، ليحصل على نحو 40.7% من إجمالي المقاعد وفقا للنتائج الأولية، فيما حصل حزب الشعب الجمهوري الرافض لوجود السوريين على 25.6%، والحركة القومية اليميني المتطرف 16.5%، وحزب الشعوب الديمقراطي نحو 13%.
وتفتح هذه النتيجة الباب أمام أسابيع من الغموض السياسي، مع تنافس الأحزاب على المشاركة في تشكيل ائتلاف، بل ربما يصل الأمر إلى إجراء انتخابات مبكرة.
وأثارت هذه النتائج مخاوف الكثير من السوريين، وسط حالة من الغموض حول مصير العمال واللاجئين، الذين يزيدون عن مليوني سوري على الأراضي التركية، وجلهم غير مسجل، رغم تأكيد وزير العمل التركي، فاروق تشليك أخيرا، على المنشآت التركية تسجيل العمالة السورية بعد قرار "إنصاف السوريين"، الذي أصدرته وزارة العمل نهاية العام الماضي 2014، وحددت خلاله الحد الأدنى من الأجور بنحو 891 ليرة تركية (331.1 دولاراً).

وكان ناشطون سوريون قد حذروا، يومي الجمعة والسبت الماضيين، السوريين من الاقتراب من التجمعات والتزام منازلهم عبر حملة "ما دخلنا"، ما دفع الكثير من العمال إلى عدم الذهاب إلى أعمالهم.
ويقول ياسر عبود الذي يقطن في إسطنبول "لم أذهب يومي الجمعة والسبت إلى عملي، لأن السوريين باتوا موضع استهداف في المناطق المؤيدة للمعارضة".
وأضاف عبود لـ"العربي الجديد"، "أخشى من مضايقة في العمل بعد فقدان حزب العدالة والتنمية الأغلبية البرلمانية، لأني لا أملك إقامة وترخيص عمل".
وباتت خيارات حزب العدالة والتنمية محدودة، في إبرام تحالفات مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة، حيث تكاد تقتصر على الحزب اليميني القومي المتطرف "الحركة القومية"، خصوصاً بعد إعلان زعيم "الشعوب الديمقراطي"، صلاح الدين دميرتاش، أن "حزبه سيبقى في المعارضة"، حاله كحال زعيم "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، الكمالي العلماني، كمال كلجدار أوغلو.
وأبدى علي الجاسم، وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة الفاتح بإسطنبول، قلقه من نتائج عدم فوز حزب العدالة والتنمية بما يكفي لتشكيل الحكومة، على قطاع العقارات، حيث يتخوف من زيادات أكبر في قيمة الإيجارات على السوريين والعرب.
وقال الجاسم لـ"العربي الجديد"، إن أسعار الإيجارات ارتفعت أكثر من 200% في إسطنبول والمدن التركية، بعد قدوم السوريين والعرب، فسعر إيجار البيت لم يكن يصل إلى 400 ليرة (149 دولاراً)، بينما يؤجر اليوم بأكثر من 1500 ليرة (558 دولاراً) بدون فرش.

اقرأ أيضا: هروب الاستثمارات من تركيا

وأضاف "رغم ما حققه الأتراك من فائدة، فإنهم بدأوا يصعبون شروط الإيجار ويطلبون أحياناً كفلاء أتراكا وضمانات تأمين تعادل أجور شهرين، ونخشى المزيد من غلاء الإيجارات خلال الفترة المقبلة".
وتبدو الطبقة العاملة من السوريين، أكثر انزعاجا وقلقا لما هو قادم، بينما لا يحمل أصحاب رؤوس الأموال مخاوف كبيرة من احتمال حدوث تغييرات في سياسة الحكومة المقبلة، وفق بعض المستثمرين.
وقال باسم بيطار، وهو صاحب سلسلة مطاعم في إسطنبول "من مصلحة تركيا بقاؤنا؛ لأننا نشطنا السوق.. مهما كان لون الحكومة المقبلة، فهي لن تجازف بالاستثمارات السورية، وإن حاصرت بعض الأعمال وأصحاب المنشآت المماثلة للإنتاج التركي كالغزل والنسيج والمطاعم".

وأضاف بيطار لـ"العربي الجديد"، أن رجال الأعمال السوريين وجدوا في تركيا مناخاً مناسباً لاستثماراتهم، نتيجة التسهيلات وكثرة السوريين الذين يضمنون تصريفاً للإنتاج السوري نتيجة عاداتهم الاستهلاكية.
وكان اتحاد الغرف وبورصات السلع في تركيا قد أكدا خلال إحصاءات 2014، احتلال السوريين المركز الأول في الاستثمارات الأجنبية المساهمة في الشركات المؤسسة حديثاً.
وبحسب اتحاد الغرف، فإن نحو 10%، أو ما يعادل 489 شركة من الشركات التي تم تأسيسها أخيراً، كانت إما بشكل مباشر من السوريين أو عبر شراكتهم مع الأتراك.
وقال المستثمر السوري في صناعة الأغذية، عبدالمجيد عاشور، "البعض سيتأثر حتما إن خرج حزب العدالة والتنمية من الحكومة، لأن الرئيس رجب طيب أردوغان، وحكومة أحمد داود أوغلو، قدموا لنا تسهيلات خلال القدوم وتأسيس العمل، وتساهلوا معنا كثيراً لجهة التراخيص والضرائب".
وأضاف عاشور، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "لعل أكثر من سيتضرر هم أصحاب المحال التجارية والمطاعم التي اكتفت البلديات بالترخيص الصحي ولم تطالبهم ببقية الأوراق والشروط".
وتابع "سننتظر ريثما تتضح الأمور وتتشكل الحكومة الجديدة، لأن الأسواق التركية شهدت قلقاً وتقلباً في أسعار الصرف، بعد نتائج الانتخابات مباشرة، وهي حالة مؤقتة، وأظن أن الأسواق والأسعار ستستقران، لأن تركيا بلد مؤسسات وغني".
وكانت نتائج الانتخابات قد تسببت في حالة قلق بالأسواق التركية، تجلت في هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة التركية 8% في بداية التعاملات، يوم الاثنين، وفي تراجع سعر صرف الليرة إلى مستويات قياسية لتبلغ 281 ليرة مقابل الدولار الأميركي، ما دفع المصرف المركزي إلى خفض نسبة الفائدة على ما ستسحبه المصارف التركية من ودائعها من العملات الأجنبية لديه، على مدى أسبوع اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي. فيما خفض نسبة الفائدة على الدولار من 4% إلى 3.5%، واليورو من 2% إلى 1.5%.، لكن الأسواق المالية تحسنت في وقت لاحق.
لكن الإعلامي السوري، أحمد الحسن، قال في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" متفائلا "إنني متفائل بنتائج الانتخابات على الحل السوري، لأن الحل الصحيح بحاجة إلى قرار مؤسساتي تركي، وليس قرارا حزبيا".

اقرأ أيضا: المواطن التركي.. هل أنكر الجميل؟

المساهمون