السوريون يشعلون العقارات في تركيا

السوريون يشعلون العقارات في تركيا

23 ديسمبر 2014
تدفق السوريين على اسطنبول يغير أنماطها السكنية (أرشيف/AFP)
+ الخط -

أشعل تدفق اللاجئين السوريين إلى تركيا، أسعار إيجارات العقارات في العديد من مدن تركيا، لتتخطى 200% خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة في إسطنبول، بحسب سوريين وعاملين في القطاع العقاري.

ويتوزع أكثر من مليون سوري على مدن تركيا بعد الثورة في 2011، وكانت حصة اللجوء الأكبر للمدن والمناطق الحدودية، كإقليم هاتاي وغازي عنتاب وأنطاكية.

واتجهت أعداد كبيرة، إلى مدينة الأحلام اسطنبول، التي كان يقصدها السوريون لقضاء شهر العسل في الماضي، فغيّروا من معالمها وأنماطها السكنية والغذائية وحتى الديمغرافية.

وقال الدكتور عبد القادر المنلا، الممثل السوري والمحاضر في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق قبل الثورة، إن ارتفاع أسعار العقارات بمدينة اسطنبول أنهك السوريين الفارين من ويلات الحرب والدمار إلى ويلات الأسعار، مشيراً إلى أن الايجارات ارتفعت في اسطنبول بنسبة تتجاوز 200%، مقارنة بما قبل 2011.

وأضاف المنلا، في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه عاد أدراجه ثانية إلى مصر، لأنها تتناسب أكثر مع دخل السوريين المحدود، بعد محاولات التكيّف لأكثر من شهرين في اسطنبول، أنهكته خلالهما مصاريف الإيجارات والعيش.

وأفادت الأمم المتحدة، في تقرير حديث لها، عن نزوح 6.5 ملايين شخص داخل سورية، وحوالي 2.6 مليون إلى خارج البلاد، ليستقروا بشكل أساسي في الدول المجاورة كتركيا ولبنان والأردن.

ويقول عدنان فاضل (42 عاماً) إنه هرب إلى القسم الآسيوي باسطنبول، لاعتقاده بأن أسعار الإيجارات أرخص من القسم الأوربي، لكنه أشار إلى أن فوجئ باشتعال الأسعار. وأضاف فاضل: "إيجار منزلي في اسكودار ألف ليرة تركية (470 دولاراً)، بينما أجري من العمل في مقهى لا يتجاوز 800 ليرة، وهو ما يضطرني لعمل ثان كي أتمكن من البقاء بالمدينة".

وأوضح فاضل أنه سيواجه مشكلة بعد شهرين، تتعلق بتجديد العقد السنوي للمنزل، مشيراً إلى أن أصحاب العقارات في تركيا يقومون برفع سعر العقار بنسبة 10% كحد أدنى، بعد كل تجديد.

وقال أيمن الجاسم، لاجئ سوري، إن أسباب ارتفاع إيجارات المنازل في اسطنبول، يأتي بسبب زيادة أعدادهم في المدينة، مضيفاً "عدد السوريين باسطنبول ازداد بشكل كبير، لأنها مدينة كبيرة وفيها معامل ومنشآت تستوعب اليد العاملة السورية، إضافة إلى قدوم المصريين والعراقيين في الآونة الأخيرة، ما زاد الطلب كثيراً على المنازل، لدرجة طلب الأتراك إيجار ثلاثة أشهر مقدماً وسعر إيجار شهر تأمين".

ويتجه السوريون نحو العقارات المفروشة بحسب أصحاب عقارات أتراك، موضحين بأن العقار المفروش يغنيهم عن شراء المفروشات وعمولة السمسار ودفع إيجار مسبق لأشهر، موضحين أن إيجار "استوديو" غرفة ومطبخ يصل إلى نحو ألف دولار، أما إيجار البيت المفروش المكون من ثلاث غرف، فيبلغ نحو 1500 دولار.

ونقل السوريون شكلاً جديداً للإيجار، وهو إيجار الغرف والمنازل وفق الشروط الفندقية، فسعر إيجار الغرفة ليوم واحد دون إفطار يصل لنحو 80 دولاراً، بحسب ما أكد صاحب المكتب العقاري، متلو أوزون، في منطقة الاديرنا كابيه.

وقال لـ"العربي الجديد": "بعد زيادة الطلب على البيوت، قمت بتحويل عملي من بيوت البناء إلى نموذج الفنادق، ونؤجر يوميا وشهريا، لغرف وما يشبه الأجنحة الفندقة".
وأشار إلى أن ميزة هذا النوع من الإيجار، هي أن المستأجر غير مطالب بأي إضافات على سعر الإيجار. ويتابع: "على العكس بل نوفر له التدفئة والإنترنت إضافة إلى الفرش والخدمات".

كما عمل زيادة نزوح السوريين الساعيين إلى العمل في اسطنبول، على انتشار ما يسمى بالسكن الشبابي، وهي غرف مفروشة على نحو بسيط يسكنها من 4 إلى 6 شباب بأجر شبه رمزي يتناسب وأجور السوريين، وبحسب سوريين فإن القائمين على هذا النوع من الاستثمار، جلهم من السوريين الذين دخلوا قطاع العقارات.

وقال عبد الحافظ يوسف، الذي يعمل في منشأة غذائية، إنه استأجر في السكن الشبابي بمنطقة اسينيورت في اسطنبول بنحو 200 ليرة تركي بالشهر، حيث يقيم مع 5 شباب سوريين في غرفة واحدة.

وأشار يوسف لمراسل "العربي الجديد" إلى أنه لا قدرة لديه على أسعار الإيجارات بسبب مستوى دخله الشهري البسيط، والذي لا يتجاوز 800 ليرة، وهو ما لا يكفي حتى لسعر الإيجار.

ولم يقتصر السكن الشبابي على الذكور فحسب، بل ثمة مساكن خصصت للسوريات اللائي يدرسن باسطنبول، فقد افتتحت قبل أيام في منطقة أفجولار باسطنبول أماكن مخصصة لسكن الشباب والشابات السوريات بسعر 250 ليرة للسرير إن كانت الغرفة مكونة من 6 أسرّة و300 ليرة إن حوت الغرفة 4 أسرّة.

ويقول محسن حسون، المقيم بالسكن الشبابي قرب أمنيات اسطنبول، إنه يدفع 300 ليرة إيجار شهر في غرفة سكن مشترك، موضحاً أن هذا السعر يناسب أجره، ويضيف: كل شيء متوفر ماء وتدفئة وإنترنت".

وترافق السكن الشبابي مع مهن مكملة، حيث انتشرت باسطنبول "المكاتب العقارية الإلكترونية"، فمبجرد دخولك المواقع المتخصصة "البيت السوري باسطنبول" مثالاً، تأتيك العروض للسكن الشبابي وصور الغرف والخدمات المقدمة، ولكن إلى جانبها رقم هاتف الدليل الذي يطلب 12% من الأجر الشهري عمولة عن كل مستأجر أو مستأجرة.

وعمل ارتفاع إيجارات المنازل باسطنبول، على رفع دخل بعض الأتراك كما يقول علي الجاسم، صاحب مكتب رابعة العقاري.

وأشار إلى أن الأتراك اليوم يطلبون أكثر مما كانوا يحلمون به، وبأن سعر تأجير المنزل يصل لأكثر من دخل التركي الشهري الوظيفي، مضيفاً "من لديه عمارة وحولها لشقق مفروشة أو نظام فندقي يكسب الكثير من المال".

وذكر أن ارتفاع الإيجارات سبب حرجاً بالنسبة للأتراك أنفسهم، حيث زادت الأسعار على من لا يمتلك منزلاً، وهو ما أكدته الطالبة التركية بشرى نور على نحو شكائي، إذ قالت لـ "العربي الجديد": "تسبب زيادة أعداد السوريين في ارتفاع الإيجارات أضعاف ما كانت عليه، أنا شابة مخطوبة وبات السكن هاجسا لي ولخطيبي".

وحسب تقرير للبنك الدولي يوم الجمعة الماضي، فإن جميع الأطراف الفاعلة في الاقتصاد السوري، تضررت أثناء الحرب لكن خسارة أصحاب الأراضي كانت الأكبر، حيث انخفض الطلب على الأراضي بحدة في انعكاس لتدفق اللاجئين إلى خارج البلاد.

وعلى النقيض من ذلك، استفاد أصحاب الأراضي والشركات في لبنان وتركيا، في حين تضرر العمال نظراً للضغوط التي فرضها تدفق اللاجئين على الطلب على السلع والخدمات.

المساهمون