مصر تلغي قيودا على الواردات للوفاء بمطالب صندوق النقد الدولي

البنك المركزي المصري يلغي قيودا على الواردات للوفاء بمطالب صندوق النقد الدولي

29 ديسمبر 2022
الحكومة ستسمح الآن بالدفع المباشر وقبول مستندات التحصيل (Getty)
+ الخط -

ألغت مصر اليوم الخميس قيدا أساسيا على الواردات وأقرت قائمة من الأنشطة الاقتصادية التي ستتركها الحكومة للقطاع الخاص، في مسعى للوفاء بمطلبين أساسيين مرتبطين بحزمة دعم مالي تبلغ ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

ألغى البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، كتاباً أصدره في فبراير/ شباط الماضي يشترط إصدار خطابات اعتماد مستندية للواردات، وهو واحد من عدة متطلبات لصندوق النقد الدولي في مقابل حزمة دعم بقيمة ثلاثة مليارات دولار وافق عليها هذا الشهر.

وذكر البنك المركزي في بيان أن الحكومة ستسمح الآن بالدفع المباشر وقبول مستندات التحصيل. وأوضح في بيان على موقعه الإلكتروني أنه "تقرر إلغاء العمل بالكتاب الدوري الصادر بتاريخ 13 فبراير 2022 والسماح بقبول مستندات التحصيل لتنفيذ العمليات الاستيرادية كافة".

وبدأ العمل بنظام الاعتمادات المستندية منذ فبراير/ شباط 2022، بعد تعرّض البلاد لضغوط واسعة من جراء هروب كميات ضخمة من الاستثمارات الأجنبية في أوراق الدين المحلية بمصر، ما يطلق عليه الأموال الساخنة، تزامناً مع دخول القوات الروسية إلى الأراضي الأوكرانية، وتوجه بنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي لرفع معدلات الفائدة.

وقال طارق عامر، الذي كان يترأس البنك المركزي وقتها، إن الخطوة "تهدف إلى وقف التدفقات الخارجة بالعملة الأجنبية وسط النقص الناجم عن الحرب في أوكرانيا".

وسبّب القرار، بالفعل، الحد من الاستيراد، إلا أنه سبّب أيضاً حدوث اضطراب اقتصادي واسع النطاق بعد أن تباطأت الواردات من السلع الوسيطة والرأسمالية، وتعطل الإنتاج في مصر، كما ضعفت القدرة على التصدير، وفقاً لما قاله عدد من المنتجين والمصدرين وقتها.

كذلك سبّب نقص حاد في العملة الأجنبية في مصر، وتراجع قدرة البنك المركزي على توفير الدولار للمستوردين على مدار الأشهر الماضية صعوبة التزام نظام الاعتمادات المستندية قبل الإفراج عن الشحنات المتراكمة في الموانئ.

وفي إطار محاولات التعامل مع الأزمة، أقرّ البنك المركزي بعض الاستثناءات للقرار، في ما يتعلق بنوعية السلع المطبق عليها القرار، وكذلك قيمتها.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أصدر المركزي، برئاسة حسن عبد الله الذي حل محل عامر، قراراً بزيادة قيمة الشحنات المستثناة من القرار من خمسة آلاف دولار أميركي، أو ما يعادلها من العملات الأخرى، إلى 500 ألف دولار أميركي، إلا أن أغلب البضائع بقي مكدساً في الموانئ، بسبب عدم توافر العملة الأجنبية المطلوبة للإفراج عنها.

وهذا الأسبوع، أكدت الحكومة المصرية أنها أفرجت عن بضائع بقيمة 5 مليارات دولار من الموانئ المصرية خلال 23 يوماً من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، من إجمالي بضائع مكدسة تقترب قيمتها من 15 مليار دولار.

وحول جدوى القرار الصادر اليوم الخميس، ومدى تأثيره بزيادة الواردات، أوضح أحد خبراء العمليات التجارية في البنوك المصرية، لـ"العربي الجديد"، أن "الاعتمادات المستندية هي منتج ليس أكثر، لكنها المنتج الوحيد الذي يبدأ من بنك المستورد، بخلاف التحصيلات وعمليات الحساب المفتوح التي تبدأ خارج البنوك، بين البائع والمشتري، وتنتهي في البنوك لأغراض تسليم المستندات للإفراج عن البضائع".

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، وعمل لأكثر من ثلاثين عاماً في العمليات التجارية في البنوك المصرية قبل تقاعده أخيراً: "كانت البضائع تُشحن وتصل إلى الموانئ دون تدخل من البنوك، وفي غياب تام لبياناتها، فكان غرض طارق عامر من فرض الاعتمادات التحكم في الاستيراد وما يستتبعه من طلب شراء عملة، ليبقي ذلك في يد البنوك، وبالتالي في يد البنك المركزي".

وأكد أن التحصيلات والحساب المفتوح، التي أقر العمل بها من جديد اليوم "منتجات تعكس ثقة كبيرة بين المُصَدر والمُستورِد، فكان المُصَدر يشحن البضاعة دون انتظار أي تعهدات بنكية"، مشيراً إلى أن التأثير بالاستيراد في النهاية سيتوقف على "قدرة البنوك المصرية على تدبير العملة للمستوردين".

ومنتصف الشهر الجاري، أعلن صندوق النقد الدولي موافقته على منح مصر تسهيلاً، على مدار 46 شهراً، بقيمة 3 مليارات دولار، لم يفرج منها إلا على 347 مليون دولار، في انتظار تطبيق مصر لبعض الاشتراطات، التي كان منها إلغاء إلزام المستوردين بنظام الاعتمادات المستندية.

وقال الصندوق إنه سيدعم حصول مصر على تمويلات أخرى، تقدر بنحو 14 مليار دولار، من دول ومؤسسات شريكة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويأتي في مقدمة الاشتراطات الأخرى التي تنتظر التنفيذ، سماح البنك المركزي المصري لعملته بما سماه الصندوق "مرونة دائمة"، وهو ما بدا عصياً حتى الآن، خاصة مع تراكم طلبات الشراء لدى البنوك المصرية، وارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق الموازية بصورة واضحة.

وارتفع الدولار مقابل الجنيه أكثر من 57% منذ شهر مارس/ آذار الماضي، رغم رفع الفائدة على الجنيه هذا العام عدة مرات، كان آخرها الأسبوع الماضي، وبإجمالي 8%، وأيضاً رغم فقدان احتياطي النقد الأجنبي في مصر ما يقرب من خمس قيمته منذ شهر فبراير/ شباط الماضي، وصولاً إلى 33 مليار دولار.

وفي آخر عطاء قامت به الحكومة المصرية، وصل عائد أذون خزانة بالجنيه المصري لمدة عام إلى أكثر من 18%، إلا أن "تأثير رفع الفائدة الأخير، وكان 3%، لم يظهر حتى الآن في الأسواق"، وفقاً لمسؤول قطاع الخزانة في أحد البنوك المصرية.

المساهمون