حسابات التكلفة والعائد في خطة ترامب فرض تعرفات جديدة على الصين

حسابات التكلفة والعائد في خطة ترامب فرض تعرفات جديدة على المنتجات الصينية

13 ابريل 2024
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب - فلوريدا 12 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دونالد ترامب يسعى لكسب دعم أصحاب الشركات الأميركية بخطة لفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على البضائع الصينية، معتبرًا ذلك ضروريًا لحماية الاقتصاد الأميركي وتعزيز قوته العالمية.
- الخطة تواجه انتقادات بسبب المخاوف من ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأميركيين والضرر المحتمل للشركات الصغيرة الأميركية التي تعتمد على الاستيراد من الصين.
- ترامب ومؤيدوه يدافعون عن الفوائد الاقتصادية والأمنية للتعريفات الجمركية، مشيرين إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الصين، رغم التحذيرات من التأثيرات السلبية المحتملة على الإيرادات والتجارة.

يحاول الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي للحزب الجمهوري دونالد ترامب استرضاء أصحاب الشركات الأميركية، من خلال إعلان عزمه على فرض تعريفات جمركية على الصين، إلا أن البعض يرى أن حسابات التكلفة والعائد لمثل هذا الإجراء قد تأتي بنتائج عكسية على الاقتصاد الأميركي.

وفي حين يرى البعض أن خطة ترامب لـ"فرض تعرفات على الصين لبناء أميركا" ربما تكون وسيلة ضرورية لحماية الاقتصاد وإبقائه الأقوى في العالم، تمثل السياسة المقترحة فرض ضريبة قمعية على المستهلكين والشركات بأميركا، في وقتٍ لم يتم فيه التأكد من القضاء على أعلى موجة تضخم تشهدها البلاد في أكثر من أربعة عقود.

والشهر الماضي، مع دخول الحملات الانتخابية للمرشحين الرئاسيين مرحلة الجد، طرح ترامب خطة لإزالة الوضع التجاري للدولة الأكثر تفضيلاً للصين وفرض تعرفات أساسية عالمية بنسبة 10% على الواردات. ولكن في القاعات المغلقة، طرح ترامب تعرفات جمركية تصل إلى 60% على البضائع الصينية، وفقًا لما نشرته صحيفة واشنطن بوست.

ويقول ترامب إن الرسوم الجمركية المرتفعة ضرورية لمكافأة المصنعين المحليين ومعاقبة الشركات الأجنبية التي "تنقل الوظائف خارج أميركا".

وقال في مقطع فيديو نشره في فبراير/ شباط: "يدعي جو بايدن أنه يدعم التصنيع الأميركي، لكنه في الواقع يدفع بالأجندة العالمية نفسها المؤيدة للصين، التي مزقت قلب الصناعة في بلادنا".

وتابع ترامب: "بكل بساطة، تفرض أجندة بايدن ضرائب على أميركا من أجل بناء الصين. لكن أجندتي ستفرض ضرائب على الصين من أجل بناء أميركا".

غير أنّ أفكار ترامب لم تلق الدعم الكامل في واشنطن، حيث اعتبر كثيرون أن التعرفات الجمركية مجرد ضريبة على الواردات يدفعها المستهلكون الأميركيون في نهاية المطاف. وقال آخرون، ممن يدعمون سياسات ترامب، إن التعرفات الجمركية يمكن أن تكون لها فوائد هائلة على الأمن القومي، في حين أن التكاليف مبالغ فيها.

وقال دان سافيكاس، مدير السياسات في تحالف حماية دافعي الضرائب، لشبكة فوكس بيزنس إن التعرفات الجمركية التي اقترحها ترامب بنسبة 60% على البضائع الصينية ستعني "أسعارًا أعلى بشكل أساسي"، مؤكداً أن فرض التعريفات يكون له ضحايا في كل الأحوال.

وأضاف: "الشركات التي تستورد السلع أو المواد الخام من الصين والتي تدفع رسومًا إضافية بنسبة 60% للقيام بذلك، يتعين عليها تعويض هذه التكاليف في مكان ما. لذا، فإنها إما ستشتري منتجات أكثر تكلفة من دول غير الصين، أو سيتعين عليها تعويض ذلك من طريق زيادة الأسعار".

وأشار سافيكاس إلى أن التأثير التضخمي للتعرفات الجمركية ينتشر في نهاية المطاف عبر الجمهور الأميركي، مؤكداً أن الشركات الصغيرة التي تعتمد على استيراد المواد الخام الرخيصة من الصين تعاني، في حين تقوم الشركات الكبرى، القادرة على تحمّل التكاليف المتزايدة، بالقضاء على المنافسة التي تكون عادة في صالح المستهلك.

وتابع: "أعتقد أنك ستشهد وضع الكثير من الشركات الصغيرة في موقف صعب للغاية عندما يتعين عليها البيع لمنافسين أكبر، أو الخروج من العمل تمامًا، أو التسعير خارج السوق من خلال رفع الأسعار للمستهلكين". 

ومع ذلك، يعتقد آخرون أن المستهلكين الأميركيين لن يروا تأثيرًا يذكر من زيادة التعريفات الجمركية. وقال مايكل ستومو، الرئيس التنفيذي للتحالف من أجل أميركا المزدهرة، وهي منظمة ينتمي أعضاؤها للحزبين الجمهوري والديمقراطي تمثل المنتجين المحليين، لـ"فوكس بيزنس"، إنّ التعريفات الجمركية الثقيلة على الصين ضرورية لأسباب اقتصادية وأمنية قومية.

وقال ستومو: "إن الصين خصم للولايات المتحدة، ويجب علينا أن ننفصل عنها استراتيجيًا وأن نتوقف عن تمويلها بشكل متزايد". وأضاف: "هناك حاجة حقيقية لفرض تعريفة بنسبة 60% على الواردات الصينية لتسريع الانفصال الاستراتيجي عن الصين. وسيكون من الأفضل فرض التعريفات الجمركية على مدى ثلاث سنوات لمنح الشركات الوقت إما للخروج من الصين أو اتخاذ قرار بشأن كيفية دفع التعريفة الجمركية". 

ورفض ستومو الانتقادات الموجهة لفرض التعريفات الجمركية، بحجة مساهمتها في زيادة تضخم الأسعار، وأشار إلى فترة ولاية ترامب الأولى في البيت الأبيض كدليل. وقال: "إن تعريفات ترامب لم تؤد إلى تضخم يشعر به المستهلك. وفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على الصين، على مراحل، من شأنه أن يحوّل التجارة والإنتاج إلى داخل الولايات المتحدة وإلى عشرات الدول الأخرى. وستخسر الصين الأموال، وستتعرض لضغوط شديدة لتمويل آلتها الحربية، وسيحصل العمال الأميركيون على المزيد من فرص العمل برواتب أعلى، وهو ما يزيد الفرص المتاحة أمام العمالة".

وخلال فترة وجوده في البيت الأبيض (2017-2021)، رفع ترامب الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية المستوردة والغسالات والصلب والألومنيوم، بحجة أن هذه الإجراءات ضرورية لمنع شحن الوظائف إلى الخارج.

وارتفع متوسط الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية من 3% إلى 21% بين عامي 2018 و2020، وفقًا لصندوق النقد الدولي. وأثارت سياسات ترامب العدوانية حرباً تجارية، حيث فرضت الصين ودول أخرى تعريفات جمركية انتقامية على البضائع الأميركية خلال تلك السنوات. ولم يسلم الحلفاء من تعرفات ترامب، حيث فرض تعرفات على بعض المنتجات التي كانت تأتي بالأساس من الدول الأوروبية، كالجبن والنبيذ وغيرها.

وقضت ورقة عمل أصدرها المكتب الوطني غير الحزبي للبحوث الاقتصادية (NBER) في يناير/ كانون الثاني بأن سياسات ترامب تمثل خسارة اقتصادية، ولكنها تحقق فوزاً سياسياً. ووجد باحثو المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أن تعرفات الاستيراد لم يكن لها أي تأثير على العمال الأميركيين، لكن التعرفات الانتقامية كلّفت الاقتصاد الأميركي خسارة آلاف الوظائف.

وقالت الورقة إن المزارعين الأميركيين كانوا الأكثر تضرراً عندما فرضت الصين تعرفات جمركية تصل إلى 25% على صادرات فول الصويا والقطن والذرة الرفيعة. وأطلقت إدارة ترامب برنامجًا بقيمة 23 مليار دولار لإنقاذ المزارعين وتعويضهم عن الخسائر في عامي 2018 و2019، وهو البرنامج الذي تعرّض لانتقادات عدة، جاء على رأسها عدم كفاية الأموال التي حصل عليها المزارعون لتعويض خسائرهم.

ومع ذلك، أثبتت سياسات ترامب شعبيتها، حيث أظهرت ورقة المكتب الوطني أن الناخبين الذين يعيشون في المناطق الريفية الأكثر تأثراً بالتعرفات الجمركية، وبخاصة منطقة الغرب الأوسط والبحيرات العظمى والجنوب، كانوا أكثر عرضة لتحويل انتمائهم الحزبي إلى الحزب الجمهوري والتصويت لإعادة انتخاب ترامب.

وتسعى حملة ترامب 2024 للاستفادة من هذا الدعم. وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الممثل التجاري الأميركي السابق روبرت لايتهايزر، ومدير مكتب الإدارة والميزانية السابق في البيت الأبيض روس فوت، وهما مهندسا سياسات ترامب التجارية، التقيا ترامب في أواخر العام الماضي في بيدمينستر بولاية نيوجيرسي لتطوير استراتيجيته لعام 2024.

وفي أكثر من مناسبة، عدّد ترامب فوائد فرض التعرفات الجمركية، مؤكداً أنها ستجلب "تريليونات وتريليونات الدولارات" من الإيرادات الحكومية من الدول الأجنبية، التي يمكن استثمارها في "العمال الأميركيين والأسر الأميركية والمجتمعات الأميركية".

وأكد تحليل حديث نشرته اللجنة غير الحزبية من أجل ميزانية فيدرالية مسؤولة أن فرض تعرفة بنسبة 60% على الواردات الصينية من شأنه أن يولّد نحو 2.4 تريليون دولار من الإيرادات على مدى العقد المقبل. لكنّ هذا التقدير وُصف بالثبات، أي إنه لا يأخذ بالاعتبار التغيرات في السلوك التجاري للدول المفروض عليها التعرفات. ووجدت النتيجة الديناميكية أن التعرفات "ستولد إيرادات أقل بكثير، وقد تفقد بعض ما كانت تتحصل عليه من قبل".

وقالت اللجنة: "في ظل التوقعات الحالية، نقدّر أن الولايات المتحدة ستستورد ما تقارب قيمته 5.6 تريليونات دولار من البضائع من الصين بين السنة المالية 2026 و2035، بمتوسط نسبة تعريفات يبلغ حوالى 10%، ارتفاعًا من 3% في عام 2017".

وفي حين أن فرض التعريفات الجمركية بنسبة 60% من شأنه أن يزيد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من حوالى 65 مليار دولار إلى ما يقرب من 400 مليار دولار في السنة المالية 2035، أوضحت اللجنة أن القياس ليس مفيدًا لأنه "لا يأخذ بالاعتبار الانخفاض الكبير في التجارة مع الصين".

وبعد حساب تأثير انخفاض الواردات من الصين، وجد التقدير الديناميكي أن التعرفة الجمركية ستولد ما يصل إلى 300 مليار دولار من صافي الإيرادات على مدار عقد من الزمن، أو ستخفض الإيرادات 50 مليار دولار، "اعتمادًا على حصة الواردات الصينية التي سيتم استبدالها بالواردات المحلية مقابل الأجنبية".

وقال ستومو: "ستكون الفوائد على الأمن القومي هائلة، وستؤدي إلى وقف تمويل أكبر خصم لنا. ولا توجد مقايضات. سيكون هناك تضخم ضئيل أو معدوم تمامًا كما كان الحال بعد تعرفات ترامب الأولى. أولئك الذين زعموا أن التضخم ارتفع بصورة كبيرة بسبب التعرفات لم يقولوا الحقيقة واستخدموا نماذج نظرية لم تنظر في الواقع إلى الأسعار الحقيقية التي دفعها المستهلكون الأميركيون".

المساهمون