توقعات بانهيار أسعار المنازل في بريطانيا

توقعات بانهيار أسعار المنازل في بريطانيا

28 سبتمبر 2022
شلل في سوق العقارات في بريطانيا بعد ارتفاع معدلات الفائدة (Getty)
+ الخط -

تراجعت القدرة على شراء المنازل في المملكة المتحدة بعدما سحب المقرضون عروض الرهن العقاري استجابة لارتفاع أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن يؤدي الانخفاض في أسعار العقارات إلى تراجع عدد المنازل المباعة كل عام من 1.2 مليون إلى 800 ألف فقط. كما يمكن أن تضع المعدلات المرتفعة كلفة السداد في أعلى مستوى لها منذ ثلاثة عقود، وهو ما قد يعرض الملايين من أصحاب المنازل لخسارات مادية هائلة.

انهيار أسعار المنازل

تأتي هذه الأخبار بعدما حذر بنك إنكلترا من أنه قد يرفع أسعار الفائدة إلى 6% في العام المقبل، وهو تحذير يعني أن المقرضين قد سحبوا قروضهم العقارية الثابتة أمس الثلاثاء، 27 سبتمبر/ أيلول. بيد أنّ المتداولين يراهنون على أن بنك إنكلترا سيرفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 5.9% بحلول سبتمبر/ أيلول من العام المقبل، مقارنة بـ0.1% قبل عام، ما سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف قروض الإسكان على ما يقارب مليوني شخص.

ويخضع أكثر من ثلاثة أرباع قروض الرهن العقاري لمعدلات فائدة ثابتة، ولكن من المقرر أن يستحق حوالي 1.8 مليون من هذه القروض في غضون العام المقبل، حسب بيانات "التمويل البريطاني"، وهو اتحاد تجاري لقطاع الخدمات المصرفية والمالية في المملكة المتحدة.

في هذا الشأن، حذّر أحد الخبراء من أن أسعار المنازل في المملكة المتحدة قد تنهار بنسبة تصل إلى 40% خلال العامين المقبلين، وفق ما أوردت صحيفة "ديلي إكسبرس" أمس.

في المقابل، جاءت توقّعات محللين في مصرف "كريدي سويس" Credit Suisse أقل تشاؤما، إذ حذّروا من أن الجمع بين أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم وخطر الركود قد يؤدي إلى انخفاض أسعار المنازل بنسبة تراوح بين 10 و15%، وأوضحوا أنّه ينبغي أن ترتفع البطالة إلى 6% للسيطرة على نمو الأجور وإعادة التضخم إلى مستواه المستهدف. بيد أنّ البطالة حالياً، عند أدنى مستوى لها منذ 42 عامًا، ونمو الأجور أعلى بنسبة 3% مما يجب أن يكون لتحقيق هدف التضخم لدى بنك إنكلترا.

أمّا راي بولجر، سمسار الرهن العقاري في شركة استشارات القروض العقارية "جون تشاركول"، فتوقع انخفاضًا بنسبة 10% في أسعار المنازل في المملكة المتحدة العام المقبل.

وقال راي لبرنامج "توداي" على إذاعة "بي بي سي راديو 4": "يمكننا أن نتوقع انخفاضًا كبيرًا في أسعار المنازل، ربما بنسبة 10% العام المقبل".

ومن المعلوم أنّ العملة البريطانية كانت في دوامة هبوط منذ منتصف يوم الجمعة الماضي، بعد إعلان كواسي كوارتنغ، وزير المالية، عن ميزانيته المصغرة التي تتضمّن تخفيضات ضريبية مهولة. بيد أنّ الجنيه الإسترليني تعافى من أدنى مستوياته القياسية يوم الإثنين، حيث ارتفع بنسبة 0.8% مقابل الدولار إلى 1.07 دولار، لكنه ظلّ دون المستوى الذي كان يتداول عنده قبل الإعلان عن الميزانية المصغّرة.

دفعت هذه الأوضاع مقدّمي الرهن العقاري إلى رفع أسعار الفائدة إلى مستويات لم نشهدها منذ الأزمة المالية، حيث حذر الاقتصاديون من أن تكاليف الاقتراض المتزايدة ستؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار المساكن ما لم تكن الحكومة قادرة على السيطرة على الوضع.

البنوك تعلّق صفقات الرهن العقاري

وفق ما أوردت صحيفة "التايمز" اليوم الأربعاء، علق كل من مصرف "إتش أس بي سي" و"سانتاندير" صفقات الرهن العقاري الجديدة أمس، وأصبح "نيشن وايد" أول بنك كبير يزيد معدلات الفائدة المطبقة على الصفقات ذات السعر الثابت، حيث ارتفع سعر الفائدة لمدة عامين إلى 5.59%، وكان قد عرض قبل ثلاثة أشهر رهنًا عقاريًا مشابهًا بنسبة 2.54%. وتعادل هذه الزيادة ما تنفقه أسرة لديها رهن عقاري قيمته 500 ألف جنيه إسترليني 881 جنيهًا إسترلينيًا إضافيًا شهريًا على السداد.

ومن المتوقع أن يحذو مقرضون آخرون حذوه، وسط توقعات بأن يرفع بنك إنكلترا سعر الفائدة الأساسي إلى 6% العام المقبل.

ما يعني أنّه سيتعين على مالكي المنازل دفع آلاف الجنيهات الإضافية سنويًا لدفع رهنهم العقاري وسيكافح الكثيرون للعثور على صفقة جديدة. وقد تضاعفت بالفعل معدلات الرهن العقاري الثابتة منذ العام الماضي ووصل بعضها الآن إلى أكثر من 6%.

"قد تكون معدلات 6% كارثية على سوق العقارات، حيث لن يتمكن الناس من تحمل مدفوعات الرهن العقاري إذا كانوا قد أرهقوا أنفسهم أكثر من اللازم"، تقول كارين نوي، الخبيرة  في الرهن العقاري، وتتابع أنّ ذلك قد يتسبب في ظهور موجة من العقارات في السوق عندما ينضب الطلب.

ووفقًا لمكتب الإحصاء الوطني، كان متوسط ​​سعر المنزل في المملكة المتحدة 292 ألف جنيه إسترليني في يوليو/ تموز 2022، أي 39 ألف جنيه إسترليني أعلى من هذا الوقت من العام الماضي.

وكان مقرضون أصغر مثل "كينسينجتون" و"أكورد مورتجيجز" و"هودج" من بين أولئك الذين قالوا إنهم يسحبون عروضهم يوم الثلاثاء. وجاء ذلك في أعقاب قرار مجموعة "لويدز" المصرفية، وهي تعتبر أكبر مزود للرهن العقاري في المملكة المتحدة، يوم الإثنين، بوقف بعض العروض، بينما توقفت شركة "فيرجن موني يو كيه بي إل سي"، مؤقتًا عن تقديم قروض لشراء المنازل للعملاء الجدد.

في السياق، قال سماسرة الرهن العقاري إنّه قد يتم سحب بعض صفقات القروض إلى القيمة الأعلى بالكامل، بسبب المخاوف المرتبطة بالقدرة على تحمل التكاليف واستقرار سوق العقارات.

ووفق بيانات جمعتها شركة المعلومات المالية البريطانية Moneyfacts Group Plc، انخفض عدد عروض الرهن العقاري بين صباح الجمعة وصباح الثلاثاء بنسبة 9% إلى 3596 من 3961.

من جهته، قال جيفري يو، كبير المحللين الاستراتيجيين في "بنك أوف نيويورك ميلون كورب" في لندن، إن حال السوق تبقى مبهمة وليس من الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك. وفي حال ترك بنك إنكلترا أسعار الفائدة من دون تغيير لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، سيشعر المقرضون بمزيد من اليقين وستعود المزيد من عروض الرهن العقاري إلى السوق، وأوضح أنّه إذا انخفض الجنيه مرة أخرى، فهناك فرصة أكبر لرد فعل من قبل بنك إنكلترا، الأمر الذي سيخفض القدرة على تحمل التكاليف بشكل أكبر.

ويقول خبراء: بالنسبة لمالك المنزل الذي لديه رهن عقاري ثابت لمدة عامين، قيمته 200 ألف جنيه إسترليني، فإن مدفوعات الفائدة الشهرية البالغة 800 جنيه إسترليني سترتفع إلى 1103 جنيهات إسترلينية إذا ارتفعت أسعار الفائدة إلى 3.25%، كما هو متوقع بحلول نهاية هذا العام، ما يعني 3.156 جنيهًا إسترلينيًا إضافيًا في السنة. لكن في حال ارتفعت أسعار الفائدة إلى 6%، فسوف يقفز المبلغ إلى 1408 جنيهات إسترلينية في الشهر، أي 7296 جنيهاً إسترلينياً إضافياً في السنة.

المساهمون