تدوير النفايات وتحويلها إلى مستلزمات منزلية في شمال غرب سورية

تدوير النفايات وتحويلها من عبء على البيئة إلى مستلزمات منزلية في شمال غرب سورية

24 مارس 2024
محاولات جادة لإنعاش الأسواق في شمال غرب سورية (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في محافظة إدلب السورية، شهد الاقتصاد نشاطًا بفضل استقرار الأوضاع، حيث أنشأ أصحاب رؤوس الأموال مشاريع صغيرة ومتوسطة مثل تدوير النفايات وإنتاج الأدوات المنزلية، موفرةً فرص عمل وملبيةً احتياجات السكان بأسعار معقولة.
- ممدوح سميسم ومحمود الحافظ، أصحاب مشاريع في إدلب، يتحدثان عن تحديات مثل تصريف الإنتاج وارتفاع تكلفة الكهرباء، لكن يؤكدان على إمكانية التصدير وتوفير فرص عمل.
- على الرغم من الدعم الحكومي والتسهيلات، تواجه المشاريع تحديات مثل ارتفاع تكلفة الكهرباء وصعوبات التصدير، لكن الإقبال على المنتجات المحلية يعكس قدرة السوق على التكيف مع الظروف الاقتصادية.

بعد الاستقرار النسبي الذي شهدته محافظة إدلب، شمال غربي سورية، أقام عدد من أصحاب رؤوس الأموال من سكان المنطقة مشاريع صغيرة ومتوسطة بهدف الحصول على مصدر دخل محلي بكلف تشغيلية تتناسب مع إمكاناتهم، وأنتجوا سلعا تتناسب مع احتياجات المستهلكين ودخلهم المحدود، في ظل ما تعاني منه تلك المنطقة من فقر، فساهمت تلك المشاريع في إيجاد فرص عمل للعديد من العائلات في المنطقة.

وقال ممدوح سميسم، وهو صاحب معمل لتدوير النفايات وتحويلها إلى مواد خام في مدينة إدلب، لـ"العربي الجديد": نقوم في معمل النايلون بإعادة تدوير النفايات وعلب البلاستيك وتحويلها إلى مواد جاهزة للتصنيع. بدايةً نشتري المواد الخام مثل أكياس الخيش أو ما يسمى "مواد البروبلين"، وهو كيس يستخدم مرة واحدة، لتعبئة الأعلاف أو المعونة أو أكياس الألبسة الأوروبية المستعملة، ونقوم بطحنها وصهرها وأضافة الصبغات إليها وتشكيلها على شكل حبيبات، ثم بيعها للمعامل التي تقوم بدورها بتصنيع المستلزمات المنزلية من حصر وبسط وأوان منزلية ومستلزمات للمزروعات "قص الزرع".

وأضاف: "نقوم أيضاً بشراء الأكياس السوداء أو أكياس النايلون المستعملة بكميات كبيرة ونقوم بمعالجتها وصهرها وصباغتها وتحويلها إلى شكل معجون سائل يشبه المعكرونة، وتنزل في ماء بارد وتقطع على شكل حبيبات ناعمة، ومن ثم تباع لمصانع الكراسي والخراطيم.

وأضاف سميسم أن معمله يشغل عشرة عمال، أجر العامل منهم تقريبا أربعة دولارت مقابل عمل عشر ساعات، فيما يأخذ المعلم ستة دولارات بنفس عدد ساعات العمل، مشيراً إلى أن منهم من يرغب في زيادة عدد ساعات العمل.

وتابع: "أما عن أسعار المواد الخام (النفايات) فقد بلغ سعر الطن الواحد 350 دولاراً أميركياً، ويباع بعد التجهيز بـ700 دولار تقريباً، حيث تبلغ كلفة تصنيع الطن 250 دولاراً تقريباً.

وعن الصعوبات التي يواجهها الصناعيين في إدلب، يقول سميسم إن غلاء سعر الكهرباء الصناعية التركية يزيد من كلفة التصنيع، إضافةً لعدم وجود طرق للتصريف.

وبدوره، قال صاحب معمل للأدوات المنزلية في معرة مصرين محمود الحافظ لـ"العربي الجديد": "نعمل على إنتاج جميع أنواع اللوازم المنزلية من النايلون المكرر، بدءا من الكراسي البلاستيكية وتوابعها إلى الطاولات، والدروج المنزلية (للألبسة)، ومساحات الأرض (قشاطة)، إذ ننتج منها 6 أنواع، كما ننتج حصر البلاستيك، والسجاد، والموكيت".

وأضاف الحافظ: "بالنسبة للمواد الأولية المكررة التي يجرى التصنيع بها، فهي متوفرة في الداخل على شكل حبيبات ملونة، تقوم بتجهيزها معامل خاصة بالمواد الخام. أما المواد الأوريجينال فتُستورد من الخارج ترانزيت عن طريق تركيا"، مشيراً إلى أن رسوم الاستيراد على المواد الأوريجينال "مقبولة نوعاً ما، ولا يختلف سعرها عالمياً عن السعر الذي يصل إلينا".

 وأضاف: "خط إنتاج الأدوات البلاستيكية كامل من مرحلة المواد الأولية إلى الصنف المطلوب، إلا أنه توجد صعوبة في تصريف الإنتاج لضيق المنطقة المحررة، حيث يحتاج إنتاج الكراسي النايلون مثلاً لعشرة أيام في المعمل، ويغطي المحرر لشهر أو أكثر".

وتابع الحافظ أنه "على الرغم من تقديم كل التسهيلات من قبل الجهات المعنية في محافظة إدلب، وتوفر الكهرباء الصناعية من تركيا، إلا أن سعرها المرتفع يعوق عملية التصنيع والإنتاج، ومع ذلك، هناك إمكانية للتصدير، إلا أن المشكلة الأساسية هي عدم توفر معابر مفتوحة وطرقات للتصدير، وهذا هو العائق الأكبر الذي يواجه الصناعيين كافة في شمال غرب سورية".

وبين الحافظ أن المنتجات المصنوعة من النايلون المكرر تختلف عن المنتجات المصنوعة من النايلون الأوريجينال من ناحية السعر والجودة والمتانة والألوان، مشيراً إلى وجود إقبال على شراء النايلون المكرر في الأسواق لضيق الأحوال المادية لدى المستهلكين.

وقال الصناعي والتاجر أحمد حاج يوسف، وهو صاحب معمل بلاستيك للأدوات المنزلية في المدينة الصناعية في باب الهوا، لـ"العربي الجديد": "تُستورد المواد الأوريجينال من المملكة العربية السعودية وروسيا عبر الترانزيت، ولا توجد مستلزمات للاستيراد من تركيا، ويُصرّف الإنتاج ضمن مناطق شمال غرب سورية ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية قسد".

وتابع: "لا توجد صعوبات، لكن الكلفة مرتفعة، فالكهرباء متوفرة من تركيا إلا أنها مكلفة جداً، إذ تبلغ كلفة الطاقة نحو 30% من كلفة الإنتاج وتعتبر باهظة جداً".

وأوضح حاج يوسف أنه "توجد طاقة بديلة لكنها مكلفة أكثر، والمواد الأولية متوفرة بالاستيراد، وتوجد تسهيلات في استيراد المواد الأولية، والنوع الثاني متوفر محليا، والسعر مقبول وجيد قياسا بمناطق سيطرة النظام".

بدوره، قال عبد الفتاح فتاح، صاحب معمل لتصنيع أكياس النايلون، لـ"العربي الجديد": "تُستورد المواد الأوريجينال من الدول التي تمتلك النفط الخام، إذ تُستخرج مادة غاز الإيثلين من النفط الخام ومن ثم يُحوّل الغاز إلى مادة سائلة ومن مادة سائلة إلى مادة صلبة تسمى اللدائن الصلبة أو البلاستيك، وأقرب مصادر هي السعودية، الكويت، قطر".

وأكد أن 90% من المواد الأولية مستوردة من الدول الآسيوية والدول العربية، أما المواد النوع الثاني من النايلون المكرر فمتوفرة محلياً، إلا أن معظم المصانع تواجه صعوبات في الكلفة التشغيلية المرتفعة إلى حد ما، وللأسف لا تُصدّر المنتجات نهائياً إلى دول أخرى بسبب القوانين التركية".

وتابع: "الكهرباء متوفرة من مصادر تركية ومن مصادر محلية، ومنها الطاقة الشمسية البديلة، لكنها غالية الثمن، وكل منتج نهائي له كلفة تشغيلة مختلفة تماما عن غيره من المنتجات الأخرى، فالبلاستيك المعاد تدويره يسهل على العملاء عملية شراء مادة رخيصة الثمن وقريبة المصدر، وهناك إقبال كبير على شراء المواد المعاد تدويرها لأنها تعتبر بديلا عن المواد الخام مرتفعة الثمن".

 وأشار إلى وجود دعم كبير جدا من الحكومة للمصانع وتسهيل دخول خطوط الإنتاج الجديدة من خلال المعبر من دون أي رسوم أو ضرائب، مؤكداً أن "أهم العوائق هو عدم وجود خطوط إنتاج متطورة من أجل إعادة نفايات البلاستيك إلى منتج حبيبات بلاستيكية ضمن معايير عالمية".