يوسف المحيميد: حضور فلسطين في المناهج الكويتية

يوسف المحيميد: حضور فلسطين في المناهج الكويتية

12 نوفمبر 2023
يوسف المحيميد أثناء المحاضرة
+ الخط -

كيف نستنقذ فلسطين في مناهجنا التعليمية؟ هذا هو السؤال الذي انطلق منه الكاتب والباحث الكويتي يوسف المحيميد في المُحاضرة التي نظّمتها، مؤخَّراً، كلٌّ من "مكتبة تكوين" في الكويت و"منصّة الفن المعاصر" (CAP) و"حركة مقاطعة الكيان الصهيوني" (BDS) في الكويت، بعنوان "كي لا تُنسى فلسطين في مناهجنا".

عاد المحيميد إلى عام 2017، حين اشترك في بحث يسبر أغوار مناهج مادّة الاجتماعيات من الصفّ السادس إلى الصفّ الثاني عشر، للنظر فيها إن كانت تحوي شيئاً عن فلسطين. والنتيجة التي ظهرت كانت "صادمة" بتعبير الباحث. ففي ذلك العام أُلغي من مقرّرات الصفّ العاشر كتاب "الوطن العربي"، والذي كان يحوي فصولاً عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ووُضع مكانه مقرّرٌ آخر يتعلّق بالتاريخ المحلّي.

أمّا المعلومات الأساسية التي يتعلّمها الطلّاب عن فلسطين من الصفّ السادس إلى الثاني عشر فمحصورة في مجموعة أفكار يُمكن تلخيصها بمناصرة الكويت للقضية الفلسطينية، وبإحراق الصهاينة المسجد الأقصى عام 1969 وتشكيل "منظّمة المؤتمر الإسلامي" عقب ذلك، والمشاركة الكويتية في حربَي 1967 و1973، والأنماط الاستعمارية المفروضة على الشعب الفلسطيني. والذي يُميّز طريقة طرح هذه الأفكار، حسب المحيميد، أنّها تخطرُ عرَضاً من دون أيّ تفصيل في الخلفية التاريخية، فلا تؤسّس لتكوين فهم حقيقي عند الطالب عن الاحتلال وجرائمه، والموقف السياسي منه. مجرّد عبارات يحفظها الطلاب ليردّدوها في الاختبارات بلا سياق أو سردية.

عبارات حول التاريخ يحفظها الطلّاب وتخلو من السرديّة أو الموقف

وبالعودة إلى كتاب "الوطن العربي" الذي كان مقرّراً قبل 2017، يوضّح المتحدّث أنّه يضمّ معلومات مُحدّدة وتاريخية حول المؤتمر الصهيوني الأول عام 1899، والانتداب البريطاني، ووعد بلفور عام 1917، ثم ينتقل إلى الثورات الفلسطينية المسلّحة ضدّ الانتداب، وبعدها يشرح الحروب العربية ضدّ الكيان الصهيوني، ويتوقّف عند تسعينيات القرن الماضي. وعليه، فإنّ أُولى الإجابات العملية عن سؤال كيف نستعيد فلسطين في مناهجنا؟ هي، بحسب المحيميد، العودة إلى هذا المقرّر بعد تحديثه والإضاءة على الصراعات التي حدثت في القرن الحادي والعشرين. في المقابل، علينا التصدي لدعوات "التعليم الخالي من التلقين والأيديولوجيا"، كونه وهماً رسّخته بعض الفلسفات الوضعية، فالتربية لا يُمكن لها - على الإطلاق - أن تكون مُحايدة.

لكن، هل تنحصر المشكلة داخل المدرسة؟ ألا تلعب وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم، دوراً أوسع من ذلك؟ يعتبر المحيميد أنّه لا بدّ من أن نُفكّر في المدرسة، من حيث هي مؤسّسة للتحصين؛ فإذا كنّا لا نريد تلقين الطلّاب حلولاً جاهزة، فأقلّه علينا أن نطوّر وعيهم وفكرهم النقدي حتى لا يكونوا عُرضة لسيل السرديات والمعارف الأُخرى. وبعد هذه العتبة التربوية نأتي لسؤال: ضرورة حضور فلسطين فيه، كون هذه القضية هي مدخل إلى إعداد مناهج مستجيبة للتربية النقدية، وهذا ما تسعى العلوم الإنسانية والاجتماعية إلى مناقشته، ومن هذه المشكلات: مفهوم المقاومة، وإرهاب الدولة، الاستعمار وآثاره، والتعددية الدينية، والهيمنة الغربية، والفئات الاجتماعية، والحدود، والعنصرية، والقانون الدولي، وغيرها.

وأكّد الباحث الكويتي أهمّية تأطير المنهج النقدي بعيداً عن ربطه بالاختبارات الورقية، وهنا يتجاوز فعلُ التوعية الطالبَ ليشمل المُعلِّم أيضاً. وختم بوجوب الحدّ من التدخّلات الخارجية في عملية صياغة المناهج، التي تفرضها أميركا والدول الأوروبية وفق سرديات معيّنة.

المساهمون