مع غزّة: بسام بونني

مع غزّة: بسام بونني

29 ابريل 2024
بسام بونني
+ الخط -
اظهر الملخص
- مبدع عربي يعبر عن تأثير العدوان في غزة على حياته وإبداعه، مؤكدًا على خطورة تصفية القضية الفلسطينية وتجاهل تضحيات الشهداء.
- استقال من "هيئة الإذاعة البريطانية" احتجاجًا على انحيازها، متفرغًا لكتابة عمل يوثق الأحداث، معتبرًا الإبداع وسيلة مقاومة وتنفيس.
- يشدد على أهمية العدل والتغيير، مستلهمًا من تجربته مع الدكتور عبد الوهاب المسيري، ويختتم برسالة أمل لأهل غزة والعرب، مؤكدًا أن خلاص الأمة يمر عبر غزة.

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أيام العدوان على غزّة وكيف أثّر على إنتاجه وحياته اليومية، وبعض ما يودّ مشاركته مع القرّاء.



■ ما الهاجس الذي يشغلك هذه الأيام في ظل ما يجري من عدوانِ إبادةٍ على غزّة؟

اليوم التالي. لكن ليس مثلما ينتظره الإسرائيليون أو "يُبشّرون" به. خبرتُ الحرب كمراسل في مناسبات عدّة، وأعلم جيّداً قدرتها التدميريّة. لكنّ هذه حرب ليست كبقيّة الحروب، لا من حيث الشكل ولا السياق ولا التداعيات. ثمّة محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، بمكوّناتها المتعدّدة، انطلاقاً من الإنسان الفلسطيني والأرض الفلسطينية والهوية الفلسطينية، وصولاً إلى الوعي والقيم والمبادئ. الخوف كلّ الخوف أن نرى الصفحة تُطوى بشكل سريع يتنكّر لـ الشهداء.


■ كيف أثّر العدوان على حياتك اليومية والإبداعية؟

أشعر، منذ اليوم الأوّل، بما يُشبه المصعد العاطفي، مع اختلاط الأحاسيس ما بين الأمل والإحباط والفرح والحزن. استقلتُ من "هيئة الإذاعة البريطانية" التي كنتُ مراسلاً لها بمنطقة شمال أفريقيا، احتجاجاً على انحيازها للرواية الإسرائيلية، وعكفتُ بعدها لأسابيع طويلة على إنجاز كتاب عن العبارات الأيقونية خلال "طوفان الأقصى".  


■ إلى أي درجة تشعر أن العمل الإبداعي ممكنٌ وفعّال في مواجهة حرب الإبادة التي يقوم بها النظام الصهيوني في فلسطين اليوم؟

الإبداع، مهما كان شكلُه، هو أوّلاً تنفيسٌ ضروريّ لصاحبه، وقد يكون فائدةً للعامّة. من دون مبالغة، توقّفَت الحياة منذ السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر، ونحن في لحظة تشكُّل ردود فعل بشكل جمعي. وبالتالي، يُصبح العمل الإبداعي ضرورةً لانتشالنا من لحظة البهتة التي نتقاسمها. أهمّ ما نشهده اليوم هو انفجار إبداعي، عبر صناعة المحتوى والشعر والتصوير والرسم والكتابة، حتى والأحداث لا تزال متواصلة، بكمّها اليومي من المآسي وما يثيره من إحباط.

فلسطين ليست قضية خلافية والعالم كلَّه يعرف هذه الحقيقة

■ لو قُيّض لك البدء من جديد، هل ستختار المجال الإبداعي أو مجالاً آخر، كالعمل السياسي أو النضالي أو الإنساني؟

الإبداع هو عملٌ نضالي وإنساني في الأساس. أمّا السياسة فهي تُغتال اليوم في أوطاننا، ولا أرى نفسي جزءاً منها، على الأقلّ في ما يتعلّق بجانب التنظّم الحزبي. لكن، هي كالهواء، لا يمكن الاستغناء عنها أو التهرّب منها، ولا أرى الإبداع بمعزل عن كلّ ذلك.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

أن يصبح العدل حقّاً لكلّ النّاس، لا لأناس من دون غيرهم. أخطرُ ما يحصل اليوم هو التنكّر للعدل. القضية الفلسطينية هي من القضايا غير الخلافية أخلاقياً. كلّنا نعلم أنّ العالم كلَّه يعلم هذه الحقيقة؛ فالحقّ فيها بيّن والباطل أيضاً.


■ شخصية إبداعية مقاوِمة من الماضي تودّ لقاءها، وماذا ستقول لها؟ 

أعتقد أنّي قد التقيته فعلاً، وأعني الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله. كنت آنذاك باحثاً في مركز فرنسي للدراسات بالقاهرة، واستقبلني في ببيته لساعات طويلة مرّت قصيرةً. أذكر أنّي لم أنبس ببنت شفة طيلة اللقاء، باستثناء بعض الأسئلة الّتي وجّهتها له، وشكرته. كان مشروعُه خطيراً للغاية على المشروع الصهيوني، وتحديداً على السردية الصهيونية، وفعلُه المقاوِم كان بالمنطق والعقل والعلم.


■ كلمة تقولها للناس في غزّة؟

ترفض الحروف أن تتراصّ إلى جانب بعضها البعض لتشكيل كلمة واحدة تفيهم حقّهم.


■ كلمة تقولها للإنسان العربي في كلّ مكان؟

خلاصنا يمرّ عبر غزّة.


■ حين سُئلت الطفلة الجريحة دارين البيّاع التي فقدت معظم أفراد عائلتها في العدوان، ماذا تريدين من العالم، أجابت "رسالتي للناس إذا بيحبوا دارين يكتبوا لي رسالة أو أي إشي".. ماذا تقول لدارين ولأطفال فلسطين؟

حماكم الله! غيّرتم حياتنا. غيّرتم طريقة تعاملنا مع أبنائنا. لم أعد أحتضن أبنائي كما كنت أحتضنهم من قبل. أخرجتم أفضل ما فينا حين لزم الأمر وأسوأ ما فينا حين اقتضت الحاجة. أنتم روح الروح. يا لهذه الكلمة من سحر!



بطاقة

صحافي تونسي من مواليد عام 1981 في مدينة فانسان الفرنسية. بعد حصوله على أستاذية في الصحافة من "معهد الصحافة وعلوم الأخبار" بتونس عام 2003، عاد إلى فرنسا حيث حصل على شهادة الدراسات المعمَّقة في الجيوسياسة من "جامعة مارن لا فالي" عام 2004. عمل في "الإذاعة التونسية الدولية" ثمّ في عدد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية؛ من بينها "الجزيرة" و"سكاي نيوز عربية" و"هيئة الإذاعة البريطانية" التي استقال منها بعد أيام من بدء العدوان الإسرائيلي على غزّة احتجاجاً على انحيازها للسردية الصهيونية. غطّى الثورات العربية ووثّق تجربته في كتاب باللغة الفرنسية تحت عنوان "أيام غير هادئة" (2021)، وقبل أيام أصدر كتابه الثاني بعنوان "عبارات الطوفان: حرب الكلمات والسرديات".

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون