"غزّة العزّة": توثيق العدوان
خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أصدرت العديد من الهيئات الثقافية في الأردن بيانات تدين جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزّة، مع تنظيم وقفات احتجاجية تركّزت معظمها في العاصمة، ولم يعلن إلّا عدد قليل من هذه الهيئات عن تنظيم فعاليات ثقافية وفنية تضيء الراهن الفلسطيني.
في هذا الإطار، أعلنت "رابطة رسّامي الكاريكاتير الأردنيين" عن تنظيم معرض تحت عنوان "غزّة العزّة" يفتتح عند السادسة من مساء الخميس المقبل، الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، في "سوق عنبر" بعمّان، ويتواصل لثلاثة أيام بمشاركة رسومات لفنّانين من أكثر من ثلاثين بلداً.
في حديث إلى "العربي الجديد"، يقول فنان الكاريكاتير ناصر الجعفري، رئيس الرابطة، إن "المعرض هو بمثابة قرع لجدار الخزان الذي يضيق يوماً بعد يوم. رسالة متواضعة لأهلنا هناك، وتعبيرٌ بما يتوفر من أدوات عن صراخ الشعوب العربية ضدّ ضعف وركراكة دولهم في مواقفها ضدّ العدوان، وهو كذلك تعبيرٌ عن الرفض المتنامي في العالم لما يُحاك ضد القضية الفلسطينية، ولتغول وسائل الإعلام الغربية على الحقيقة وألم الناس في الضفة وغزّة، وهو إلى جانب كلّ ذلك رسالة تضامن عفوي وإجماع على القيم الإنسانية من رسامي كاريكاتير في العالم".
يتضمن المعرض ما يقارب مئة لوحة أُنتجت أثناء العدوان، كما يعرض رسومات سابقة لفنانين من الرواد، ومن رسّامين في قطاع غزة لم يعد ممكناً التواصل معهم، بحسب الجعفري الذي يشير إلى عرض اللوحة التي تسببت في إقالة فنان الكاريكاتير الإنكليزي ستيف بيل من صحيفة "ذي غارديان" التي عمل فيها لما يقارب الأربعين عاماً بسبب موقفه الرافض للعدوان؛ كرسالة تضامن من المشاركين معه.
وحول مكانة الكاريكاتير في الذاكرة السياسية العربية، يوضّح الجعفري بأنه لعب دوراً مهماً في مقاومة الاحتلال البريطاني في مصر، كما وُظّف فن الكاريكاتير بشكل فاعل ومؤثر في معارك مصر ضدّ الغرب خلال الحقبة الناصرية، ولعل أبرز فناني تلك المرحلة طوغان، ثم توالى الفعل الفني وأخذ شكلاً جوهرياً في النضال العربي الفلسطيني بريشة الفنان الشهيد ناجي العلي، حيث وثق لتاريخ الثورة والنضال وأسس لمدرسة التوظيف السياسي والمعرفي الفاعل عبر فن الكاريكاتير، ما أمكنه من استشراف المستقبل في العديد من أعماله.
ويلفت أيضاً إلى أن "هذا الفن يستطيع بامتياز أن يطوّر أدواته ووسائل وصوله. اليوم يستعيد الناس رسومات قديمة للفنان ناجي العلي ضمن إطار التحفيز والتأثير، فيما ينتج الفنانون العرب كماً ونوعاً من الرسومات التي تسهم في نقل المعلومة عما يحدث، بل والتأثير في الوعي العام من خلال ما هو متاح من شبكات التواصل والمواقع المختصة في العالم، وكذلك إعادة نشر ما يُرسم عالمياً عن غزة، مساهمةً في خلق رأي عام عالمي حول الجرائم وهولها".
يختم الجعفري "هنا نتحدث أيضاً عن دور توثيقي ودور توعوي ودور تحفيزي مؤثّر، لما لفن الكاريكاتير البصري من قدرة على النفاذ والوصول واجتياز حاجز اللغات".
