الأزمة الليبية بعيون تونسية: هل بات الحسم قريباً؟

الأزمة الليبية بعيون تونسية: هل بات الحسم قريباً؟

31 يوليو 2014
اقتراب حسم معركة مطار طرابلس (حازم تركية/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تلقي التطورات الليبية بظلالها على الشأن التونسي الداخلي. ويجمع كل الخبراء والساسة على أن سير الأمور في ليبيا "مسألة تونسية" بشكل مباشر، أي أن ما يحدث في الداخل الليبي يرتد عند الجارة تونس.

وينصبّ اهتمام العديد من الخبراء والمسؤولين التونسيين على متابعة تطورات الأيام الأخيرة، وخصوصاً ما يتعلق بـ"معركة مطار طرابلس". ويقول عارفون بالشأن الليبي إن هذه المعركة استراتيجية ومؤثرة بشكل مباشر على مستقبل العملية السياسية والأمنية في ليبيا، وإنها يمكن أن تعيد تشكيل موازين القوى على الأرض هناك.

ويرجّح مصدر موثوق وعارف بالشأن الليبي، لـ"العربي الجديد"، أن يكون ما يحدث الآن في المطار هو معركة حسم بكل ما للكلمة من معنى، مستبعداً الحل السياسي الذي ينبغي أن تتوفر له معادلة ليبية صعبة التحقيق في هذه الظروف.

ويرى أن الحل لا يمكن أن يكون تقليدياً، وإنما تنبغي صياغة المقاربة على الطريقة الليبية، مشيراً إلى أنه يجب أن يتم تشكيل وسيط سياسي وعسكري مسنود بخلفية قبلية، وهو ما يصعب في الوقت الراهن.

الحسم العسكري على الأبواب؟

ويرجّح المصدر أن يكون الحسم في معركة المطار قريباً، وأن الجهات التي تواجه كتائب الزنتان مصرّة على الانتهاء من هذه المسألة "مهما كلفها ذلك" لحيوية الأهداف في سيناريوهات ما بعد المطار.

وقال إن الهدف الرئيسي من معركة المطار، هو إخراج الزنتان ممثلّة في ميليشيات "الصواعق" و"القعقاع"، من المطار واستعادة السيطرة عليه، مشيراً الى أن الزنتان استفادت خلال فترة سيطرتها على المطار من دخول السلاح الى ليبيا وتحويل وجهته من الدولة الى قواتها الخاصة. وهو ما ترفضه القوى التي تواجهها، وحتى بعض الأطراف داخل الزنتان نفسها، التي يسعى بعضها الى التخفيف من حدة التوتر مع بقية الاطراف.

ولفت المصدر نفسه الى أن الموقف العسكري لهذه الكتائب أصبح ضعيفاً في الآونة الاخيرة برغم السلاح الذي حصلت عليه من الإمارات، في مقابل تزايد قوة كتائب "مصراتة" التي تتمتع بقوة عسكرية وتنظيمية واضحة ومستندة إلى مدينة نجحت في ادارة شؤونها الداخلية من دون الحاجة الى مساعدة أطراف أخرى بما فيها الدولة.

وقال إن لمصراتة أكبر عدد من الجنود والدبابات والآليات العسكرية، مثل راجمات الصواريخ وغيرها، وإنها تستند الى قوة اقتصادية واضحة أهّلتها لتكون المدينة الليبية الأكثر ازدهاراً وأماناً، ومثال ذلك أن مدينة مصراتة هي المدينة الوحيدة التي تملك شبكة مراقبة بالكاميرات موزّعة في أهم شوارعها وأن الأسعار ارتفعت في كل المدن الليبية باستثناء مصراتة. وهو ما يعني أنها تملك قوة تنظيمية مرجعية هامة وتُدار باقتدار شديد.

وأفاد المصدر أن القوة اللوجستية لكتائب مصراتة تأتي من مصادر عدة، أهمها ما حصلت عليه من أسلحة ثقيلة من مدينة سرت إبان مواجهتها للمحاولة الانقلابية للواء المنشق خليفة حفتر، وقال إنها بقيت تنقل هذه المعدات العسكرية الثقيلة لمدة أسبوع كامل، ويبدو أنها تستفيد منها الآن.

ولكن كتائب مصراتة ليست وحدها في مواجهة كتائب القعقاع والصواعق وإنما هناك أيضاً "غرفة عمليات ثوار ليبيا" و"درع الغربية".

وأكد المصدر أن خروج كتائب الزنتان من المطار، يعني عودة سيطرة الدولة عليه. وهو ما سيقوّي من موقفها وموقف المؤسسات الشرعية والخيار السياسي وإنهاء حالة الفوضى.

اقتراب القضاء على حفتر؟

أهمية معركة المطار والحسم فيها لصالح القوى التي تواجه كتائب "الزنتان" ستقود بالتأكيد الى مراحل أخرى، وأهمها محاولة القضاء على حفتر والقوى التي تعادي المسار السياسي للخروج من الأزمة في ليبيا، وستفرض بالضرورة على كل الأطراف القبول بالمقاربة السياسية والمؤسسات الشرعية للخروج من المرحلة الانتقالية الصعبة التي تعيشها ليبيا.

وقال المصدر نفسه إن اللواء حفتر، لا وجود مهم له عسكرياً في ليبيا بالرغم من أن بعض القوى الخليجية تحاول تضخيم دوره بمساندة أطراف في الولايات المتحدة من الحزب الجمهوري التي تريد ضرب الديمقراطيين أساساً.

ولكن الجميع يعرف في ليبيا أن لا مستقبل لحفتر عسكرياً، ولو كان يملك سنداً وقوة هامة كما يشاع لكان دخل الى بنغازي، ولكنه يكتفي بضربها من الخارج. ولذلك تتخذ عملية الحسم في معركة المطار كل هذه الأهمية.

استبعاد وساطة الغنوشي

أما عما كان "العربي الجديد" قد كشفه حول أن القيادي في الزنتان، عبد الله ناكر، اتصل برئيس حزب "النهضة" التونسي، راشد الغنوشي، طالباً التوسط بين الأطراف المتصارعة في ليبيا حول مطار طرابلس، فقد استبعدت مصادر مقرّبة من حركة "النهضة" لـ"العربي الجديد" حصول هذه الوساطة لأنها لم تصدر عن مصادر مرجعية في قبيلة الزنتان، وأنه لا بد من توفر ظروف موضوعية عديدة لإنجاح وساطة من هذا النوع وفي هذه الظروف.

في هذه الأثناء، كشف المصدر نفسه لـ"العربي الجديد" أن التنسيق في ليبيا بين بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، بلغ درجة عالية من التجانس، وأن البريطانيين هم الذين يحركون خيوط اللعبة. ولفت الى أن السفير البريطاني مايكل آرون، غادر طرابلس أخيراً غاضباً من دون أن يذكر أسباب ذلك، وأنه ربما يكون قد عاد إليها.

ولمّح الى أن المرحلة الحالية قد تدفع الولايات المتحدة الى التحرك في ليبيا بالوكالة أي بعدم التورط مباشرة في الموضوع، موضحاً أن الأميركيين كانوا يتحركون بشكل براغماتي مطلق وأنهم يفتحون قنوات مع الجميع، وأن الطرفين يتابعان التحوّل الجاري في موازين القوى في ليبيا ولكنهما في كل الأحوال يدفعان في اتجاه حد أدنى من الاستقرار في ليبيا لعدم التأثير مباشرة في ملف الطاقة الهام بالنسبة إليهما معاً.

أما فرنسا فهي مشغولة بدعم "الطوارق" و"الأمازيغ" وغيرهم من القبائل بحكم تأثيرها الكبير في التشاد والنيجر حيث المصالح الفرنسية كبيرة وهامة.

وكان وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، قال إن فرنسا "ستتعامل مع أي نشاط إرهابي في المنطقة"، مشدداً على أن الوجود العسكري الفرنسي سيكون دائماً متناسباً مع ما بات يشكّله الإرهاب من تهديد مباشر للدول ولمصالح فرنسا، وأن الهدف هو منع الطريق السريع الذي تسلكه عصابات الجريمة المنظمة والتنظيمات المتطرفة حتى لا تنتقل من ليبيا إلى المحيط الأطلسي، وهو ما يشكل خطراً حقيقياً على أمن فرنسا.

وقامت فرنسا أخيراً بتركيز قوة عسكرية هامة قوامها 3 ألاف جندي بعتاد متطور، قيادتها في العاصمة التشادية جامينا، "لمجابهة اي طارئ في المنطقة".