شعر بنات؟

شعر بنات؟

12 فبراير 2015
+ الخط -

تشعر بالفوز، حين تسمع عن نيل روائي عراقي، مثل أحمد السعداوي، جائزة البوكر للرواية العربية، أو الشاعر أحمد عبد الحسين بجائزة للشعر العربي، ومن يحصد للعراق في المهرجان المسرحي، أو السينمائي العربي والعالمي، فهذا "التنافذ" الوجداني مع الفائزين والاشتراك بـ"نوتة" الوجع اليومي، والتشابه في فضاء الأحلام، يعطيك مساحة من الشعور بالراحة، والعالم صار يراك ويسمعك عبر هؤلاء المبدعين.
نتطلع جميعاً إلى أن يزدهر الوطن بالفنون والإبداع وساحات التعبير عن الكارثة الكونية التي يعيشها وطن يذبح، كل يوم، بالإرهاب والفساد وسلوكيات العدوان التي خبأها التاريخ، ليطلقها مرة واحدة في بلادنا.
نأمل أن يحظى المسرح وفنون الإعلام والسينما والصحافة والأدب والفن التشكيلي باهتمام المواطنين والمؤسسات الأهلية، بعد أن تخلّفت الحكومة كثيراً عن دعم هذه القطاعات الحضارية المسؤولة عن بناء وعي وذائقة المواطن.
منذ شهر، وأنا أقرأ، بين حين وآخر، عن فوز هذا الإعلامي، أو الإعلامية، بجائزة أفضل إعلامي لعام 2014، أو منح شهادات تقديرية لـ"إعلاميين" لم يسبق أن سمعنا بهم، أو قرأنا كتاباتهم، ناهيك عن جوائز لأفضل مقدم برنامج تلفزيوني، أو أفضل محلل "سياسي"، وغيرها من توصيفات ما أنزل الله بها من سلطان.
لا جديد إن قلنا إن 2014 كانت سنة النكبة الكبرى، وكان الأجدر بالقائمين على ترويج مؤسساتهم الوهمية ومكاتبهم المشبوهة، لغرض بلوغ مرحلة الشهرة، أن يقيموا جوائز لأسرع الهاربين من قادة الجيش وحكومة الموصل وبقية المحافظات الساقطة، أو أفضل سياسي تملّص من مسؤولية مقتل 1700 "عراقي في سبايكر ومليوني نازح"، وغيرها من مفردات النكسة التاريخية التي ابتلعها سياسيونا بجدارة.
لا أدري ما هي المعايير التي تضعها هذه المؤسسات، أو الهيئات والروابط، لمنح الجوائز وتقييم المشاركين، في ظل غياب وحدات الاستقصاء والتحليل والاستطلاع والرصد؟ وكيف يستطيع القائمون على الجائزة أن يقرروا أن فلان أحسن من علان في جائزة أفضل برنامج تلفزيوني؟ أما أن تتم تسمية هذا، أو ذاك، أفضل محلل سياسي، فهذا يثير الضحك فعلاً، بعد أن أصبح ضابط المخابرات المطرود، والصيرفي، ومن يستبدل شهادة إعدادية الصناعة بالدكتوراه، وعازف الطبل أو العود وغيرهم، أصبحوا محللين سياسيين، ومقدمي برامج و"إعلاميين".
كنت أفتش في وجوه الفائزين، فلم أجد بينهم من أقرأ له، كل يوم، أو أتابع نصوصه ومنجزاته أو برامجه، أكثر الصور كانت تعطي ملامح لشباب بوجوه زجاجية، تشبه وجوه رجال الأمن في زمن صدام، وفتيات ذوات شعر طويل وطلاء صارخ. وتعود إلى ترنيمة الطفولة... "شعر بنات وين أولي، وين أبات..!؟".

 

avata
avata
فلاح المشعل (العراق)
فلاح المشعل (العراق)