البلاد لم تبلغ مرحلة الوباء

البلاد لم تبلغ مرحلة الوباء

02 أكتوبر 2015
يشرب منها على الرغم من جهله مصدرها (فرانس برس)
+ الخط -

في وقت تُسجَّل إصابات جديدة بالكوليرا ويُحكى عن وفيات بالمرض في محافظات عراقية عدة، أعلنت وزيرة الصحة العراقية عديلة حمود سيطرة إدارتها على المرض في جميع المحافظات، الأمر الذي منع تحوّله إلى وباء. من جهته، اتهم مجلس محافظة البصرة (جنوب) الوزارة بإخفاء الأرقام الحقيقية للإصابات.

أزمة اقتصادية وإجراءات وقائية

يأتي انتشار الكوليرا في حين تعاني الحكومة العراقية من مجموعة أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، الأمر الذي يعوّق إمكانية أن تعمد الحكومة العراقية إلى حلول جذرية. وهي كانت قد اتخذت إجراءات وأعطت توجيهات للحد والوقاية من المرض.
من جهته، أمر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتنفيذ التوصيات الخاصة بتطويق المرض، والتي تشمل تشكيل فرق ميدانية مشتركة تتولى إجراء الفحوص اليومية لمياه الأنهر وفروعها ومحطات تصفية المياه، بالإضافة إلى توزيع المياه النظيفة على العوائل النازحة في مناطق أبو غريب وتلك التي تسجّل فيها إصابات، بحسب ما جاء في بيان أصدرته رئاسة الوزراء.

كذلك وجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي وزارة المالية بصرف مبلغ عشرة مليارات دينار عراقي (ثمانية ملايين و425 ألف دولار أميركي)، لصالح وزارة الإعمار والإسكان، لشراء مادتَي الكلور والشب اللتَين تستخدمان لتعقيم المياه وبالتالي مواجهة الكوليرا. وقد عمدت دوائر الصحة أيضاً في جميع المحافظات، حتى تلك التي لم تسجل فيها إصابات، إلى إجراءات استباقية للوقاية من خلال توزيع أقراص تعقيم لكل عائلة بحسب البطاقة التموينية.
من جهته، حذّر محافظ بغداد علي التميمي من "سرعة انتشار المرض نتيجة بطء الإجراءات الصحية لمواجهته وعدم تخصيص مبالغ لإعادة ترميم مشروع مياه أبو غريب الذي يغذّي القضاء بطاقة استيعابية تبلغ عشرة آلاف متر مكعب في الساعة".
بدورها أنشأت منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع الحكومة العراقية، مركز كشف مبكر عن الكوليرا في البلاد، في حين تناقش مع الحكومة العراقية خيارات تحصين المجموعات المعرّضة للإصابة بلقاحات الكوليرا، سواء كانت تلك المجموعات من اللاجئين أو النازحين.

تشكيك في الإجراءات

تقول الدكتورة هدى البصري وهي طبيبة عامة في محافظة البصرة (أقصى جنوب العراق)، إنّ "انتشار الكوليرا يعكس حجم المأساة التي تعيشها البلاد، خصوصاً محافظة البصرة التي تعوم على بحر من النفط والقريبة من مصادر المياه، في حين تفتقر إلى مقوّمات العيش الكريم، ولعلّ أبسطها المياه الصالحة للشرب والنظافة العامة". تضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "ثمّة خطة عمل فرضتها وزيرة الصحة أخيراً، لكننا لم نلمس شيئاً على أرض الواقع. نحن نعاني من تلوّث مياه الشفة التي غالباً ما تكون مصادرها غير معروفة، بالتالي هي طريقة لانتقال الأمراض والأوبئة. كذلك فإن الخزانات قد تكون غير معقمة". تتابع أن "حملات التوعية قليلة جداً، خصوصاً في الأمكنة المكتظة والتي تعاني من الأمراض. لذا فإن الإجراءات غير كافية نظراً لخطورة المرض، بالتالي ثمّة حاجة لحملات أخرى أكثر جدية".

من جهته، يتّهم سرمد خير الله وهو تاجر مواد بلاستيكية في بغداد، "الحكومة والجهات الرقابية بالتقصير والتقاعس عن أداء واجباتها"، مشيراً إلى أنّ "الإجراءات المتبعة لا تعدو زوبعة إعلامية وتوصيات هي أشبه بحبر على ورق". يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّ "العراق يعيش منذ عام 2003 حالة مزرية مع انعدام الخدمات وشحّ المياه وتهالك البنية التحتية. البلاد تعاني من عدم توفّر الخدمات الأساسية، لا سيّما الصحية منها، بالإضافة إلى انتشار النفايات في الشوارع وقلّة المياه وشحّها وعدم تعقيم مياه الشفة التي تزوّد بها المنازل. وهو ما جعل المرض ينتشر في المدن والمناطق، حيث وجد بيئة مناسبة".

تشكيك في الأرقام

في السياق نفسه، تشير مصادر برلمانية إلى أنّ عدد الإصابات الحقيقي هو أضعاف المعلن عنه، وأن وزارة الصحة تسعى إلى التكتّم بسبب تصويت البرلمان على استدعاء وزيرة الصحة عديلة محمود بتهمة التقصير.
وكان محمد المنصوري عضو مجلس محافظة البصرة قد اتهم وزارة الصحة بإخفاء الأرقام الحقيقية للإصابات بالكوليرا في المحافظة، مضيفاً في مؤتمر صحافي أن وزارة الصحة ومديرية صحة البصرة لم تعلنا عن عدد الإصابات الحقيقية بمرض الكوليرا في المحافظة. وأكّد أنه يملك معلومات موثوقة من مصادر رسمية حول عدد الإصابات التي لم تعلنها الوزارة، لكنه لم يفصح عنها.

اقرأ أيضاً: من الهند إلى العراق بعد قرنَين

المساهمون