لا آمال عريضة بإنهاء الحبس الاحتياطي للمعتقلين السياسيين المصريين

20 ابريل 2024
سجن بدر، شرقي القاهرة، يناير 2022 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولايته الثالثة وسط توقعات متباينة حول مراجعة سياسات سجن المعارضين، رغم حصول مصر على مساعدات بـ50 مليار دولار، وتشكك البعض في حدوث تغييرات جوهرية بسبب غياب الضغوط.
- علاء الخيام ينتقد استمرار استخدام الحبس الاحتياطي كأداة قمع منذ 2013، مشيرًا إلى عدم تحقيق التغييرات المطلوبة رغم المطالبات خلال الحوار الوطني في 2022.
- محمد أنور السادات يلاحظ تحسنًا في بعض الحقوق والحريات، بينما يؤكد رامي شعث أن الدعم الدولي الكبير لمصر يقلل من احتمالية تغيير السياسات القمعية، معتبرًا أن النظام لن يغلق ملف الحبس الاحتياطي.

مع بدء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ولايته الرئاسية الثالثة في 2 إبريل/نيسان الحالي، ومع حصول الحكومة على حزمة مساعدات مالية أوروبية وخليجية، في الأسابيع الماضية، تصل قيمتها إلى نحو 50 مليار دولار، توقع البعض حصول مراجعة في السياسة القائمة على التوسع في سجن المعارضين السياسيين والإفراج عن المحبوسين احتياطياً والذين تجاوزت مدد حبسهم سنوات. لكن البعض الآخر ظل على ثقة بأن السلطات في مصر لن تقدم على مثل هذه الخطوة، خصوصاً أنها لا تواجه ضغوطاً سواء من الدول الغربية، أو من المعارضة في الداخل.

حول هذه التطورات، قال علاء الخيام، الرئيس السابق لحزب الدستور، عضو الحركة المدنية الديمقراطية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن ملف الحبس الاحتياطي، يدل بشكل واضح على أن النظام يعتمد على الحبس لمعاقبة كل من يعارضه الرأي في داخل مصر. ورأى أن النظام "استخدم هذا الأسلوب منذ وصوله للحكم (في عام 2013) بشكل كبير جداً وعنيف"، مضيفاً أن "القوى الوطنية والسياسية في مصر، طلبت، قبل وأثناء الحوار الوطني (بدأ في عام 2022)، أن يعاد النظر في قانون الحبس الاحتياطي الذي يجري التعامل به مع كل من يعارض النظام". وأشار إلى أن "هناك بدائل عن قانون الحبس الاحتياطي في الدستور والقانون تفتح طرقاً أخرى مختلفة لقانون الحبس الاحتياطي، الذي يرى النظام أنه يفيده في التعامل مع المعارضين، لبث الرعب في قلوب المعارضين السياسيين".


علاء الخيام: النظام المصري لن يرضخ لأي ضغوط في مسألة الحبس الاحتياطي

وحول جدوى مشاركة الحركة المدنية في الحوار الوطني، اعتبر الخيام أن "الهدف الأساسي كان تعديل قانون الحبس الاحتياطي، وللأسف هذا لم يتم بالشكل الذي طالبنا به، وكذلك في الحوار رفضنا مسألة التدوير (أن توجه تهمة جديدة للمعتقل فور تبرئته من تهمة أخرى)، وبالتالي لا أعتقد أن النظام المصري سيرضخ لأي ضغوط كانت داخلية أو خارجية في مسألة الحبس الاحتياطي. وفي حال استجاب لأي ضغوط، ستكون مجرد استجابة دعائية إعلامية وليست أكثر من ذلك، لأن عدد المعتقلين في سجون النظام المصري أكبر من أن يتخيله أحد، فهناك أكثر من 60 ألف معتقل".

في المقابل، رأى عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "يوجد تغيير بشكل عام في موضوع ممارسة السياسة، وبعض من الحقوق والحريات في تحسن، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، ولكن ليس هذا بالطبع ما كنا نطالب به جميعاً وننتظره. ولكن لننتظر ونر في الفترة المقبلة ما ستسفر عنه التوصيات التي صدرت من لجان الحوار الوطني، وتم رفعها لرئيس الجمهورية من الحوار الوطني، وكيفية التعامل معها، وما إذا كانت ستصدر تشريعات أو قرارات جديدة، تحديداً بموضوع الحبس الاحتياطي، وهل المحبوسون على ذمة تحقيقات أو قضايا ولم يرتكبوا أي شيء، ستتم مراجعة مواقفهم وغلق هذا الموضوع بشكل نهائي أم لا". وبرأي السادات "فقد آن الأوان ما دامت الدولة مستقرة، وتم انتخاب السيسي لمرة ثالثة، فلا مبرر لأي إجراءات استثنائية، وهذا نتيجة ما يمكن تسميتها بنصائح وتوصيات من المجتمع الغربي، أميركا والاتحاد الأوروبي وغيرهما". 

من جهته، رأى الناشط السياسي الفلسطيني ـ المصري رامي شعث، في حديث مع "العربي الجديد" أن النظام لن يغلق ملف الحبس الاحتياطي، بل أنه "أصبح أكثر اعتماداً على الدعم الدولي والغربي الذي أعطاه 50 مليار دولار، وبالتالي هو يدرك أنه لا ضغط حقيقياً عليه، من أية جهة، لتغيير سياساته القمعية في الداخل". وقبل نحو شهر، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية للشراكة الاستراتيجية مع مصر، وعلى الرغم من أنها تنص على "العمل على الترويج لقيم الاستقرار والديمقراطية والحريات والمساواة بين الجنسين والفرص المتساوية"، إلا أن حقوقيين ومؤسسات دولية رأوا أنها "لا تحتوي على شروط واضحة حول ملف حقوق الإنسان".

وذكرت منظمة العفو الدولية في بيان، خلال توقيع الاتفاقية الأوروبية ـ المصرية، أنه "على الرغم من الالتزامات المعلنة من جانب كل من الاتحاد الأوروبي ومصر بتعزيز حقوق الإنسان كجزء من التعاون بين الطرفين، فقد تجاهل قادة الاتحاد الأوروبي سجل مصر المزري في مجال حقوق الإنسان، مما شجع الحكومة المصرية على مواصلة ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان من دون خوف من العواقب". وطالب محامون أخيراً، بإخلاء سبيل، زميلهم نبيل أبو شيخة، الذي تخطت مدة حبسه الاحتياطي سنتين، والذي يعاني من تدهور حالته الصحية. كذلك، طالب نقيب الصحافيين المصريين، خالد البلشي، بإخلاء سبيل الصحافي كريم إبراهيم، عضو النقابة، الذي أتم أربع سنوات في الحبس الاحتياطي من دون محاكمة، وذلك في انتظار جلسة جديدة له في 28 إبريل الحالي. وشدد على ضرورة إغلاق هذا الملف بشكل كامل، وحصول كريم وأكثر من 18 صحافياً آخرين على حريتهم.


رامي شعث: النظام لن يغلق ملف الحبس الاحتياطي

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام بأعداد السجناء السياسيين في مصر طبقاً لسجلات ومصادر رسمية، إلا أن منظمات حقوقية عدة مصرية ودولية، قدّرت عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً المحتجزين في مصر حتى مارس 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، وحوالي 54 ألف سجين ومحبوس جنائي، ونحو ألف محتجز لم تتوصل لمعرفة أسباب احتجازهم. وبينما لم تعرّف التشريعات المصرية الحبس الاحتياطي فإنها وضعت القواعد المنظّمة له، وذلك باعتباره إجراءً قضائياً من إجراءات التحقيق، سواء كان التحقيق ابتدائياً أو نهائياً.

وأصبح الحبس الاحتياطي بمثابة عقوبة تصدر عن سلطة التحقيق لا المحكمة، واستخدم بشكل موسع وكثيف مع السجناء السياسيين الذين ألقي القبض عليهم بموجب قوانين سنّتها السلطات المصرية خلال السنوات الماضية، مثل قوانين الإرهاب والتظاهر والطوارئ، فضلًا عن المحاكمة أمام القضاء العسكري وأمن الدولة عليا طوارئ. وحبس بموجب ذلك آلاف النشطاء والمحامين والصحافيين والمهتمين بالشأن السياسي والعام والمواطنين، ومنهم من دونوا على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة منشورات معارضة للنظام وسياساته، باتهامات منها "الانتماء لجماعة إرهابية أو تمويلها"، و"نشر وبث أخبار وبيانات كاذبة"، وغيرها من الاتهامات التي يصفها قانونيون وحقوقيون بـ"المطاطة" والتي تستند إلى تحريات الجهات الأمنية.

المساهمون