مصر تطلب دعماً دولياً لسداد الديون

مصر تطلب دعماً دولياً لسداد الديون

19 سبتمبر 2020
ديون مصر تقفز إلى مستويات غير مسبوقة منذ وصول السيسي إلى الحكم (Getty)
+ الخط -

دعا وزير المالية المصري، محمد معيط، إلى تأسيس كيان دولي، "لسداد الالتزامات المالية عن الدول المتأثرة سلباً بجائحة فيروس كورونا الجديد حتى تتعافى"، فيما تظهر البيانات الرسمية وصول الديون الخارجية المصرية إلى مستويات غير مسبوقة.

وتؤكد الحكومة، أنها ستواصل الاقتراض الخارجي، مبررة ذلك بأنه أقل تكلفة، بينما يحذر خبراء اقتصاد من مخاطر الاستدانة المفرطة، ولا سيما في ظل انحسار موارد النقد الأجنبي مع استمرار تداعيات كورونا، حيث تضررت السياحة بشكل بالغ، وتراجعت عائدات قناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج والصادرات، بينما تمثل هذه القطاعات مصادر النقد الأجنبي الرئيسية للدولة المثقلة بالديون.

وقفزت الديون الخارجية، إلى 119.6 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2029-2020 التي انتهت، في آخر يونيو/ حزيران الماضي، وفق بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، في أغسطس/ آب الماضي.

السيسي يتفاخر بتشييد الجسور والطرق ومنشآت خرسانية في العاصمة الإدارية الجديدة، بينما يقترب الدين الخارجي من تجاوز 119 مليار دولار. 

وتوقع صندوق النقد، ارتفاع الديون الخارجية إلى 126.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، ثم إلى 127.3 مليار دولار في نهاية يونيو/ حزيران 2022، بينما كانت تبلغ لدى وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو/حزيران 2014 نحو 46 مليار دولار.

كما تظهر أحدث بيانات البنك المركزي ارتفاع الديون المحلية أيضا إلى نحو 4.18 تريليونات جنيه، بنهاية سبتمبر/ أيلول 2019، بينما كانت تبلغ نحو 1.8 تريليون جنيه لدى تولي السيسي.

وقال وزير المالية، فى لقاء مع فيرا سونج واي، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة عبر تقنية "الفيديو كونفرانس"، وفق بيان للوزارة، اليوم السبت، إن مصر تدعم المقترحات المرتبطة بمساندة دول مجموعة العشرين والدول الكبرى للدول الأفريقية، التي تأثرت اقتصاداتها بالتداعيات الحتمية لأزمة كورونا.

ودعا إلى دراسة تخفيف أعباء الديون المستحقة، سواء بإعادة الجدولة أو التأجيل أو الإعفاء، بالتنسيق مع المؤسسات المالية الإقليمية والدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الإسلامى للتنمية، والبنك الأفريقى للتنمية، والبنك الدولي، إضافة إلى المانحين من الدول الصناعية الكبرى.

واعتبر أن "الحكومة نجحت في احتواء تداعيات أزمة كورونا، حيث أتاحت الإصلاحات التي اتخذتها القيادة السياسية، وساندها الشعب خلال السنوات الماضية قدراً من الصلابة للاقتصاد القومي يمكنه من التفاعل مع التحديات والصدمات الداخلية والخارجية".

وتطبّق مصر منذ إبرام اتفاقها الأول مع صندوق النقد الدولي في 2016 لاقتراض 12 مليار دولار، إجراءات مؤلمة للفقراء ومحدودي الدخل، حيث جرى تعويم الجنيه (تحرير سعر الصرف) أمام العملات الأجنبية، ما أدى إلى تهاوي العملة الوطنية بأكثر من 100% مقابل الدولار الأميركي، وموجة غلاء قفزت خلالها أسعار السلع والخدمات.

وقفزت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة في نحو خمسين عاماً، متجاوزة 35%، في يوليو/ تموز 2017، قبل أن تتراجع بحسب البيانات الحكومية بشكل تدريجي منذ ذلك التاريخ، رغم الاستمرار في رفع أسعار الوقود والكهرباء والغاز والنقل الجماعي، وتقليص الدعم السلعي.

ويتفاخر السيسي بتشييد الجسور والطرق ومنشآت خرسانية في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث كان قد وعد قبل عام بأن يرى المصريون "بلد تانية خلال 2020".

لكن المصريين دخلوا هذا العام بصعوبات معيشية أكثر قسوة، تزايدت حدتها مع التداعيات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا الجديد في البلد الذي يعاني من تردي الخدمات الصحية في المستشفيات العامة وجشع الكيانات الخاصة.

ووفق دراسة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في 20 يونيو/ حزيران الماضي، تحت عنوان "أثر فيروس كورونا على الأسر المصرية"، فإنّ 50.1% من الأسر المصرية أضحت تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات من الأصدقاء والأقارب لتغطية احتياجاتها المعيشية منذ بدء أزمة كورونا في البلاد، نهاية فبراير/ شباط الماضي، التي لم يكن الوضع قبلها أفضل كثيراً وفق خبراء اقتصاد.

وأشارت البيانات إلى أنّ 73.5% من المصريين المشتغلين انخفضت دخولهم بسبب تداعيات جائحة كورونا، لافتة إلى أن نحو 90% من المصريين خفضوا استهلاكهم من اللحوم والفاكهة، و36% خفضوا كميات الطعام، ونحو 20% قللوا عدد الوجبات، ونحو 92% لجأوا إلى الطعام الرخيص، وذلك لانخفاض الدخل.

ورغم الضائقة المعيشية لأغلب المصريين، طبقت الحكومة بحلول يوليو/ تموز الماضي زيادة جديدة على أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي، تصل نسبتها إلى 30%، لتعد ‏بذلك سابع زيادة في الأسعار منذ وصول السيسي الذي رفع الأسعار بنحو 660%.

كذلك صدّق السيسي على فرض رسوم على مبيعات البنزين بأنواعه والسولار والتبغ والمحمول، من أجل زيادة العائدات المالية للحكومة التي أضحت تعتمد بنسبة تصل إلى 80% على الضرائب، وفق الأرقام الصادرة عن وزارة المالية.

وقبل أيام، لاحقت الحكومة المصريين في مختلف أنحاء البلاد لإجبارهم على دفع مبالغ مالية ضخمة، اعتبرت أنها مقابل التصالح مع الدولة، بسبب مخالفات البناء التي جرت على مدار سنوات ماضية، قد يصل عمرها إلى نحو نصف قرن.

وهدد السيسي بإنزال الجيش إلى القرى في جميع أنحاء مصر "لإبادة المباني" التي وصفها بالمخالفة. ويبدو أنّ الرئيس المصري لن يكتفي بهذه الخطوة لتحصيل مليارات الجنيهات من المواطنين، حيث قال، لدى افتتاحه عدداً من المشروعات، الاثنين الماضي: "نحتاج تريليونات كتير قوي" لتنفيذ مشاريع يشكك الكثير من المصريين في جدواها واستفادتهم منها.

وفي التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري، كشف محافظ البنك المركزي المصري، طارق عامر، أن إجمالي التدفقات النقدية الدولارية التي جاءت إلى مصر، على مدار 6 سنوات، منذ وصول السيسي إلى الحكم، بلغت 431 مليار دولار، ما دعا محللين اقتصاديين إلى اتهام السيسي بإهدار الأموال في مشروعات تفتقد إلى الجدوى الاقتصادية  وإغراق البلد في ديون غير مسبوقة.